القاهرة، 2 يوليو/تموز (إفي): بينما ينهمك الرئيس محمد مرسي ومساعدوه في البحث عن مخرج للأزمة التي حولت مصر الى جبهتين تحشد كل منهما ضد الأخرى، بدى ان الضربات تتوالى على النظام ذو المرجعية الاسلامية، بعد اعلان عدد من مستشاريه ووزراء حكومته استقالاتهم، وسط استعدادات للجيش، ودعوات مؤيدي الرئيس لعدم التخلي عن "المشروع الاسلامي".
ومع اقتراب المهلة التي حددتها القيادة العامة للقوات المسلحة بـ48 ساعة من نهايتها، وتعالي هتافات المعارضين المطالبة برحيل الرئيس، توالت الانباء حول تأكد استقالة عدد من اعضاء مجلش الشورى، ثم خمس وزراء من حكومة رئيس الوزراء هشام قنديل، تبعهتا استقالة المتحدث باسم الحكومة، وأخيرا طلب المتحدثين باسم رئاسة الجمهورية انهاء انتدابهما.
وتزامنت آخر تلك الانباء مع حكم اصدرته اليوم محكمة النقض بالغاء قرار مرسي في نوفمبر/تشرين ثان الماضي باقالة المستشار عبد المجيد محمود من منصب النائب العام وتعيين المستشار طلعت عبد الله بدلا منه، وهو من بين القرارات الرئاسية التي كانت قد زادت الموقف اشتعالا بين السلطة القضائية والمعارضة من ناحية والرئيس من ناحية اخرى.
وكما يتسارع سقوط الاوراق من بين يدي الرئيس، تتسارع أيضا استعدادات القوات المسلحة لتأمين المصالح الحيوية والاشراف على مرحلة مقبلة من "الربيع المصري" غير محددة المعالم حتى الآن، بانتظار قرارات حاسمة لمرسي قبل نهاية المهلة.
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة قد حذرت بعد عصر الاثنين من انها ستضع خارطة طريق تشرف على تنفيذها للخروج من حالة الانقسام السياسي، اذا لم يتم "الاستجابة لمطالب الشعب" خلال مدة لا تتجاوز 48 ساعة، مؤكدة انها "لن تكون طرفا في دائرة السياسة أو الحكم"، وان بيانها لا يعني انقلابا بأي حال.
كما أشارت مصادر عسكرية الى اتخاذ كافة الاستعدادات اللازمة لتأمين المتظاهرين السلميين، والانحياز لـ"إرادة الشعب"، في إشارة للاحتجاجات المليونية التي انطلقت الأحد 30 يونيو/حزيران، مطالبة بتخلي الرئيس عن الحكم بعد اتهامه بـ"الفشل" اقتصاديا وسياسيا، والعمل لصالح تمكين جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمى لها، واقصاء المعارضين.
وأكدت المصادر على استعداد القوات المسلحة لمواجهة اية جماعات أو عناصر مسلحة تحاول مهاجمة المتظاهرين السلميين، في الوقت الذي اذاعت فيه وسائل اعلام محلية تدريبات لعناصر من فرق الصاعقة خارج المعسكرات في إشارة لتلك الاستعدادات.
وتزامنت تلك الاستعدادات مع دعوات للحشد أطلقها عدد من رموز تيار الاسلام السياسي، من بينها جماعة الاخوان المسلمين، تطالب مؤيديها بعدم السماح بالمساس بالرئيس، والدفاع عن "المشروع الاسلامي"، وصلت في بعض الاوقات الى حد الدعوة للجهاد و"الموت".
وبينما قالت مصادر محلية ان بعض رموز جماعة الاخوان أو القريبين منها تم وضع اسمائهم بالفعل على قوائم الممنوعين من السفر، أكد احد اعضاء الجماعة لـ"إفي" ان الدعوة للـ"نفير" العام حقيقية، وان إجبار الرئيس على الاستقالة "دونه الرقاب"، مذكرا بـ"حلم إقامة الدولة الاسلامية" الذي داعب افكار الجماعات الاسلامية على مدار عقود، ودفع بعضها لحمل السلاح، وتكفير المجتمع المصري، خلال حقبة الثمانينات والتسعينات.
ومع تزايد اعداد المتظاهرين من الفريقين، وتزايد المخاوف من اشتباك على نطاق واسع، تتوارد المبادرات من قبل بعض الرموز السياسية للخروج من الأزمة، تتمحور غالبيتها حول تشكيل حكومة انتقالية وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد.
وفي حين لم يخرج الرئيس للحديث لمؤيديه أو معارضيه حتى الآن، تسربت بعض الانباء حول استعداد حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان المسلمين لقبول اقالة حكومة هشام قنديل، التي يتهمها غالبية المصريين بالفشل، وتعديل الدستور المنتقد من قبل المعارضة، بشرط استمرار مرسي حتى نهاية مدة رئاسته في 2016.
من جانب آخر، تستمر الضغوط الدولية على الرئيس للاستجابة لمطالب المعارضة، حيث عبر الرئيس الامريكي باراك أوباما لنظيره المصري عن قلقه من الوضع، مشددا على ضرورة الاستماع لجميع المصريين وايجاد حل سياسي للأزمة الحالية، ومؤكدا على ان الولايات المتحدة "لا تدعم حزب أو جماعة بعينها"، حسب بيان للبيت الابيض.
كما نسبت قناة "سي ان ان" لمسئول امريكي كبير قوله ان حكومة الولايات المتحدة حثت الرئيس مرسي على الدعوة لانتخابات مبكرة، في حين حذرت القوات المسلحة من الانقلاب، فيما استمرت تحذيرات دول غربية لرعاياها من السفر لمصر، بينما قررت كندا اغلاق سفارتها بالقاهرة لأسباب أمنية. (إفي)