بقلم بيتر نيرس
Investing.com – استمر الدولار في اتجاهه الهبوطي، واستمر في تسجيل مستويات لم يشهدها منذ سنوات، خلال الجلسة الأوروبية لليوم الخميس، حيث تعززت الرغبة في المخاطرة وسط الثقة المتزايدة في اقترب حزمة التحفيز الأمريكية من رؤية النور، والتوصل إلى اتفاقية تجارية بشأن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، مما أضر بأصول الملاذ الآمن، ومن ضمنها الدولار.
فعند الساعة 2:55 صباحاً بالتوقيت الأمريكي الشرقي (7:55 صباحاً بتوقيت جرينتش)، تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس المعدل الموزون لسعر العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات عالمية أخرى، بنسبة 0.5٪، ليشير إلى 89.877، ليتراجع إلى ما دون حاجز الـ 90 نقطة، للمرة الأولى في قرابة 33 شهراً، مسجلاً مستويات لم يشهدها منذ أبريل 2018.
وارتفع اليورو/دولار، الزوج الأكثر تداولاً في سوق العملات، بنسبة 0.3٪ ليتداول عند 1.2230، وهو مستوى لم يشهده منذ أبريل 2018. أما أمام الين، فلقد انخفض الدولار بنسبة 0.3٪ ليتداول عند 103.22. كما تقدم الدولار الأسترالي الحساس للمخاطر، بنسبة 0.5٪ ليتداول عند 0.7614، مسجلاً أعلى مستوياته منذ يونيو 2018.
وحتى اللحظة، لم يتوصل المتفاوضون في الكابيتول هيل إلى اتفاق بشأن مشروع قانون التحفيز الجديد، لكن أعضاء كبار من كلا الحزبين أظهروا أكبر قدر من الإيجابية في أشهر يوم أمس الأربعاء.
ويبدو أن المحادثات تدور حول التفاصيل الصغيرة المحيطة بقانون المساعدة والتحفيز الذي تبلغ قيمته 900 بليون دولار. ويُتوقع أن يتضمن مشروع القانون، شيكات ستكون قيمتها بين 600 و 700 دولار من المساعدات المالية وإعانات البطالة الممتدة للمواطنين الأمريكيين، ولكن يبقى القانون في مرحلة الانتظار حتى يتم إقرار قانون الإنفاق الحكومي الذي تبلغ قيمته 1.4 تريليون دولار للسنة المالية التي تبدأ في 1 أكتوبر، ويجب أن يتم ذلك مع نهاية يوم غد الجمعة لتجنب توقف أعمال الحكومة الفيدرالية.
وبينما يقترب التحفيز القادم من السياسة المالية، أنتهى اجتماع السياسة النقدية الأخير لهذا العام بدون أي قرارات كبرى. فبعد اجتماع استمر يومين، أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي مساء أمس الأربعاء أنه سوف يستمر في الإبقاء على أسعار الفائدة بالقرب من الصفر لسنوات قادمة. كما تعهد البنك بمواصلة برنامج شراء السندات حتى يكون هنالك "المزيد من التقدم الملموس" نحو استعادة التوظيف الكامل، والوصول بالتضخم إلى مستوى 2٪ المستهدف.
كما قال الرئيس جيروم باول في المؤتمر الصحفي الذي تلا الاجتماع، أن الحجة التي تدعم إقرار المزيد من إجراءات التحفيز المالي "قوية جداً جداً"، مع استمرار الولايات المتحدة في مواجهة الموجة الثانية من وباء كورونا.
وتعليقاً على قرارات الفيدرالي وتصريحات رئيسه، قال المحللون في بنك ING في تقرير تطرق لذلك: "حتى مع وجود احتمالية متزايدة لحزمة دعم مالي جديدة، ومع أخبار اللقاحات، يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي الإشارة إلى أنه لا يرى سوى فرصة ضئيلة لرفع أسعار الفائدة قبل عام 2024".
وتضم أجندة اجتماعات البنوك المركزية لهذا الأسبوع أيضاً كل من بنك إنجلترا BoE والبنك الوطني السويسري SNB، وكذلك البنوك المركزية في المكسيك وإندونيسيا، والتي ستعلن جميعها قراراتها بشأن السياسة النقدية اليوم الخميس. أما بنك اليابان BoJ والبنك المركزي الروسي، فسيعلنان عن قرارات السياسة النقدية يوم غد الجمعة.
من المتوقع أن يمتنع بنك إنجلترا عن إقرار المزيد من التحفيز خلال اجتماع اليوم، مع احتمال أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاقية تجارية إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية التي سببتها بالفعل الموجة الثانية من وباء كورونا. ورغم أن أحدث التطورات تشير إلى أن التوصل إلى هذه الاتفاقية المنشودة قد أصبح محتملاً، إلا أنه يجب توخي الحذر بشأن ما إذا كان بالإمكان التوصل إليها قبل الموعد النهائي، في نهاية العام الحالي، أي بعد أسبوعين بالضبط من اليوم، عندما ينتهي العمل بالاتفاقية الانتقالية بين الطرفين.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قد قالت في كلمة لها أمام البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء: "لا أستطيع أن أخبركم ما إذا كان سيكون هنالك اتفاقية أم لا، لكن يمكنني أن أخبركم أنه قد أصبح لدينا طريق للتوصل إلى اتفاق الآن. قد يكون الطريق ضيقاً للغاية، لكنه موجود". ورغم ذلك، حذرت فون دير لاين من أن النجاح ليس مضموناً، مع استمرار الخلافات حول حقوق الصيد التي ما زالت تسبب المشاكل.
وفي ظل هذه التطورات، تقدم الباوند/دولار بنسبة 0.5٪ ليتداول عند 1.3571، متسلقاً إلى مستويات لم يشهدها منذ مايو 2018.
وبالنسبة لاجتماع البنك الوطني السويسري، فإنه يأتي في اليوم التالي لتصنيف الولايات المتحدة سويسرا كدولة متلاعبة بالعملة، وذلك في تقرير وزارة الخزينة لسياسة الصرف الأجنبي. ومن المتوقع أن يحافظ البنك الوطني السويسري على سعر الفائدة الرئيسي عند مستوى قياسي منخفض يبلغ سالب 0.75٪. وكان البنك الوطني السويسري قد أعلن بالفعل يوم أمس الأربعاء أنه لا يزال مستعداً للتدخل في أسواق العملات، وعلى نطاق أكبر إذا لزم الأمر، مؤكداً ما ورد في التقرير الأمريكي.
وأظهرت بيانات البنك أنه قد أنفق 90 مليار فرنك (102 مليار دولار) في النصف الأول من العام، في محاولة لمنع العملة السويسرية من الارتفاع، وهي التي تسجل حالياً ارتفاعاً بنسبة 0.2٪، أمام الدولار، دفع الزوج للتداول عند 0.8834.
وحفز هبوط مؤشر الدولار الأمريكي صعودًا في سعر الذهب بقوة خلال التداولات الأوروبية، فيما لجأ مستثمرون آخرون لعملة بتكوين، لتحلق فوق مستويات قياسية جديدة، وصولًا لـ 23 ألف دولار للمرة الأولى.
ويرى المتحمسون للعملة الرقمية أن ما يحدث من تراجع في أسعار العملات المركزية، وجهود البنوك المركزية الواسعة لوقف انهيار الاقتصادات العالمية هو ما دفع الطلب الاستثماري على التدفق لعملة بتكوين.
ويرى البعض الآخر أن الجهود الرامية لتطوير العملة، وتحويل مسارها للمسار العام، سببًا في صعودها.