ترأس السيد برنانكي رئيس البنك الفدرالي اليوم اجتماعا مع النادي الاقتصادي في العاصمة الأمريكية واشنطن متحدثا عن الأوضاع الاقتصادية وسط التطلعات الاقتصادية بالنسبة لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث تمركزت المواضيع التي تم نقاشها في الاجتماع حول التضخم، والذي يشكل تهديدا أمام التعافي الاقتصادي للولايات المتحدة، وذلك نتيجة الأموال الضخمة التي تم ضخها مسبقا في الأسواق من قبل البنك الفدرالي إلى جانب الحكومة الأمريكية ضمن البرامج والخطط التحفيزية التي هدفت إلى تعزيز مستويات الإنفاق لدى المستهلك.
مع العلم أن السيد تيموثي جيثينر وزير الخزينة الأمريكي أشار خلال الأسبوع المنصرم أن الحكومة في صدد إنهاء برنامج تمويل القروض المتعثرة والذي بلغ 700 مليار دولار، حيث صرح بذلك دون أن يعطي أية تفاصيل حول التوقيت أو ميكانيكية إنهاء ذلك البرنامج، وبالتالي تملك المستثمرين مشاعر التشاؤم بخصوص تأثير مثل هذا القرار، وذلك من الجانب المضيء نشير إلى أن تقرير العمالة والذي تم إصداره يوم الجمعة الماضية أشار إلى ان الاقتصاد الأمريكي فقد حوالي 11 ألف موظف فقط خلال شهر تشرين الثاني، مما يشير إلى أن قطاع العمالة قد اقترب من تقليص الانكماش، ومن المحتمل بالتالي أن يتعافي القطاع بأسرع مما هو متوقع.
والجدير بالذكر أن الضغوطات التضخمية تقف عادة أمام تحسن وتعافي الاقتصاد الأمريكي، حيث من المحتمل أن يعاني الاقتصاد الأمريكي جراء ارتفاع مستويات التضخم في حال عاد النمو في الاقتصاد إلى مستوياته المنشودة، وبما أن الاقتصاد الأمريكي أشار مؤخرا بوادر التحسن والنمو والخروج من أسوأ أزمة مالية منذ الثلاثينات، فقد ترتفع مخاوف المستثمرين مرة أخرى بخصوص معدلات التضخم.
ولكن طمأن السيد برنانكي الأسواق في خطابه اليوم بأن مستويات التضخم من الممكن أن تتراجع قليلا من مستوياتها الحالية، وبالإضافة إلى أن التضخم سيتأثر من التيارات المتضاربة، إلا أن مجمل الأداء لمستويات التضخم على المدى البعيد إضافة إلى التوقعات تشير إلى أن مستويات التضخم ستبقى مستقرة.
وألمح برنانكي أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يواجه بعض التحديات والتي تقف أمام النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب الأوضاع الائتمانية الصعبة ومستويات التضخم إضافة إلى ضعف مستويات الإنفاق لدى المستثمرين، حيث أشار برنانكي إلى أن الأسواق الائتمانية لا تزال مقيدة وسط الضعف الذي يمر به قطاع العمالة الأمريكية، مؤثرا سلبا على مستويات إنفاق المستهلكين، ولهذا ألمح برنانكي إلى أن إنفاق المستهلك الأمريكي لن يتحسن بالسرعة المرغوبة.
أما بخصوص النمو، تطرّق برنانكي إلى أن الاقتصاد الأمريكي ككل والنظام المالي بشكل خاص تمكنوا من العودة من أسوأ ركود مر على الولايات المتحدة منذ الكساد العظيم، وذلك وسط بوادر التعافي التدريجي التي أصبحت أكثر وضوحا، وبالإضافة إلى ذلك أشار أيضا أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل نموه ولكن مصورة معتدلة خلال العام المقبل، إلا أن معدلات البطالة ستتراجع بوتيرة أبطأ مما يتمنى البنك الفدرالي.
وأضاف برنانكي أيضا أن سياسات البنك الفدرالي من المحتمل أن تقود إلى مستويات تضخم مرتفعة وذلك في حال استمر البنك الفدرالي في هذه الإجراءات دون تقديم استراتيجة مناسبة للخروج من هذه السياسة، إلا أن التوقيت المناسب يعد عاملا مهما، حيث يرى أعضاء اللجنة الفدرالية المفتوحة بأن التساهل في توقيت تجديد هذه السياسات يعد تحديا صعبا.
وبالإضافة إلى ذلك، تطرق برنانكي إلى مسألة الشركات الكبرى الممنوع فشلها، بالإضافة إلى إعادة الهيكلة لمنع انتكاس الاقتصاد الأمريكي مجددا، إلا أن مجمل الأوضاع بخصوص التطلعات تجاه وتيرة التعافي تشير إلى مستويات نمو معتدلة، وهذا ما يريده البنك الفدرالي على المدى البعيد للأسواق.
وألمح برنانكي إلى ضرورة مواجهة مسألة ضعف الدولار مصرحا بأن على المجلس النظامي تقديم تطلعات أفضل للدولار، في حين أن البنك الفدرالي ركز على استقلالية سياسات البنك، حيث أن الاجراءات المعتادة قد تضعف الدولار لأكثر من ذلك.
وأنهى السيد برنانكي لقائه قائلا بأن الدروس المستفادة من الركود الذي حصل خلال الثلاثينات تنطبق أيضا على الأزمة الحالية، حيث أن الكساد العظيم أعطى درسا لصناع القرار بعدم تبني سياسة مقيدة على الأسواق.