Investing.com - قرر بنك الشعب الصيني تخفيف بعض قواعد الاقتراض وخفض نسبة متطلبات الاحتياطي للودائع بالعملة الأجنبية (من 6% إلى 4%) من أجل إنعاش قطاع العقارات في البلاد. وحصلت شركة كانتري جاردن على مهلة لسداد بعض سنداتها. يجيب جيمس دونالد، مدير ومدير الأسواق الناشئة في شركة لازارد لإدارة الأصول، على أهم التساؤلات حول الاضطرابات الاقتصادية الحالية في الصين.
س: هل أزمة الإسكان في الصين هي أساس المشكلة أم أنها مجرد جزء من المشكلة؟
ج: في قلب الاضطرابات الاقتصادية التي تشهدها الصين هناك أزمة الإسكان المتفاقمة. فقد تخلفت شركة كانتري جاردن عن سداد قسط الفائدة الصغيرة نسبيًا على ديونها وسداد أقساط الدين، مما أثار مخاوف من انتشار عدوى التخلف عن سداد الديون. وتقدمت شركة إيفرجراند، المتعثرة منذ عام 2021، بطلب لإشهار إفلاسها في الولايات المتحدة، مما أفقد المستثمرين ثقتهم في قطاع العقارات الصيني والاقتصاد الأوسع. وقام بنك الشعب الصيني بتخفيض أسعار الفائدة، ولكن التخفيضات لم تكن عميقة كما كان متوقعا بالنظر إلى الاتجاهات الانكماشية الحالية.
بالإضافة إلى ذلك انخفضت ثقة المستهلكين. وبعد الطفرة الأولية التي صاحبت انتهاء سياسة "صفر-كوفيد " في الربع الأول من عام 2023، عادت مؤشرات مديري المشتريات (PMI) والصادرات إلى الانخفاض الحاد. وكان من المتوقع أن يقابل ذلك انتعاش الطلب المحلي، لكن المستهلكين أظهروا قدرا كبيرا من ضبط النفس في عاداتهم الإنفاقية. وشهدت الأشهر الأخيرة نموا فاترا في مبيعات التجزئة، في حين زادت مدخرات الأسر، مما يشير إلى تزايد حالة عدم الثقة في المستقبل.
س: كيف وصلت الصين إلى هذه المرحلة؟
ج: قد يكون القطاع العقاري أهم جزء من الاقتصاد الصيني لأنه، وفقا لبعض التقديرات، مسؤول عما بين ربع إلى ثلث النمو الاقتصادي ويمثل ما يصل إلى 70% من ثروات الأسر. لكن المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد امتدت إلى أبعد من ذلك بكثير. وقد أدى السعي إلى تحقيق "الرخاء العام" من قِبَل الإدارة الصينية الحالية إلى تغييرات كبيرة في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية، والتعليم عبر الإنترنت، وتقاسم وسائل النقل، حيث اضطرت الشركات إلى إعطاء الأولوية لسيطرة الدولة على نمو الإيرادات والأرباح السريع.
وفي الوقت نفسه، استجاب الغرب للأهمية المتزايدة للتكنولوجيا باعتبارها مصدر قلق للأمن القومي من خلال عزل أسواقه عن منتجات التكنولوجيا الصينية. وبالإضافة إلى ذلك، أدى التحالف الاستراتيجي بين الصين وروسيا خلال الصراع الأوكراني إلى تفاقم التوترات مع الدول الغربية، مما أدى إلى انخفاض حاد في الاستثمار الأجنبي المباشر.
س: هل الاقتصاد الصيني في وضع يسمح له بالنمو؟
ج: لم تنفذ الصين بعد التدابير الكافية لتحفيز الاستهلاك المحلي والاستثمار المباشر في الصناعات النامية. وقد اختارت إجراء تعديلات طفيفة، مثل خفض أسعار الفائدة وزيادة سيولة السوق، والتي فشلت في تعزيز ثقة المستهلك أو الشركات. ويشكل الافتقار إلى السياسات الفعّالة تهديدا محتملا بتصاعد الديون والانكماش إذا لم يبدأ التعافي بحلول عام 2024. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، سوف تنمو الصين بنسبة 5.2% في عام 2023، وهو هدف قابل للتحقيق.
