يأتي اليوم عزيزي القارئ ليحمل في طياته الكثير من البيانات المهمة والتي تسيطر على أذهان المستثمرين والتي ستركز على مستويات التضخم ما إذا سترتفع أو ستبقى كما وصفها البنك الفدرالي مسبقا بأنها تحت السيطرة.
نبدأ البيانات بالدخل والإنفاق الشخصي الأمريكيين واللذان سيصدرا في وقت لاحق اليوم مغطيين شهر تشرين الثاني حيث من المتوقع أن يرتفع الدخل الشخصي خلال تشرين الثاني ليصل إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2%، أما الإنفاق الشخصي فمن المتوقع أن يبقى على ما هو عليه خلال الشهر نفسه عند 0.7%.
مشيرين أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يقاوم العوائق التي تقف أمامه محاولا التخلص منها أو تقليص حدة تأثيرها على الأقل، والتي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة والتي لا تزال تحوم حول أعلى مستوى لها منذ 26 عام، إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني التي تحد من سهولة أو امكانية المستهلكين للحصول على قروض جديدة، وهنا يأتي تأثيرها على الدخل الشخصي الذي ينعكس سلبا بالتالي على الإنفاق الشخصي، مهددا النمو الاقتصادي باعتبار أن إنفاق المستهلك يشكل ما يقارب ثلثي النمو في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن بالمقابل يجب أن لا نغفل دور البنك الفدرالي إلى جانب الحكومة الأمريكية في دعم النظام المالي ومستويات إنفاق المستهلك في مختلف القطاعات الأمريكية، وذلك عن طريق البرامج والخطط التحفيزية التي بدورها تنشيط دور المستهلك وسط الأزمة التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بالرغم من بوادر التعافي التدريجي التي لم ينفك الاقتصاد الأمريكي في برهنتها مؤخرا إلا أن البنك الفدرالي ارتأى أن يمدد هذه البرامج وذلك لأن الاقتصاد لا يزال بحاجة لمواصلة الدعم، على الأقل لضمان سيره على خطى التعافي باستقرار إلى حين تحقق الإنتعاش التام، وتجنيب الاقتصاد من الوقوع في دائرة الركود مجددا.
ووسط محاولات البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية في تعزيز ودعم النظام المالي من المتوقع أن ترتفع ثقة المستهلك قليلا في القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان وذلك عن شهر كانون الأول لتصل إلى 73.8 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 73.4.
والجدير بالذكر أن القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي السنوي صدرت يوم أمس لتشير بالفعل أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بحاجة للدعم المتواصل، حيث ظهر بأن الاقتصاد الأميركي توسع خلال الربع الثالث بنسبة 2.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 2.8%، وهذا يشير ايضا أن الاقتصاد الأمريكي يواصل تقدمه لكن بوتيرة بطيئة وسط العوائق التي تقف حاجزا أمام تقدمه بالشكل المنشود.
ومنتقلين إلى البيانات الأخرى التي ستصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي، وهنا يتحول تركيز المستثمرين نحو مستويات التضخم والتي ستظهر بالشكل الأدق في مؤشر نفقات الاستهلاك الجوهري الذي من المتوقع أن يتراجع خلال تشرين الأول لتصل إلى 0.1% مقابل 0.2% في أيلول، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن ترتفع قليلا لتصل إلى 1.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.4%، بينما من المتوقع أن ترتفع نفقات الاستهلاك المثبط خلال الشهر نفسه لتصل إلى 1.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2%.
وكما أشرنا مسبقا فإن الخطط والبرامج التحفيزية التي تم إطلاقها كانت تمثل سلاحا ذو حدين، حيث بالرغم من هدف البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية في تعزيز مستويات الإنفاق إلا أنها أثارت مخاوف تشكل تهديدات تضخمية بالمقابل وذلك جراء فتح محابس السيولة بشكل كبير الأمر الذي تسبب في ارتفاع العرض النقدي في الأسواق، إلا أن ضعف الاقتصاد الأمريكي ووسط العوائق التي ذكرناها أعلاه فإن مستويات التضخم لا تعتبر تهديدات على المدى القريب، إنما على المدى البعيد قد يكون هناك تهديد، وذلك مجرد استعادة الاقتصاد الأمريكي تعافيه من جديد فإن التضخم سيكون أمرا يجب السيطرة عليه.
وأخيرا يأتي قطاع المنازل الأمريكي الذي أثبت باستمرار أن القطاع خلّف وراءه اسوأ مرحلة من الركود، وسط توسعه بالشكل الأوضح مؤخرا، حيث من المتوقع أن ترتفع مبيعات المنازل الجديدة خلال تشرين الثاني لتصل إلى 438 ألف وحدة سكنية أو 1.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 430 ألف وحدة سكنية أو 6.2%، واضعين بالاعتبار أن برنامج الإعفاء الضريبي لعب الدور الأكبر والرئيسي في تعزيز النشاط الاقتصادي في ذلك القطاع.
ومتحدثين بإيجاز عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي، فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، وسيصدر اليوم عن الاقتصاد الكندي مؤشر الناتج المحلي الإجمالي عن تشرين الأول الذي من المتوقع أن يتوسع بنسبة 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.4%.