من أحمد أبو العينين وبابك دهقان بيشه
بغداد/دبي (رويترز) - ندد آية الله علي السيستاني، المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق، يوم الجمعة بالمواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران على أرض العراق وقال إنها تهدد بجر البلد ومنطقة الشرق الأوسط إلى صراع أكبر.
وقال السيستاني إن الهجمات المتبادلة بين الجانبين داخل العراق هذا الشهر تنم عن تجاهل صارخ لسيادة العراق، مضيفا أن شعب العراق يتحمل الخسارة الأكبر من الصراع بين واشنطن وطهران.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي طلب من واشنطن وضع آلية لسحب القوات الأمريكية من البلاد.
وبدأ أحدث تصعيد للحرب بالوكالة بين البلدين الغريمين بمقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في ضربة جوية أمريكية في بغداد في الثالث من يناير كانون الثاني. وردت إيران يوم الأربعاء بإطلاق صواريخ على قوات أمريكية في العراق.
وامتنع الجانبان عن تأجيج الصراع بعد ذلك لكن التوتر ما زال يخيم على المنطقة إذ يهدد القادة العسكريون الإيرانيون بشن مزيد من الهجمات.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثل عنه في مدينة كربلاء إن سلسلة الهجمات تنتهك سيادة العراق مضيفا أنه لا يتعين السماح لأي قوى أجنبية بتحديد مصير العراق.
وقال ممثل السيستاني "إن التعامل بأسلوب المغالبة من قبل الأطراف المختلفة التي يملك كل منها جانباً من القوة والنفوذ... سيؤدي إلى استحكام الأزمة واستعصائها على الحل".
وتابع "إن ما وقع في الأيام الأخيرة من اعتداءات خطيرة وانتهاكات متكررة للسيادة العراقية... هو جزء من تداعيات الأزمة الراهنة".
ويملك السيستاني نفوذا كبيرا على الرأي العام في العراق ولا يتدخل في السياسة سوى في أوقات الأزمات وينظر له على أنه صوت معتدل.
وقال في خطبته "كفى الشعب ما عاناه من حروب ومحن وشدائد على مختلف الصعد طوال عقود من الزمن في ظل الأنظمة السابقة وحتى النظام الراهن... (ينبغي أن) يكون العراق سيد نفسه يحكمه أبناؤه ولا دور للغرباء في قراراته".
ويكافح العراق للتعافي بعد عقود من الحرب والعقوبات والصراع الطائفي شملت غزوين قادتهما الولايات المتحدة وصعود وانهيار تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية المتشددين.
وذكرت واشنطن بوست أن عبد المهدي طلب من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وضع آلية لسحب القوات الأمريكية وقوامها خمسة آلاف جندي من البلاد بعد قرار البرلمان الأسبوع الماضي. ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلب للتعقيب.
وفي صلاة الجمعة في طهران قال رجل دين إيراني إن المصالح الأمريكية في أنحاء العالم صارت مهددة الآن.
وقال محمد جواد حاج علي أكبري للمصلين في أحد المساجد "هذا النظام المهيمن يملك العديد من القواعد العسكرية... خاصة في المنطقة، من الآن فصاعدا لن تكون هذه القواعد بمثابة ميزة لهم".
* دعوات مطالبة بالرحيل
كثفت طهران منذ مقتل سليماني دعواتها المطالبة برحيل القوات الأمريكية من العراق. وقال الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي إن الضربات الانتقامية الإيرانية ليست كافية مضيفا أن إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة هو الهدف الرئيسي.
وأقر مجلس النواب الأمريكي يوم الخميس مشروع قانون يحد من قدرة الرئيس دونالد ترامب على الدخول في صراع عسكري مع إيران دون موافقة الكونجرس. وأحيل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون حيث سيواجه معركة شاقة.
ووصف متحدث باسم البيت الأبيض هذا الإجراء بأنه "سخيف".
وقال ترامب يوم الخميس إن قرار قتل سليماني اتخذ لأنه كان يخطط لتفجير سفارة أمريكية.
وقال خلال تجمع انتخابي "كان سليماني يخطط بهمة لهجمات جديدة وكان يتطلع بجدية شديدة إلى سفاراتنا وليس فقط السفارة في بغداد لكننا أوقفناه وأوقفناه بسرعة".
ولم يقدم ترامب دليلا دامغا على سبب قتل سليماني وهو القرار الذي يصفه منتقدون بأنه طائش.
وبسط سليماني النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن، متحديا السعودية منافسة إيران في المنطقة وكذلك الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي إيران يُنظر إليه على أنه بطل قومي واجتذبت جنازته حشودا لكن الغرب يراه عدوا قاسيا وخطيرا.
وزاد تعقيد الوضع المحتدم بالفعل بعدما قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ومسؤولون أمريكيون إنهم يعتقدون أن طائرة ركاب أوكرانية تحطمت في إيران يوم الأربعاء وعلى متنها 176 شخصا قتلوا جميعا في الحادث كانت بسبب إسقاط دفاعات جوية إيرانية لها عن طريق الخطأ بعد ساعات من تنفيذ إيران ضربات صاروخية على قاعدتين عسكريتين تضمان قوات أمريكية في العراق. وتنفي إيران إسقاط الطائرة.
وتأتي الأعمال العدائية المتبادلة بعد أشهر من التوتر منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في 2018 وإعادة فرض العقوبات التي قلصت بشدة صادرات النفط الإيرانية.
وفي بروكسل يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج يوم الجمعة لإيجاد سبل لمنع انزلاق الولايات المتحدة وإيران إلى صراع أوسع.
(شارك في التغطية جون ديفيسون وأحمد رشيد من بغداد وباريسا حافظي من دبي - إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)