محمد أنور.
القاهرة، 31 يناير/كانون ثان (إفي): تواصلت احتجاجات آلاف المصريين في القاهرة وغيرها من المدن في يومها السابع، وسط دعوات لتنظيم مظاهرات واسعة النطاق غدا الثلاثاء، على الرغم من القرارات التي اتخذها الرئيس حسني مبارك لتهدئه الأوضاع، وعلى رأسها تشكيل حكومة جديدة أدى أعضاءها اليوم اليمين الدستورية أمامه اليوم.
وتركزت المظاهرات اليوم في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية، الذي تحول إلى قبلة للمحتجين على نظام الرئيس مبارك من كافة مناطق القاهرة ومدن مصرية أخرى، رغم قرار حظر التجول الذي يطبق لليوم الرابع على التوالي.
وتنتشر المدرعات العسكرية على مداخل ميدان التحرير، منذ نزول الجيش إلى الشوارع بعد الغياب الكامل للشرطة عقب مواجهات ما أطلق عليها "جمعة الغضب"، ويكتفى جنوده بمطالبة المواطنين بإظهار بطاقات الهوية للسماح لهم بالإنضمام للمظاهرات وسط تعاون كبير من قبل المواطنين.
أما في وسط الميدان، فيواصل المتظاهرون ترديد الهتافات المناوئة لنظام الرئيس مبارك، والرافضة للقرارات التي اتخذها بتعيين نائب للرئيس وتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة أحمد نظيف التي استقالت بناء على طلبه، فيما يرفع العديد منهم لافتات تطالب الرئيس بالتنحي، من بينها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"الشعب المصري قادم".
وقال أحد المتظاهرين، ويدعى محمد جودة -25 عاما- إنه تخرج من كلية الحقوق ولم يتمكن من الحصول على فرصة عمل، مضيفا "إنني أبحث عن كرامتي وأرغب في حياة كريمة. ولن أرحل إلا بسقوط النظام"، في رفض للدعوات التي أطلقها مؤخرا عدد من رجال الدين والسياسة والفن بالتهدئة.
وبخلاف التظاهرات، رصدت (إفي) مجموعات من الفتيات والشباب تجوب الميدان لتنظيف الشوارع وجمع القمامة في منطقة جانبيه وضعوا عليها لافته "هنا يرقد الحزب الوطني" الحاكم، فيما تقوم مجموعات أخرى بتوزيع الأطعمة والمشروبات على المحتجين.
وبعيدا عن الميدان، شاهد مراسلو (إفي) عودة انتشار لأفراد الشرطة في بعض مناطق القاهرة، وسط استقبال "حذر" من الأهالي لأفرادها، بعد انسحابهم شبه الكامل يوم الجمعة الماضي، وتردد أنباء حول اعتقال بعض عناصر الشرطة السرية أثناء قيامهم بأعمال سلب ونهب.
وانتشرت أكوام القمامة في شوارع عديدة بالعاصمة المصرية التي تواصل بها تعطل العديد من الأعمال الرسمية وبعض الأعمال الخاصة لليوم الثالث، من بينها البنوك والبورصة، ولم تعرف غير الاحتجاجات شأنها شأن مدن أخرى منذ الثلاثاء الماضي.
ورغم تأكيد السلطات على عدم حاجة البلاد لشراء كميات إضافية من القمح وإصرارها على وجود احتياطي يكفي حتى منتصف العام الحالي، إلا أن (إفي) رصدت تكدسا للمواطنين في طوابير أمام منافذ بيع الخبز، وكذلك الحال بالنسبة لمحطات التزود بالوقود، كما سجلت أسعار العديد من السلع الغذائية والنفط قفزة كبيرة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وكانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني قد خفضت أمس تصنيفها لديون مصر من مستوى Ba1 إلى مستوى Ba2، ونقلت التصنيف من "مستقر" إلى "سلبي" بسبب ما وصفته بـ"الخطر السياسي" الذي تمر به البلاد.
وقررت السلطات المصرية تعطيل العمل بالبورصة والبنوك غدا الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي، لتجنب وقوع المزيد من الفوضى مع وجود نيه لدى كثير من المواطنين لسحب ودائعهم من البنوك، بحسب مصادر مصرفية.
ولم تشل الاحتجاجات العديد من مصالح المصريين وحدهم، بل شملت الجاليات الأجنبية أيضا، وقررت بعض الحكومات مثل السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية أخرى البدء في سحب رعاياها، أما من قرر البقاء منهم فقرروا التأقلم مع الوضع الحالي.
في حي الزمالك الراقي بوسط العاصمة، حيث يتواجد عدد كبير من السفارات الأجنبية، شاهد مراسل (إفي) أفراد البعثة الدبلوماسية الروسية ينظفون الشارع ويجمعون القمامة أمام مقر إقامتهم في ظل غياب عمال النظافة.
وفي تصريحات لـ(إفي) قال سيرجي بونوناكينفو، أحد موظفي السفارة الروسية في القاهرة "كل شيء سيكون جيدا. القاهرة مدينة رائعة والمصريون رائعون"، مضيفا أن "بعض افراد شرطة المرور عادوا الى الشوارع اليوم، واعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الأمن خلال اليومين المقبلين".
ولا تزال مظاهر أعمال السلب والنهب والحرق التي تعرضت لها العديد من المتاجر في أماكن متفرقة من القاهرة واضحة ولم تظهر بعد مبادرات لمحو آثارها.
ففي شارع جامعة الدول العربية بمنطقة المهندسين، تعرضت ثلاثة طوابق بشركة الأسواق الحرة التي كانت تضم العديد من المتاجر للاحتراق بعد سلبها ونهبها.
وأمام المبنى، كان يقف عمر اسماعيل (27 عاما) ممسكا في يده عصا خشبية مع عدد من سكان المنطقة، وأكد أن المبنى شأنه شأن متاجر وبنوك مختلفة تعرض للتخريب والسرقة ليلتي السبت والأحد.
وأوضح أن الشباب في المنطقة قسموا أنفسهم لمجموعات تقف على مداخل الشوارع وتتحري هوية كل شخص غريب يحاول الدخول، مؤكدا على ضرورة العودة الكاملة للشرطة إلى شوارع المدينة لاعادة الاستقرار والهدوء.
ومن جانب أخر، أدى اليوم أعضاء الحكومة الجديدة برئاسة وزير الطيران المدني السابق أحمد شفيق اليمين الدستورية، وأحتفظ فيها وزراء الدفاع، المشير حسين طنطاوي، والخارجية أحمد أبو الغيط، والبترول سامح فهمي بحقائبهم.
وجاءت بعض الوجوه الجديده على رأس عدد من الوزرات مثل الداخلية التي تولاها اللواء محمود وجدي بدلا من اللواء حبيب العدلي، والمالية التي ترأسها سمير رضوان بدلا من يوسف بطرس غالي، والصحة التي تولاها أحمد سامح فهيم بدلا من حاتم الجبلي، فيما لم يتم بعد تسمية وزيري التعليم والسياحة. (إفي)