Investing.com - بدأت الشركات العالمية تتراجع عن خططها الاستثمارية في المملكة المتحدة، وتتجه إلى السوق الأوروبية الموحدة حيث يجري الآن نقل نحو 800 مليار جنيه إسترليني من الأصول المالية من البلاد قبيل البريكست.
وأعلنت شركة "هوندا" غلق أعمالها في المملكة البريطانية، وقد سبقتها شركة "نيسان (T:7201)"، وحذرت شركة "إيرباص (PA:AIR)" من خفض استثماراتها في بريطانيا، ومن المتوقع أن يستمر هذا النهج حتى تتضح الصورة ويعرف المستثمرون والشركات بشكل قاطع طبيعة العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في المستقبل.
أصبحت بريطانيا بحاجة ماسة لإنهاء حالة عدم اليقين بشأن البريكست، وتعتقد رئيسة الوزراء "تيريزا ماي" أن هذا يمكن تحقيقه من خلال الموافقة على الخطة التي قدمتها لمجلس النواب، لأن هذا الاتفاق يحجب الشروط التي بموجبها ستعمل الشركات في بريطانيا في مرحلة ما بعد البريكست.
ومن جانبها، يحاول وزير التجارة "ليام فوكس" إبرام صفقات تجارية جوهرية، ولكن هذه المحاولات لم تنجح، فلن توافق أي دولة على الدخول في شراكات حتى تعرف موقف بريطانيا تجاه السوق الأوروبية.
في حال غادرت بريطانيا التكتل الأوروبي في التاسع والعشرون من مارس المقبل، بحسب شروط "ماي" فستظل هناك الكثير من التساؤلات في ذهن المستثمرون، تدور جميعها حول شكل العلاقة بين بريطانيا وأوروبا، هل ستظل بريطانيا قريبة من الاتحاد أو ستبتعد عنه؟ هل ستعمل بقواعد السوق الموحدة أم لا؟ هل سيكون لديها سياسة تجارية مستقلة أم لا؟.
حاليًا، يبحث أعضاء البرلمان البريطاني عن تشريعات من شأنها إنهاء خيار الخروج دون التوصل لاتفاق، لأن هذا الخيار سيكلف الاقتصاد البريطاني خسائر حادة، كما سيؤدي إلى تدهور الجنيه الإسترليني، ولكن تجنب هذا السيناريو لن يجيب على التساؤلات الأساسية للبريكست، والتي يجب الإجابة عليها قبل التاسع والعشرون من مارس، حتى لا يخسر البريطانيون حقهم في التفاوض.
جميع المحاولات التي تسعى لإرضاء النواب المحافظين بشأن دعم الحدود الآيرلندية لن يقدم الكثير، لأن "تيريزا ماي" تعلم جيدًا أن ما يعرضه الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن سيرفضه الداعمين للانفصال.
انقسام حزب المحافظين لا يعود للخلاف حول مصير الحدود، لكن إدراك الجميع أن الحل الوحيد لتجنب مشكلة الحدود والتنفيذ الجيد لإطار حركة البضائع الحرة التي وعدت بها الحكومة، هو الدخول في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي.
لا يمكن لخطة "ماي" أن تنفذ إلا إذا كانت المملكة المتحدة ضمن هيكل السياسة التجارية الحالي للاتحاد الأوروبي، بدلا من أن تكون نسخة غير حقيقة منه.
لن يسمح الاتحاد الأوروبي لبريطانيا بالحصول على مزايا الاتحاد في ظل السماح للمملكة المتحدة بالمنافسة، كما أنه لن يعيد فتح اتفاق الخروج للتفاوض، وبالتالي فإذا كانت بريطانيا تريد قطاع تجاري جيد سيكون عليها القبول بقواعد الاتحاد الأوروبي، وهذا سيكون خلافًا لاستعادة الهيمنة التي أرادتها الأغلبية التي صوتت للبريكست.
إذا لم يتم وضع قواعد محددة للعلاقة قبل البريكست، فإن المناصرون قد يرتبوا لخروج أصعب من المتوقع، عندما لا يكون للبرلمان أي سلطة للتأثير على النتيجة، وقد قال "مايكل غوف" وزير البيئة، إن تاريخ الخروج يعتبر مرحلة أولى، وبعد ذلك يمكننا تحديد مستقبلنا وتنظيم تجارتنا كما نريد.
صار النواب الآن في موقف صعب، عليهم أن يختاروا بين الالتزام باستفتاء الخروج أو الرغبة في عدم تدمير الاقتصاد، وربما يختار البعض حماية الاقتصاد من الانهيار، وتأجيل قرار الخروج. وهناك حل آخر ربما يرضي الجميع، بعد أن يتخذ البرلمان قراره بشأن خطة "تيريزا ماي"، وهو أن يصوت الشعب البريطاني لإعطاء موافقته النهائية على الـ "بريكست"، وهذا من شأنه أن يجعل النتيجة شرعية.