من مايكل جورجي
القيارة (العراق) (رويترز) - يحكي علي يونس وقد جلس على كرسي متهالك في مدرسة تحتمي فيها مئات الأسر التي هربت من تنظيم الدولة الإسلامية جنوبي الموصل كيف فقد أشقاءه الاربعة وشقيقاته الخمس.
ويقول علي (20 عاما) عن الدولة الإسلامية التي كانت تحكم قريته حتى الأسبوع الماضي "علمت أنهم حاولوا أن يتخذوا من أحد أشقائي درعا بشرية."
وأضاف قائلا عن المأساة التي روتها له أمه "وعندما قاوم قتلوه رميا بالرصاص. لكن شقيقا آخر قتل أيضا عندما حاول أن يحول دون قتله."
"وبعد ذلك قتل شقيق آخر عندما حاول أن يحضن الشقيق الذي قتل بالرصاص وحدث الشيء ذاته وقتلوا جميعا بالرصاص."
ولم يتوقف المتشددون عند هذا الحد.. فقد خطفوا أيضا شقيقاته الخمس.
وحدث هذا قرب الموصل آخر مدينة كبيرة يسيطر عليها التنظيم في العراق وتسعى القوات العراقية الآن لاستعادتها بدعم جوي وبري من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ويقول علي إنه عضو في فصيل عشائري مسلح يدعم هجوم الحكومة على الموصل. وتؤكد روايته أن الدولة الإسلامية تلجأ لأسلوب يخشاه معظم السكان والقوات المهاجمة والمنظمات الإنسانية: الدروع البشرية.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين يوم الجمعة إن متشددي التنظيم اقتادوا 550 عائلة من قرى حول مدينة الموصل العراقية ويحتجزونهم قرب مواقع للدولة الإسلامية في المدينة لاستخدامهم كدروع بشرية على الأرجح.
ولا يشغل علي نفسه كثيرا هذه الأيام بالتفكير فيما إذا كان هجوم الموصل سينجح في تخليص البلاد من الدولة الإسلامية وتحقيق الوحدة بين العراقيين المنقسمين على أسس طائفية أبرزها السنة والشيعة.
ويقول "كل ما أريده هو أن أعثر على أعضاء داعش وأقطع رؤوسهم" في إشارة الى الاسم المختصر لتنظيم الدولة الإسلامية.
وأثناء حديثه روت بضع نساء منتقبات قصصا مشابهة. وتذكرت ثيبان سليمان علي كيف أخذ التنظيم شقيقيها واثنين من أعمامها وعشرة من افراد عائلتها رهائن.
وتقول "خطفت داعش 16 من أفراد عائلتي لاستخدامهم كدروع بشرية أو رهائن... ونسفوا أيضا بعضا من منازلنا."
وتفحص قوات الأمن العراقية هويات مئات الأشخاص الذين تجمعوا في المدرسة ببلدة القيارة التي تسيطر عليها الحكومة على بعد 60 كيلومترا من الموصل للتأكد من أنه لا يوجد بينهم مقاتلون متنكرون من الدولة الإسلامية.
* مشتبه بهم
كان أربعة من مثل هؤلاء المشتبه بهم راكعين ووجوههم في مواجهة الحائط وقد قيدت أيديهم بأصفاد بلاستيكية خلف ظهورهم.
ووقف الاخرون وسط التراب والحصى وهم يحاولون استيعاب الفوضى التي اجتاحت حياتهم.
وينقل من يتم التأكد من شخصياتهم إلى مخيم للنازحين على بعد عشرين دقيقة بالسيارة.
وعلى مقربة يقع مبنى مهجور مترامي الأطراف يقول مسؤولون محليون إنه كان يستخدم مصنعا لإنتاج القنابل من جانب المتشددين الذين كانوا يسيطرون على المنطقة حتى أغسطس آب.
ويقول سمير محمد وهو مسؤول محلي "انظروا حولكم لتروا عدد المباني التي تم تفجيرها."
ويقول مسؤولون عراقيون إن معركة الموصل قد يكون فيها نجاح العراق أو إخفاقه تبعا للطريقة التي سيتعامل بها زعماء البلاد مع التوترات الطائفية.
وهناك قلق من أن تتسبب هزيمة الدولة الإسلامية في تأجيج العنف الطائفي والعرقي مرة أخرى بسبب الرغبة في الانتقام للفظائع التي ارتكبت بحق أقليات.
ويسكن محافظة نينوى خليط من الجماعات العرقية والدينية مثل العرب والتركمان والأكراد واليزيديين والمسيحيين والسنة والشيعة. ويشكل العرب السنة الغالبية الساحقة بين السكان.
وعمرة علي مثال لكيفية انخراط الدولة الإسلامية في خطف واحتجاز رهائن حتى قبل بدء معركة الموصل يوم الاثنين.
واحتجز التنظيم المرأة البالغة من العمر 30 عاما وهي ربة منزل قبل أربعة أشهر لأن زوجها عضو في فصيل شيعي مسلح يقود المعركة ضد التنظيم.
وتقول عمرة التي قضت 40 يوما في الأسر "قالوا لي عندما سجنت في منزل حولوه إلى سجن إنهم سيحتفظون بي حتى يسلم زوجي نفسه."
وتابعت قائلة "عندما لم يستسلم.. أخذوني إلى واحدة من محاكمهم الإسلامية وأعلنوا طلاقي منه."
وتقول كوثر عبد اللطيف وهي زوجة أخرى في الثلاثينات من عمرها إنه رغم أن الدولة الإسلامية رحلت عن قريتها فإنها لا تريد العودة وستظل في مخيم النازحين.
وقالت "يمكن أن يعودوا في أي وقت وتوجد قنابل كثيرة هناك. أتمنى أن تتحسن حياتنا بعد استعادة الموصل."
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي)