الآمال تتعلق بالإنفاق الاستهلاكي وتحسين الأجور لتعزيز النمو
توقع خبراء الاقتصاد، اﻷسبوع الماضي، توقف نمو اقتصاد بريطانيا في الربع الثاني من 2019، بعد أن وضعت البيانات الاقتصادية الرسمية الأخيرة تكهنات بشأن ما إذا كانت المملكة المتحدة تتجه نحو ركود اقتصادي.
وأظهرت أحدث البيانات الصادرة شهرياً عن مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني، تسجيل الناتج المحلي الإجمالي انتعاشاً نسبته %0.3 فى مايو الماضي، مقارنة بانخفاض نسبته %0.4 في أبريل.
ولكنَّ هذا الانتعاش ترك الإنتاج في الربع السنوي الثاني عند مستويات أقل من المتوسط في الربع الأول.
وأفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، بأن هذه البيانات الحديثة تشير إلى ضعف مستويات نمو اقتصاد بريطانيا في النصف الأول من العام، ما يتطلب من بوريس جونسون أو جيريمي هنت، أياً كان رئيس وزراء بريطانيا الجديد منهما في يوليو الحالى، إضافة الركود الاقتصادي المحتمل إلى قائمة المخاوف الملحة.
ومن المتوقع أن تدور التساؤلات، فى الأشهر المقبلة، حول ما إذا كان التدهور الاقتصادي مستمراً أم أن موعد الانتعاش قد يحين قريباً. وكما هو الحال دائماً، يختلف الاقتصاديون في توقعاتهم.
فقال يائيل سيلفين، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «كيه. بى. إم. جى»، إن الصورة المتدهورة عبر صناعات الخدمات في المملكة المتحدة تثير قلقاً خاصاً، في حين توقع صامويل تومبس، الاقتصادي البريطاني لدى مؤسسة «بانثيون مايكرو إيكونوميكس»، أوقاتاً أفضل لاقتصاد بريطانيا في المستقبل، مع تسجيل نمو مدعوم بالإنفاق الاستهلاكي القوي. وفي الوقت نفسه، توقع المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، اﻷسبوع الماضي، تجنب اقتصاد بريطانيا بالكاد ركوداً تقنياً على مدى ربعين متتاليين من الانكماش، مع تسجيل نمو نسبته %0.2 فى الربع الثالث بعد انخفاض نسبته %0.1 فى الربع الثاني.
ومع ذلك، لم تضع بيانات الناتج المحلي الإجمالي، التي صدرت اﻷربعاء الماضي، حداً للجدال حول الآفاق الاقتصادية للمملكة المتحدة.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن ارتفاع الناتج الاقتصادي في مايو الماضي تأثر بشكل كبير باستعادة الإنتاج في مصانع السيارات، تماماً كما كان سبب انخفاض الناتج الاقتصادي في أبريل هو استجابة الشركات المصنعة للموعد النهائي المحدد لخروج بريطانيا من الاتحاد اﻷوروبي في 29 مارس الماضي، إذ تم تقديم موعد وقف أعمال الصيانة السنوية إلى ذلك الشهر.
الأهم من ذلك هو المراجعة التصاعدية للبيانات الاقتصادية لشهر مارس الماضي، التي أدت لتحسين التوقعات الاقتصادية للربع الثاني بأكمله، رغم أن هذا قد قوبل بدليل على وجود انخفاض أساسي في معدلات نمو نشاط قطاع الخدمات. فعندما قام مكتب الإحصاءات الوطنية بتعديل انخفاض الناتج الاقتصادي بنسبة %0.1 فى مارس الماضى إلى زيادة نسبتها %0.1، سلط ضوءاً إيجابياً على توقعات النمو الاقتصادى للربع الثانى.
وتشير البيانات إلى أن الناتج الاقتصادى للربع الثانى أقل من متوسط ناتج الربع اﻷول من العام حتى الآن، ولكن الانكماش الفصلى فى الربع الثانى لم يعد مؤكداً.
