دوربان (جنوب أفريقيا)، 2 مارس/آذار (إفي): مائة يوم تفصل جنوب أفريقيا عن انطلاق بطولة كأس العالم 2010 ، العرس الكروي الكبير الذي نالت شرف تنظيمه للمرة الأولى في تاريخها وتاريخ القارة السمراء، لتصبح محط الأنظار ومركز العالم بأسره بعد أن كان ذكرها يرد فقط عند الحديث عن الأوضاع المأساوية.
وبالرغم من بدء العد التنازلي لانطلاق مونديال 2010 بالنسبة للكثيرين، إلا أن الوضع يختلف بالنسبة لشعب جنوب أفريقيا الذي يحصي الأيام وينتظر بلهفة رؤية هذا الحلم يتحقق على أرض الواقع منذ ستة أعوام.
وبات حلم المونديال يداعب شعب جنوب أفريقيا منذ إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فوز بلادهم بنتظيم المونديال في مايو/آيار 2004 ورفع رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا كأس البطولة وهو متحمس في زيورخ.
ومنذ عامين قال رئيس الفيفا جوزيف بلاتر لمانديلا إن حضوره وتكريس وقته لملف بلاده لتنظيم المونديال هو الذي جعل هذا الحلم يصبح حقيقة.
ويسعى مانديلا لأن يخرج العرس الكروي في أبهى صوره، وهو ما جعله يطالب رئيس جنوب أفريقيا الحالي جاكوب زوما بإشراك جميع أطياف الشعب في الاستعدادات للمونديال، مبينا "ينبغي علينا تحويل بطولة كأس العالم إلى نجاح كبير".
وبعد ستة أعوام من العمل الشاق استعدادا للمونديال، لم يتبق الكثير من الوقت لتقديم النصح الكافي للسكان، ولكن ينبغي تحقيق أمرين الأول: اقناع مواطني جنوب أفريقيا بأن المونديال شأن يخصهم جميعا من جانب، واقناع الأجانب بأن من يسافر إلى جنوب أفريقيا ليس مصابا بالجنون او عقله مغيب كي يقدم على تلك الخطوة في ظل المخاوف من الأوضاع الأمنية للبلاد.
وكان جيروم فالك سكرتير عام الفيفا قد طالب أواخر يناير/كانون ثان الماضي، بعدم الحكم على مونديال 2010 بالفشل قبل بدايته بعد الانتقادات اللاذعة التي انهالت على الفيفا بسبب قرار إسناد تنظيم البطولة للبلد الأفريقي.
وبعد ما ترد في وسائل الإعلام الأجنبية حول انعدام الأمن بجنوب أفريقيا قال جيروم "لا تقتلوا المونديال قبل بدايته، لا أعرف لم كل هذا الهجوم، بالرغم من أن البطولة لم تنطلق بعد".
وفي ظل تلك الاتهامات ينبغي على جنوب أفريقيا أن تقدم برهانا عمليا يدلل على استعدادها لتوفير الأمن لجميع المشاركين والمشجعين الذين سيتوافدوا عليها خلال إقامة البطولة.
وكان داني جوردان المدير التنفيذي الحالي للجنة المنظمة لمونديال 2010 بجنوب أفريقيا، قد أكد استعداد بلاده من الناحية الأمنية للمونديال، مبينا أن اغتيال نحو 50 شخصا يوميا في البلاد لا يشكل سوى شأن عارض لا يجب أن يؤثر على المشجعين الأجانب.
وأوضح أنه في حالة التزام الجميع بتعليمات السلطات وامتلاك الوعي الكافي، سينتهي الأمر بدون وقوع أي مشكلات.
واستثمرت جنوب أفريقيا نحو 300 مليون دولار في مجال الأمن والتعاقد مع عناصر الشرطة وتدريبهم على الوجه اللازم.
ويضاف إلى تلك الجهود طموح زوما في أن يجعل من المونديال حدثا للجميع كما حدث في بطولة العالم للراجبي ام 1995 التي فازت بها جنوب أفريقيا.
وتبقى المخاوف من أن تكون تلك الروح الوطنية مؤقتة، فالطابع العنصري الذي يصبغ السياسة والاقتصاد وحتى طريقة العيش في جنوب أفريقيا، ينطبق أيضا على الرياضة: فكرة القدم هواية السود، أما البيض فيميل معظمهم إلى رياضتي الراجبي والكريكت.
وبالرغم من انتشار اللافتات الإعلانية في مختلف أنحاء جنوب أفريقيا للترويج للمونديال، إلا أن الكثيرين من سكان الدولة الأفريقية لن يتمكنوا من حضور مباريات البطولة نظرا لوضعهم الاقتصادي في بلد تبعث فيها الهوة بين الأغنياء والفقراء على الخوف.
فقبل 100 يوم على المونديال مازال هناك 800 ألف تذكرة لم يتم بيعها، وهو ما أدى إلى البحث عن طرق آخرى لبيعها، حيث تعهدت شركة كوكاكولا بإهداء 120 ألف تذكرة كما تنظم وسائل الإعلام المحلية مسابقات جوائزها عبارة عن تذاكر مجانية للبطولة، فيما اضطرت الفيفا لعمل درجات مختلفة من التذاكر لكي تتيح عرض تذاكر رخيصة الثمن.
بخلاف ما سبق، أنهت جنوب أفريقيا جميع الاستعدادت للمونديال وهو ما كلفها نفقات تقدر بأربعة مليارات دولار لتنظيم الحدث وتشييد المنشآت اللازمة.
وباتت جنوب أفريقيا تملك بضعة من أجمل استادات كرة القدم في مختلف أنحاء المعمورة، مثل استاد سوكر سيتي الذي جرى تصميمه على هيئة إناء الطبخ الأفريقي، ويتسع لـ94 ألف متفرج مما يجعل منه أحد أكبر الملاعب بالعالم.
يقع استاد "سوكر سيتي" بحي سويتو على أطراف مدينة جوهانسبرج، وسيستضيف المباراة الافتتاحية لمونديال 2010 التي ستقام بين جنوب أفريقيا والمكسيك في 11 يونيو/حزيران المقبل، والمباراة الختامية للبطولة نفسها في 11 يوليو/تموز المقبل. (إفي)