Investing.com - سجلت العقود الآجلة للجنيه المصري غير القابلة للتسليم أمام الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا خلال الساعات القليلة الماضية، وذلك بالتزامن مع الارتفاع القياسي الذي يشهده الدولار بالسوق السوداء في مصر، حيث يبدو أن المستثمرين يزيدون رهاناتهم على فكرة أن مصر قد تُسمح لعملتها بالتراجع بشكل كبير بعد الانتخابات المُقررة في ديسمبر.
عادت سوق المشتقات المالية المتعلقة بالأصول المصرية، التي تُستخدم للتحوط والمضاربة، إلى النشاط مرة أخرى. حيث يستعد المتداولون لخفض قيمة العملة للمرة الرابعة منذ مارس 2022. فيما صدرت توقعات جديدة من بنوك دويتشه (ETR:DHLn) ومورغان ستانلي بشأن تحرير سعر الصرف، حيث يتوقعا تعويمًا جديدًا للجنيه في الربع الأول من العام القادم، بينما يتوقع محللون في سوسيتيه جنرال أن يحدث التعويم بعد فترة قصيرة من إجراء عمليات فرز الأصوات بالانتخابات الرئاسية في ديسمبر.
اقرأ أيضًا: الفيدرالي الأمريكي يربك الأسواق ويلوح بإمكانية رفع الفائدة مجددًا!
يأتي ذلك بالتزامن مع الغموض الذي يكتنف موعد مراجعات صندوق النقد الدولي للبرنامج التمويلي لمصر حتى الآن. ويخضع تقديم الدفعات ضمن البرنامج الذي تبلغ مدته 46 شهرا لثماني مراجعات. وكان من المقرر إجراء المراجعة الأولى في مارس، والثانية في سبتمبر، لكن لم يتم إجراؤهما وسط تقارير تفيد بعدم رضا الصندوق عن التقدم الذي أحرزته مصر في الوفاء بشروط الاتفاق. حيث أفادت وكالات إخبارية بأن المراجعتين قد تم تأجيلهما للربع الأول من العام القادم، أي بعد الانتخابات الرئاسية.
وتعهدت مصر باعتماد سعر صرف مرن عندما توصلت إلى اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي أواخر العام الماضي، لكن السعر الرسمي ظل دون تغيير تقريبا منذ حوالي ستة أشهر عند نحو 30.93 جنيه للدولار.
اقرأ أيضًا: البيتكوين تنطلق صعودًا وتقترب من كسر مستوى هام.. أكثر من 5% مكاسب في ساعات
وفي يونيو حزيران، بدا أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستبعد تخفيض قيمة العملة أكثر على المدى القريب، قائلا إن مثل هذه الخطوة قد تضر بالأمن القومي والمواطنين.
سابقاً، سمحت مصر بتخفيض قيمة عملتها في عدة جولات، مع التعهد بالانتقال إلى نظام سعر صرف معوم. ولكن ما زالت احتياجات التمويل لمصر مرتفعة، حيث تقدر بنحو 24 مليار دولار سنويًا حتى يونيو 2024، ومن المتوقع أن يزيد عجز الحساب الجاري إلى 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لتقديرات بنك مورغان ستانلي.
وقال هاندي كوجوك، الخبير الاقتصادي المقيم في لندن بالبنك الأميركي (مورغان ستانلي): "نظرًا للمراجعات المعلقة من قبل صندوق النقد الدولي ولضرورة تأمين تمويلات خارجية بمقدار كبير، يعتقد أنّ صانعي السياسات سيوافقون على تخفيض جديد لسعر الجنيه في الربع الأول من عام 2024".
وفي الوقت نفسه، أشار جيرجيلي أورموسي، استراتيجي الأسواق الناشئة في بنك سوسيتيه جنرال في لندن، إلى أن ظروف السوق الحالية تمهد لتقليص قيمة العملة مرة أخرى. وقال: "كلما تأخرت السلطات في تعديل تقييم العملة، يصبح عليها اتخاذ إجراءات إضافية. حيث إن الوقت ضدَّهم".