وأوضحت الصحيفة، أن أى انخفاض بسيط فى البيانات الاقتصادية الشهرية ليونيو الماضى قد يظهر انكماش النمو الاقتصادى فى الربع الثانى، فى حين سيظهر ارتفاع آخر بنسبة %0.3 نمواً إيجابياً بنسبة %0.1 للثلاثة أشهر بأكملها.
وإذا كانت أرقام النمو الاقتصادى تضم أخباراً جيدة، ستكشف التفاصيل وجود أخبار سيئة، ما يدل على ضعف أكثر من المتوقع فى قطاع الخدمات، الذى يمثل %80 من الاقتصاد، فقد تباطأ نمو قطاع الخدمات إلى %0.3 فى اﻷشهر الثلاثة حتى مايو، مقارنة باﻷشهر الثلاثة السابقة، بانخفاض عن ذروته البالغة %0.8 فى اﻷشهر الثلاثة حتى أغسطس الماضي، كما أن القطاع سجل ركوداً فى مايو.
وفي الوقت نفسه، تقلصت الأنشطة المالية والتأمينية بنسبة %0.7 فى الأشهر الثلاثة حتى مايو.
وأشار مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني، إلى أن هذا القطاع لم يشهد نمواً إيجابياً منذ الثلاثة أشهر المنتهية فى أبريل 2017، وهى أطول فترة على الإطلاق دون تسجيل أى زيادة.
ويبقى السؤال اﻷهم الآن يدور حول ما إذا كان اقتصاد المملكة المتحدة سيشهد عودة إلى معدلات النمو الطبيعية، أو ما إذا كانت الأسر والشركات ستستعد جيداً لمواجهة الاضطرابات السياسية المحتملة في فصل الخريف.
وتشير استطلاعات للرأى أجريت على الشركات والأسر إلى نظرة تشاؤمية، فاستطلاعات مؤشر مديري المشتريات في يونيو على وجه الخصوص تدل على اقتراب الاقتصاد من الركود.
وقال كريس ويليامسون، كبير خبراء الأعمال في «آي إتش إس ماركيت»، الذي ينتج بيانات مؤشر مديري المشتريات، إنه أصبح من الواضح بصورة متزايدة، أن صحة الأسس الاقتصادية بريطانيا آخذة فى التدهور أيضاً.
وأوضح أن الشركات تشير إلى أن عدم اليقين المتزايد بشأن خروج بريطانيا يزيد من المخاوف المتعلقة بتباطؤ النمو الاقتصادي الدولي، والحد من مستويات الإنفاق والاستثمار.
ومع ذلك، فإن معارضة فكرة الأوقات الصعبة قادمة تتمثل في البيانات التى تظهر أن دخل الأسر الحقيقي مستمر في الارتفاع، وأن معدلات التوظيف وصلت إلى مستويات قياسية، بجانب إدراك أنه نادراً ما يكون من الحكمة التنبؤ باختفاء المستهلك البريطاني.
وقال تومبس، الاقتصادي لدى «بانثيون مايكرو إيكونوميكس»، إنَّ الاقتصاد سيستفيد من النمو السريع في إنفاق المستهلكين، بالنظر إلى أن الأسر تتمتع حالياً بنمو قوي في الدخل الحقيقى المتاح.
وقال بول داليس، كبير الاقتصاديين لدى مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» البحثية، إنَّ بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني ستشير إلى أن الاقتصاد أضعف مما هو عليه بالفعل، تماماً كما أشارت بيانات الربع الأول إلى أنه كان أقوى مما كان عليه بالفعل، ولكن بما أن الحقيقة تكمن في مكان ما بالمنتصف، فمن المحتمل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا في الربع الثالث.
وإذا لم تتحسن التوقعات الاقتصادية، ستكون الفترة السابقة لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل فترة مثيرة للقلق بالنسبة للاقتصاديين والسياسيين، فمعظمهم يتوقع انخفاض النمو الاقتصادي إذا لم يتم التوصل إلى صفقة خروج محددة.