تظهر الصين اهتماماً كبيراً بالوضع الراهن فى العراق مع ازدياده سوءاً، وبينما أصدرت السلطات الصينية تصريحات بشأن قلقها، فالأمر الذى يقلق مسئولى بكين لم يعد سراً ألا وهو المخاطر التى يمكن أن تشكلها الأزمة على مصادر امداداتها البترولية العراقية وشركات البترول الصينية الثلاث الكبرى التى تعمل فى العراق.
وقال لين بوكيانج، مدير مركز الصين لأبحاث اقتصادات الطاقة فى جامعة شيامين، إنه من المؤكد أن الوضع فى العراق سيرفع أسعار البترول بالنسبة للصين، التى تستورد حوالى %60 من احتياجاتها من البترول الخام.
ويتوقع لين أن تصل أسعار البترول إلى 120 دولاراً للبرميل مع احتدام الازمة فى الجزء الجنوبى فى البلاد.
وقد ازدادت استثمارات الصين فى انتاج البترول العراقى على نحو كبير فى أعقاب الغزو الامريكى عام 2003 حتى إن الساسة أخذوا يقولون ساخرين إن الصين وليس الولايات المتحدة هى التى انتصرت فى الحرب ضد صدام حسين.
وأفادت بيانات معهد أمريكان انتربرايز بأن الشركات الصينية المملوكة للدولة استثمرت 10 مليارات دولار فى العراق، فعلى سبيل المثال، وسعت الشركة الوطنية الصينية للبترول من شبكة تواجدها فى قطاع البترول العراقى حتى إنها تدير الآن أربعة مشاريع فى جنوب البلاد ما جعلها أكبر مستثمر أجنبى فى العراق، وقد أنتجت الشركة العام الماضى 299 مليون برميل من العراق أى ما يعادل ثلث إجمالى إنتاجها فى الخارج.
وأفادت بيانات الجمارك الصينية بأن الواردات من البترول العراقى الخام قد تضاعف منذ عام 2009.
ويبدو أن الخطر الأكبر لا ينبع من توقف الامدادات من العراق ولكن مما تسفر عنه الأزمة من رفع أسعار البترول مما يزيد من فاتورة اجمالى الواردات الصينية وتكاليف دعم الوقود محلياً.
ومن الدول الآسيوية الأخرى التى تعد أكثر عرضة لأسواق البترول الدولية اليابان، التى استوردت أكثر من %90 من احتياجاتها من الطاقة عام 2011، وعلى الرغم من ان اليابان لا تعتمد كثيرا على البترول العراقي، فإن استمرار ارتفاع أسعار البترول جراء الأزمة العراقية من شأنه أن يرفع فاتورة الطاقة فى اليابان مما سيؤدى إلى تآكل فائض الحساب الجاري.
كما تعد الهند من أكثر الدول الآسيوية تضرراً من الأزمة العراقية الحالية، حيث إنها تحصل على %19 من صادرات البترول العراقى أى ما يشكل %3 من اجمالى احتياجاتها من البترول، والأسوأ من ذلك أن ارتفاع أسعار البترول سيؤدى إلى تفاقم معدلات التضخم فى الهند واتساع عجز الحساب الجاري، وسيرفع أيضا تكاليف دعم الوقود فى الوقت الذى تحاول فيه الحكومة خفض العجز فى ميزانيتها.