اقرأ أيضًا: توقعات الفائدة ترفع الذهب .. ولكنه ما زال يحتاج إلى محفز جديد
العقود الآجلة للجنيه والسوق السوداء للدولار
وتشير أحدث بيانات للعقود الآجلة غير القابلة للتسليم - أجل سنة - إلى وصول الدولار إلى مستوى الـ 47 أمام الجنيه خلال الساعات القليلة الماضية لأول مرة على الإطلاق، مقابل نحو 39 جنيها في أغسطس الماضي، وفقًا لبيانات بلومبرغ.
فيما وصل عقد الجنيه غير القابل للتسليم لمدة 3 أشهر إلى مستوى قياسي بلغ 37.7 جنيهًا للدولار، وفقًا لبلومبرغ.
وفي الوقت نفسه، ظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند حوالي 30.90 جنيه للدولار، بينما تجاوز دولار السوق السوداء حاجز الـ 50 جنيهًا خلال الأيام الماضية.
ما هي العقود الآجلة؟
العقود الآجلة هي عقود تتم بين طرفين، حيث يضع كل طرف رهانه في هذا العقد على السعر الذي سيصل إليه الجنيه بعد عام من الآن - إذا كانت لأجل 12 شهرًا-، ولهذه السبب سميت آجلة أي لا تحدث عاجلاً. فعلى سبيل المثال، إذا اشتريت جنيه بعقد آجل لمدة سنة بسعر 40 جنيه للدولار الواحد، وبعد مرور هذه السنة إذا كان سعر الدولار 50 جنيهًا ستحقق ربحًا كبيرًا، أما إذا ظل كما هو أو انخفض دون الـ 40 فلن تحقق أي أرباح. وبالتالي إذا توقعت هذه العقود ارتفاعًا بالدولار يدل ذلك على أن هناك مخاطر تحيط بالجنيه المصري، والعكس صحيح.
ولكن الجدير بالذكر في هذا الإطار، أننا نتحدث هنا في حالة الجنيه المصري عن عقود آجلة غير قابلة للتسليم، والتي تعتبر مجرد أداة تستخدم عموما للتحوط أو المضاربة على العملات عندما تزيد ضوابط الصرف من صعوبة تداول الأجانب في السوق الفورية مباشرة. حيث يختلف العقد الآجل غير القابل للتسليم عن العقد الآجل العادي في أنه لا توجد تسوية فعلية للعمليتين عند حلول موعد الاستحقاق.
وغالبًا تقوم البنوك الاستثمارية كبرى وصناديق التحوط العالمية باستخدام العقود الآجلة وتتداولها منصات إلكترونية دولية، حيث يتم استخدامها عندما تواجه عملة ما تقلبات في أسعارها، حيث يتم وضع سعرًا مستقبيليًا متفق عليه بين الطرفين يحمي من خلاله المستثمر أرباحه واستثماراته. ويحدث ذلك غالبًا بالعملات غير المحررة بشكل كامل، حيث تتعرض دائمًا لتقلبات بفعل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالسوق الموازية، بجانب أنها تعد مؤشرًا على سعر العملة في المستقبل، وذلك على وقع أن المضاربات على ارتفاعها في المستقبل تكون مبنية على مخاطر تحيط بهذه العملة. وغالبًا ما يحتاج البنك المركزي إلى سد الفجوة بين السعر الرسمي والآجل لمنع المضاربات على العملة.
وفي الوقت نفسه، دائمًا ما تتسع الفجوة بين السعر الرسمي والعقود الآجلة في أوقات الأزمات أو الضغوطات التي يشهدها الاقتصاد المصري بفعل شح العملة وهروب الأموال الساخنة، وهو ما حدث في مارس وأكتوبر من العام الماضي، ويناير هذا العام، مما استدعى تخفيضًا جديدًا بقيمة الجنيه لتقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالعقود الآجلة، خاصة بعد أن راهنت الأسواق على انخفاض الجنيه بالعقود الآجلة في مدى 12 شهرًا.