بانكوك، 21 مايو/آيار (إفي): بدأت العاصمة التايلاندية بانكوك اليوم في استعادة طبيعتها وتداوي الجراح التي أصيبت بها جراء موجة العنف الناجمة عن الفجوة الاجتماعية التي احدثتها تداعيات الأزمة السياسية الطاحنة التي تمر بها البلاد منذ الإطاحة برئيس الوزراء السابق ثاكسين شيناواترا والتي تفاقمت منذ أكثر من شهرين مع بدء حلقة جديدة من مسلسل احتجاجات المناهضين للحكومة الحالية.
وأطلقت السلطات حملة تهدف إلى استعادة العاصمة الصورة التي كانت عليها قبل أن يعسكر المناهضون للحكومة أنصار شيناواترا المعروفون بأصحاب "القمصان الحمر" في قلبها التجاري لنحو ستة أسابيع قبل أن يتمكن الجيش من إجلائهم بالقوة.
وتقوم العشرات من الفرق التقنية بإصلاح شبكات الكهرباء التي طالتها أعمال التخريب التي اعقبت هجوم الجيش على معقل "القمصان الحمر" والتي تركت بصماتها بحرق عدد من مباني العاصمة.
وعن حركة المرور، قال احد عناصر شرطة العاصمة أنه سيتم فتح جميع الطرق غدا السبت، كما قام الجنود بإزالة جميع الحواجز التي كان "القمصان الحمر" قد وضعوها في معسكرهم، بينما تقوم خدمات النظافة بإزالة أطنان القمامة المتراكمة في الموقع.
ومن ناحية أخرى، بدأ رجال المطافئ في ضخ المياه على الهيكل المحترق لثاني أكبر مركز تجاري في جنوب شرقي آسيا.
ومن جانبه قال رئيس الوزراء التايلاندي أبهيست فيجاجيفا في خطاب تليفزيوني "يمكننا إصلاح الأضرار التي ألحقت بالبنية التحتية والمباني، ولكن أهم ما في الأمر هو مداواة الجروح واستعادة وحدة الشعب التايلاندى".
وكانت أعمال الشغب قد اندلعت في بانكوك منذ أن أعلن الجيش الاسبوع الماضي عن عملية عسكرية لفض معسكر المتظاهرين في الحي التجاري الرئيسي ببانكوك والذي تمكن من استرداده بالكامل الخميس من أيدى "القمصان الحمر" الذين احتلوه منذ قرابة ستة اسابيع، واضعا بذلك وبعد استسلام قادة المحتجين، نهاية للمظاهرات المناهضة للحكومة التي استمرت أكثر من شهرين.
وفي الوقت الذي هاجم فيه الجيش معقل "القمصان الحمر" في قلب العاصمة، قام المتظاهرون الأربعاء باضرام النيران في مبنى البورصة ومبنى القناة الثالثة بالتليفزيون المحلي، وثاني أكبر مركز تجاري في جنوب شرقي آسيا، كما اشعلوا النيران في 37 مبنى آخر، مما أدى إلى انتشار الدخان في سماء العاصمة التايلاندية.
وتسببت أعمال الشغب يومي الأربعاء والخميس التي اسفرت عن مصرع 15 شخصا وإصابة أكثر من 400 آخرين، إلى جانب أربعة أعوام من الأزمة السياسية في كشف انقسام الشعب التايلاندي الذي كان مخبأ وراء ابتسامة في محاولة لمعالجة المشاكل بهدوء.
ويعترف المواطنون التايلانديون أن الأحداث الأخيرة زادت من الانقسام والعداوة بين الطبقات الاجتماعية التي تصارع من اجل السلطة وكذلك الخلافات بين السياسيين.
وفي خطابه، اعترف فيجاجيفا أنه سيكون أمام تايلاند تحديات هائلة لتصحيح هذا الانقسام، داعيا إلى الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي.
وللتوصل لتحقيق هذا، اقترح رئيس الوزراء بدء تنفيذ خطة المصالحة التي عرضت من قبل على "القمصان الحمر" من أجل وضع نهاية لاحتجاجاتهم.
وأشار إلى أن الخطة تقوم على مبادئ المشاركة والديمقراطية والعدالة.
وكانت الحكومة قد سحبت عرضها باجراء الانتخابات المبكرة في 14 نوفمبر/تشرين ثان القادم بعد أن قرر قادة "القمصان الحمر" الذين تم اعتقال غالبيتهم الآن، مواصلة الاحتجاجات.
ومن جانبه دعا رئيس الوزراء التايلاندي المخلوع شيناواترا اليوم إلى حوار سياسي جديد "عادل" لحل الأزمة الناجمة عن الاحتجاجات في العاصمة بانكوك والتي راح ضحيتها منذ أكثر من شهرين 84 شخصا على الأقل.
وقال شيناواترا في بيان "تايلاند اليوم في حالة حداد، واضم صوتي لصوت جميع المواطنين للدعوة إلى الهدوء وتجنب العنف، كما ادين الأحداث التي قام بها هؤلاء الذين تصرفوا بانتهازيه لينشروا الدمار في بانكوك وهو الذي يتعارض مع قضية المتظاهرين".
وحمل رئيس الوزراء السابق، الذي يعتبر المنظم لاحتجاجات المتظاهرين المناهضين للحكومة الحالية والمعروفين بأصحاب "القمصان الحمر" من منفاه في دبي، مسئولية مصرع الكثيرين للانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن التي تسيطر عليها الحكومة التي انتقدها على وصفها "القمصان الحمر" بـ"الإرهابيين".
وكان أصحاب "القمصان الحمر" الموالون لشيناواترا قد بدأوا الاحتجاجات منتصف مارس/آذار الماضي، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء أبهيست فيجاجيفا وحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد.
وتشهد تايلاند أزمة سياسية حادة منذ الانقلاب الذي أطاح عام 2006 بشيناواترا بعد إدانته بالسجن لمدة عامين في قضية فساد عام 2008.
ويظهر اسم شيناواترا ضمن قائمة اعدتها الحكومة تضم 13 شركة و93 شخصا قاموا بتمويل احتجاجات "القمصان الحمر". (إفي)