س: هل الصين غير مناسبة للاستثمار؟
ج: دون اعتبارها "غير مناسبة للاستثمار"، فإن هروب رؤوس الأموال من الصين والتوقعات الاقتصادية المتدهورة تثير المخاوف. ويتطلب تحديد الفرص الأكثر جاذبية في الصين نهجا نشطا يركز على الشركات الفردية التي تتمتع بمجموعة محددة من الخصائص، بما في ذلك مستويات عالية ومستدامة من الكفاءة المالية. ومن المرجح أيضًا أن يكون أخذ المخاطر السياسية في الاعتبار في قرارات الاستثمار أمرًا بالغ الأهمية في الأشهر والسنوات المقبلة.
س: ما هي أهم الفرص اليوم مقارنة بما كانت عليه قبل 5-7 سنوات؟
ج: بشكل عام، الشركات الصينية، ممثلة في مؤشر MSCI الصيني، تقترب من أدنى التقييمات في تاريخها. ومن وجهة نظر استثمارية، أصبحت العديد من القطاعات والشركات في الصين أكثر جاذبية الآن مما كانت عليه في الماضي. إن مفتاح إيجاد الفرص هو تحديد الشركات التي تسير على الطريق الصحيح من الإصلاح التنظيمي، ومن ثم تقييم صحتها المالية بعناية باستخدام نفس المقاييس التي قد تستخدمها في أي سوق أخرى.
س: كيف تحمي الصين المستثمرين؟ ما هي بعض المخاطر التي يجب أن تكون على دراية بها؟
ج: بما أن جوانجدونج هي أغنى حكومة محلية، ولديها القدرة على توفير شريان الانقاذ، فمن المدهش أن نرى أنها لم تتدخل بعد. من ناحية أخرى، هناك ضغوط على الحكومة لمنع شركة كانتري جاردن من تقديم طلب للإفلاس في الصين، حيث أن ذلك قد يخلق مخاطر أعلى من إيفرجراند (HK:3333).
على الرغم من منح الشركة فترة سماح تبلغ 30 يومًا، ضع في اعتبارك أن الشركات التي تستخدمها نادرًا ما تتعافى تمامًا، وربما يكون الضرر قد حدث بالفعل لشركة كانتري جاردن.
أما عن ضم تايوان، فربما تفضل الصين أن يكون ذلك في شكل "اتحاد سلمي" يتجنب الغزو العنيف الذي يخلف عواقب مدمرة، ليس فقط على سلاسل توريد أشباه الموصلات، بل وأيضاً على النمو الاقتصادي العالمي. وفي حالة إعادة توحيد شطري الصين بالقوة العسكرية، فمن المرجح أن تخضع الصين لعقوبات غربية منسقة شديدة، وربما يشمل ذلك نوع من الرد العسكري بقيادة الولايات المتحدة.
س: هل الصين أكبر من أن نتجاهلها؟
ج: في سياق الاستثمار في الأسواق الناشئة: تعد الصين موطنًا لأكبر تجمع من السكان في العالم، بأكثر من 1.4 مليار نسمة، والطبقة المتوسطة الأسرع نموا. يجب على المستثمرين توخي الحذر وتجنب التطرف. إن تنفيذ نزوح جماعي للاستثمارات من الصين بسبب المخاطر السياسية المتصورة - كما حاول العديد من المستثمرين القيام به في عامي 2021 و 2022 - قد لا يكون عملياً نظراً لحجم البلاد، وإمكاناتها للنمو الاقتصادي، وثقلها في القيمة السوقية لمؤشر MSCI للأسواق الناشئة: تشكل الشركات الصينية ما يقارب 30%. من المؤشر
س: ما الذي يجب على المستثمرين مراقبته عن كثب مستقبلًا؟
ج: يجب على المستثمرين أن يراقبوا عن كثب الإجراءات التي يتخذها المسؤولون الحكوميون والشركات، والتي يمكن أن تؤثر على مستويات الثقة. ما يخيف الناس حقًا هو ما إذا كان تقاعس الحكومة سيؤدي فعليًا إلى انكماش القطاع العقاري، وبالتالي انخفاض ثقة المستهلك وتدهور وضع الاقتصاد الكلي.