Arabictrader.com - من المقرر أن تتابع أسواق العملات وبخاصة متداولي الدولار باهتمام كبير صدور قرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة بشأن السياسة النقدية، والتي سيعقبها المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، جيروم باول، للتعليق على هذه القرارات، نظرا لأنها سيكون لها تأثير قوي على تحركات الأسواق المالية العالمية، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:
أولا: الوضع الاقتصادي وتأثيره على قرارات الفيدرالي الأمريكي:
منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال مارس الماضي، ظهرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بالاستمرار في رفع الفائدة ولكن بوتيرة بطيئة مجددا.
وفي هذا السياق، أظهرت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، تباين أداء التضخم الأمريكي خلال مارس الماضي، حيث أظهرت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، فعلى أساس سنوي، انخفض مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى 5.0%، وهو أقل من توقعات الأسواق التي أشارت لتباطؤه إلى 5.1%. وفي نفس الوقت، أوضحت البيانات أيضا نمو التضخم الأمريكي على أساس شهري بنسبة 0.1%، وهو أقل أيضا من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 0.2%. أما فيما يتعلق بمعدل التضخم الأمريكي الأساسي - والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء - فقد أظهرت البيانات ارتفاعه إلى 5.6% على أساس سنوي بنهاية مارس الماضي، بما يتماشى مع توقعات الأسواق، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت نموا بنسبة 5.5% خلال فبراير الماضي.
ومن جانب اَخر، كشفت البيانات الصادرة، في الولايات المتحدة، عن إيجابية أداء بيانات سوق العمل الأمريكي خلال مارس الماضي، حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي بواقع 236 ألف وظيفة، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاع المؤشر بنحو 228 ألف وظيفة فقط. وفي الوقت ذاته، انخفضت البطالة الأمريكية إلى مستوى 3.5% خلال نفس الفترة، بأفضل من التوقعات والقراءة السابقة والتي كانت قد أشارت إلى استقرار المؤشر عند مستوى 3.6%. وبالتالي، فإن استمرار ضغوط التضخم وإيجابية بيانات سوق العمل الأمريكي تدعم استمرار الفيدرالي الأمريكي للاستمرار في رفع الفائدة ولكن بوتيرة بطيئة مجددا.
ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:
مالت نبرة تصريحات الكثير من أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية إلى دعم الاستمرار في رفع الفائدة، وفي هذا الإطار، صرح عضو الفيدرالي الأمريكي والر، بأن البيانات الأخيرة تؤكد بأن الفيدرالي الأمريكي لم يحرز تقدما فيما يتعلق بتحقيق هدف التضخم، ونحتاج إلى رفع الفائدة، وأن وتيرة الفائدة سوف تعتمد على البيانات الاقتصادية، مضيفا بأن السياسة النقدية يجب أن تظل تقييدية لفترة كبيرة ولفترة أطول مما تتوقعه الأسواق.
وكذلك، أفادت تصريحات عضو الفيدرالي الأمريكي، ميستر، بأن التضخم لا يزال مرتفعا للغاية، ويجب على الفيدرالي الأمريكي اتخاذ خطوات إضافية لكبح التضخم، مضيفة بأن الفيدرالي الأمريكي يحتاج إلى رفع الفائدة بأكثر من 5% والإبقاء عليها مرتفعة لفترة من الوقت رغم أن الفيدرالي الأمريكي اقترب كثيرا من إنهاء رفع الفائدة.
ثالثا: ما هي توقعات البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي؟
تشير معظم التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيقوم برفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس فقط هذا الاجتماع، وفي هذا السياق، قدم محللو المجموعة المصرفية الاسترالية النيوزلندية ANZ توقعات بشأن قرار السياسة النقدية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث أفاد خبراء المجموعة المصرفية بأنه من المُرجح أن يرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع الأسبوع المقبل، وتابع الخبراء موضحين بأن هذا من شأنه أن يترك الحد الأقصى لنطاق المستهدف لأسعار الفائدة عند 5.25%، وأشار اقتصاديو المجموعة إلى احتمالية أن تقترب دورة التشديد النقدي لسياسة الفيدرالي الأمريكي من نهايتها.
وأيضا، رأى الاقتصاديون في البنك الأمريكي مورجان ستانلي (NYSE:MS) Morgan Stanley بأنه من المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه القادم. وفي هذا الشأن، أشار محللي البنك الأمريكي إلى احتمالية أن يقرر الفيدرالي الأمريكي إيقاف رفع أسعار الفائدة بعد اجتماعه المقبل، نظرا لأن ضغوط النظام المصرفي الأخيرة تمثل تحديا في قرارات الفيدرالي الأمريكي.
رابعا: أزمة البنوك الأمريكية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:
لا تزال بعض بعض البنوك الأمريكية تتعرض إلى أزمة وانهيارات قوية وعلى رأسها فيرست ريبابليك بنك، وهو ما أثار المخاوف بالأسواق، وفي هذا السياق، تزايدات التوقعات بأن أزمة البنوك ستضغط على الفيدرالي فيما يتعلق برفع الفائدة وقد يتوقف عنها مخافة من أزمة مالية جديدة.
خامسا: السيناريو المتوقع لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:
في ضوء ما تم ذكره أعلاه، فإن سيناريوهات قرارات الفيدرالي الأمريكي تتمثل في سيناريوهين أساسيين، السيناريو الأول، يتمثل في قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنسبة 0.25% في هذا الاجتماع، ولكن بيان الفائدة، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، قد يتضمن التأكيد على أن الفيدرالي الأمريكي سيستمر في رفع الفائدة لكبح التضخم المرتفع وبخاصة إذا لم يتباطأ التضخم، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير إيجابي على الدولار وسلبي على الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية.
بينما السيناريو الثاني، هو قيام الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير في ظل مخاوف تأثير رفع الفائدة على البنوك الأمريكية واحتمالية إندلاع أزمة مالية عالمية، والحديث عن ضرورة الإبقاء على الفائدة لفترة من الوقت لمعرفة تداعيات رفع الفائدة الاقتصادية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يكون له تأثير سلبي على مؤشر الدولار وعلى العكس سيرتفع الذهب والعملات الرقمية والأسهم الأمريكية.