القاهرة، 24 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): أكد الروائي المصري علاء الأسواني أنه لا يوجد أدب ملتزم وآخر غير ملتزم، فصياغة الرواية مثل "التجربة العاطفية لا يمكن للمرء منع نفسه من خوضها"، و"فكرة أي عمل كامنة داخل الكاتب ودوره هو إخراجها".
جاء ذلك في ندوة أقيمت مساء الاثنين في معهد ثربانتس (المركز الثقافي الإسباني) بالقاهرة، وشارك فيها الروائي المصري بجانب مدير معهد ثربانتس بالقاهرة والإسكندرية لويس خابيير رويث، وعدد من أساتذة الجامعات المصرية.
تأتي تلك الندوة في إطار سلسلة اللقاءات التي ينظمها معهد ثربانتس تحت عنوان "لقاءات أدبية مصرية-إسبانية".
افتتح الندوة مدير معهد ثربانتس الذي أشاد بدور الأسواني في فتح الباب أمام ظهور نوع آخر من الأدب ودفع كتاب آخرين للإقدام على الكتابة ليصدر في مصر العام الماضي 250 عملا أدبيا، كما أنه قدم منظورا جديدا حول العالم العربي على الرغم من قلة إنتاجه.
وخلال حديثه قال الأسواني إن بساطة أسلوب الرواية لا يعني أنها سطحية ولكن الكاتب المتمكن من لغته هو الذي يمكنه التعبير عن أفكاره ببساطة ووضوح، موضحا أن الأدب موهبة فطرية وأن الزمن والقراء والنقاد هم من يحددون العمل الخالد.
وعند سؤاله عن عمله كطبيب قال إنه كان يحلم منذ الصغر أن يصبح كاتبا ولكن والده نصحه بالبحث عن مهنة أخرى ليتمكن من تحمل نفقات الحياة لأن الأدب لا يدر دخلا مثل باقي المهن.
وأوضح أنه اختار طب الأسنان لأنه التخصص الوحيد في الطب الذي لا توجد به حالات طارئة مثل باقي التخصصات، مبرزا أهمية اتصال الأديب المباشر بالناس وأن الطب والأدب اهتمامهما واحد وهو الإنسان.
وصرح بأنه درس اللغة الإسبانية في معهد ثربانتس على مدار عامين وحصل على منحة لدراسة الأدب والثقافة في إسبانيا وهو ما فتح الباب أمامه للتعرف على ثقافات جديدة.
وقال إن إسبانيا من أجمل بلاد العالم كما أن شعبها ينظر للحياة بطريقة مختلفة ويتقبل ثقافة الآخر.
وأبدى إعجابه الشديد بالكاتب الكولومبي الأشهر الحاصل على جائزة نوبل جابرييل جارسيا ماركيز، الذي حرر الرواية من النمطية، وجعل القارئ يستمتع بقراءة العمل الأدبي من جديد.
وأشار إلى أن قرائته للأدب بأربع لغات ساعده على إثراء فكره، مبرزا أهمية قراءة العمل بلغته الأصلية وأهمية القراءة في جميع المجالات للتعلم من تجارب الآخرين.
ورفض الأسواني مصطلح الأدب الملتزم لأنه لا يوجد أدب غير ملتزم، فدور الأدب هو الدفاع عن القيمة الإنسانية وإذا لم يحدث ذلك لا يمكن اعتباره أدبا من الأساس.
وقال إن الأدب لا يغير أوضاع المجتمع ولكنه يغير قراءه ويجعلهم أكثر تسامحا، كما أنه ليس وسيلة للحكم على البشر ولكنه يسعى لفهمهم وتقديم الوجه الآخر لهم وشرح النفس البشرية بكل تعقيداتها.
واستشهد بما حدث للكاتب الروسي العالمي فيودور دستويفسكي الذي زج به في السجن مع القتلة والمجرمين واضطر للعيش معهم ولكنه قدم للقراء في عمله "بيت الموتى" الجانب الإنساني لتلك الشخصيات.
وأشاد الكاتب المصري بالمرأة التي يرى أنها كائن فائق الحساسية وشديد الوضوح وأنها إذا منحت الثقة ستكون معطاءة إلى أقصى الحدود، مؤكدا أنه يتعامل مع المرأة بسهولة أكبر من تعامله مع الرجل وأن الحضارات تقاس بمعاملة المرأة.
وحول القضايا المطروحة على الساحة المصرية حاليا قال الأسواني إن ما حدث في الجزائر -في أحداث مباراة التأهيل لمونديال 2010- جريمة اعتداء مدبرة على كرامة المصريين وراءها النظام الجزائري ولا يمكن أن يمر بدون عقوبة، كما أن الجزائر يجب أن تتقدم باعتذار رسمي.
وأضاف: "آن الأوان لتتوقف إهانة المصريين في الخارج وأن يعلم الجميع أنه لن يكون هناك تسامح في حالة الاعتداء على المصريين".
وحول رفضه المشاركة في منتدى عن الثقافة النوبية قال إنه يدافع عن حق النوبيين في العودة إلى أراضيهم، ولكن المنتدى تم تمويله من الخارج وهو ما يثير تحفظاته كما أن بيانه الختامي لا يعبر عن حقوق النوبيين.
وحول الوضع السياسي في مصر أكد أنه ضد توريث السلطة، وأن أي مثقف مصري يتوجب عليه السعي وراء الإصلاح السياسي للبلاد، وما يحدث في مصر على صعيد الانتخابات أمر مؤسف، ولكن مازال هناك أملا في التغيير.
علاء الأسواني طبيب أسنان وأديب مصري، ولد في 26 مايو/آيار 1957 ، ويكتب مقالات أسبوعية وشهرية لعدد من الصحف المصرية والأجنبية.
وتمت ترجمة روايتاه "عمارة يعقوبيان" و"شيكاغو" إلى العديد من اللغات العالمية، كما حصل على جوائز أدبية عديدة مثل جائزة باشرحيل للرواية العربية، وجائزة كفافي من اليونان، والجائزة الكبرى للرواية في مهرجان تولون في فرنسا، وجائزة جريتراني كافور للرواية في مدينة تورينو الايطالية، وغيرها.(إفي)