أفاقت الأسواق المالية اليوم من الحلم الجميل الذي سيطر على الأجواء خلال الأيام الماضية بقرب حل أزمة الديون السيادية و عودة الاقتصاديات العالمية للمسار الصحيح، إذ قامت ألمانيا أمس بمحاولة إيقاظ المستثمرين بتصريح بأن القمة القادمة للاتحاد الأوروبي لن تضع حل نهائي لأزمة الديون الأوروبية حسب آمال العديدين، هذا وقد استمر التشاؤم اليوم بعد أن أكدت البيانات الصينية تباطؤ وتيرة النمو خلال الربع الثالث بأسوأ وتيرة منذ أكثر من عامين، و أخيرا مع بيانات التضخم البريطانية التي ارتفعت مقتربة من المستويات القياسية التي سجلتها في أيلول 2008.
بدأ التشاؤم بالتفشي في الأسواق المالية أمس شيئا فشيئا بعد أن صرح المتحدث الرسمي بأسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه لن يقوم قادة الاتحاد الأوروبي بتقديم أية حلول جذرية لأزمة منطقة اليورو السيادية و التي يحاول صناع القرار الدوليين الضغط على القادة الأوروبيين لوضع حلول جذرية و فعالة للمنطقة.
يأتي هذه التصريحات بعد الآمال الكبيرة التي تناقلت بالأسواق عُقب قيام وزراء مالية المجموعة العشرين بإعطاء قادة الاتحاد الأوروبي ليوم 23 من الشهر الجاري كفرصة أخيرة لوضع خطة شاملة لحل الأزمة الأوروبية في قمة الأزمة الأوروبية التي ستُعقد يومها و التي من المتوقع أن تطرح حلول للأزمة الأوروبية و خطة لإعادة رسملة البنوك الأوروبية.
أكملت الأسواق المالية صباح هذا اليوم مسيرة الهبوط نحو الأسفل بعد أن أظهرت بيانات النمو الصينية تباطؤ وتيرة النمو خلال الربع الثالث بأبطأ وتيرة منذ 2009 مسجلا الناتج المحلي الإجمالي نمو عند 9.1% من السابق 9.5% وسط تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي و تفاقم أزمة الديون السيادية في القارة الأوروبية، أن هذا التباطؤ سيكون له الأثر السلبي على مسيرة الانتعاش الاقتصادي العالمي، فالاقتصاديات العالمية تعلق آمال كبيرة على الاقتصاد الصيني لانتشال الاقتصاديات العالمية العملاقة من المرحلة الراهنة.
زادت حده التشاؤم في الأسواق بعد أن أكدت البيانات البريطانية ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهر الماضي مقتربة من أعلى مستويات قياسية سجلها المؤشر في أيلول 2008، وهذا ما ينطبق مع توقعات البنك المركزي البريطاني ، فقد أكد محافظ البنك المركزي ميرفن كينغ في وقت سابق هذا الشهر بأن معدلات التضخم البريطانية سوف ترتفع بشكل حاد في أيلول مع توقعات بمعاودة انخفاضها بشكل كبير في 2012.
صدرت القراءة الفعلية لمؤشر أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة خلال أيلول ليسجل 0.6% مقارنة بالتوقعات 0.4% و جاءت القراءة الفعلية مطابقة للقراءة السابقة عند 0.6%, أما عن القراءة السنوية فقد سجلت 5.2% مقارنة بالتوقعات 4.9% في حين أن القراءة السابقة كانت 4.5%, و سجلت القراءة السنوية الجوهرية 3.3% من السابق 3.1% في حين كانت التوقعات 3.2%.
سجل مؤشر أسعار مبيعات التجزئة خلال أيلول أيضاً 0.8% مقارنة بالقراءة السابقة 0.6% في حين كانت التوقعات 0.4%, أما عن القراءة السنوية فقد سجلت 5.6% مقارنة مع التوقعات 5.3% في حين أن القراءة السابقة 5.2%, و بلغت قراءة المؤشر السنوية باستثناء دفعات القروض 5.7% مقارنة بالتوقعات 5.4% و هو أعلى من القراءة السابقة التي كانت عند 5.3%.
بالنظر إلى مكونات مؤشر أسعار المستهلكين البريطاني ، نرى بأن أسعار الأغذية و السجائر قد ارتفعت بنسبة 8.3% من 8.1% على المستوى السنوي، أما عن أسعار المنتجات البترولية و النفطية قد ارتفعت بنسبة 18.8% من 17.7% ، و أسعار المنتجات المرتبطة بالمنافع قد ارتفعت بأسرع وتيرة بنسبة 10.8% من 5.0%.
قام البنك المركزي الأوروبي في السادس من الشهر الجاري بتثبيت سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.5% و قام بتوسيع برنامج شراء الأصول بقيمة 75 مليار جنيه و هذا ما سيكون له الأثر التصاعدي الأكبر على معدلات التضخم في البلاد بشكل كبير خلال الفترة القادمة، على الرغم من الهدف الأساسي من توسيع هذا البرنامج هو دعم مستويات النمو المتباطئة في البلاد التي تباطأت لمستويات 0.1% خلال الربع الثالث من العام الجاري.
أخيرا، مع بيانات الثقة الأوروبية التي انخفضت في منطقة اليورو و ألمانيا بشكل حاد جدا مع سيطرة النظرة المتشائمة للمستثمرين نحو الاقتصاديات الأوروبية وسط تفاقم أزمة الديون الأوروبية و عدم قدرة صانعي القرار في المنطقة بوضع حل جذري للمسألة أضاف لذلك التأجيل و المماطلة المستمرة من القادة الأوروبيين لوضع حد لمسألة إفلاس اليونان و انتشار الأزمة الأوروبية إلى بلدان أوروبية أخرى.
تتعلق الآمال في الأسواق على قمة قادة الاتحاد الأوروبي في الثالث و العشرين من الشهر الجاري خاصة بعد قيام وزراء مالية المجموعة العشرين بإعطاء قادة الاتحاد الأوروبي مهلة أسبوع واحد كفرصة أخيرة لوضع خطة شاملة لحل الأزمة الأوروبية في قمة الأزمة الأوروبية التي ستُعقد يومها و التي من المتوقع أن تطرح حلول للأزمة الأوروبية و خطة لإعادة رسملة البنوك الأوروبية.