تشهد سوريا مؤخرا تطورات مذهلة في سعر صرف الدولار الأمريكي. وعلى الرغم من تراجع الأسعار العالمية للسلع الغذائية بنسب كبيرة، إلا أن سوق صرف الدولار في سوريا شهد ارتفاعًا غير مسبوق. سنلقي نظرة على هذا التطور الصادم ونحاول فهم الأسباب والتداعيات المحتملة.
في نشرة الحوالات والصرافة، استقر سعر الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي عند مستوى 11500 ليرة للدولار الواحد، وذلك في مصرف سوريا المركزي. هذا التثبيت يبدو مؤشرًا على استقرار العملة في القطاع المصرفي الرسمي.
ومع ذلك، في سوق الصرف السوداء، شهدنا ارتفاعًا كبيرًا في سعر الدولار. فقد ارتفع سعر الدولار الأمريكي في دمشق بمقدار 400 ليرة جديدة، ليصل إلى 13800 ليرة للشراء و13900 ليرة للبيع. وليس دمشق وحدها التي شهدت هذا الارتفاع، بل امتد إلى عدة مناطق في سوريا، بما في ذلك حلب، اللاذقية، طرطوس، وعدة مدن أخرى. وفقًا للأرقام، يمكن لمن يملك 100 دولار في مصرف سورية المركزي أن يحصل على 1.150 مليون ليرة سورية.
إلى جانب الدولار الأمريكي، شهدت العملات الأخرى أيضًا تقلبات كبيرة في الأسعار. زادت الليرة التركية مقابل الليرة السورية، وكانت هذه الزيادة حتى أكثر بعدة ليرات في بعض المناطق. اليورو أيضًا ارتفع مقابل الليرة السورية في السوق السوداء.
ما يجعل هذا التطور الاقتصادي مثيرًا هو أنه جاء في ظل تراجع الأسعار العالمية للسلع الغذائية بنسبة كبيرة، حيث أشار تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" إلى انخفاض الأسعار العالمية بنسبة 10.7%. ومع ذلك، تستمر الأسعار في الارتفاع في سوريا.
صحف محلية تشير إلى وجود ممارسات احتكارية تسيطر على سلسلة القيمة الكاملة في البلاد، بدءًا من الاستيراد والتخزين وحتى منافذ البيع. هذا يجعل الأمر ضروريًا للجهات المعنية أن تتدقق في هذه الأسباب جميعًا، وأن تبحث عن سبب عدم انعكاس تراجع الأسعار عالميًا على المنتجات المحلية.
بالنظر إلى هذا التحول الاقتصادي الغير متوقع، يبقى السؤال الملح على أذهان الكثيرين: هل يمكن للسلطات السورية التصدي لهذا التحدي الاقتصادي المتزايد، أم سيستمر الشعب السوري في تحمل أعباء ارتفاع الأسعار والضغوط الاقتصادية؟ يجب أن يتم التدقيق في هذه القضية بعمق والبحث عن حلاً للمواطنين الذين يعانون من تداعيات هذا الوضع الاقتصادي الصعب.