يبدأ الأسبوع الاقتصادي على الولايات المتحدة الأمريكية اليوم الثلاثاء بعد انقضاء يوم مارتن لوثر كينج يوم أمس الإثنين، مخلفا وراءه أسبوع مختلط في البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي متمثلة في ارتفاع أسعار المستهلكين خلال كانون الأول ولكن بأدنى من القرائتين السابقة والمتوقعة، مما أعاد النظرة الضبابية بخصوص معدلات التضخم التي لا تزال تحت السيطرة على المدى القريب على الأقل، وذلك ما أشار إليه البنك الفدرالي مرارا وتكرارا.
أما اليوم عزيزي القارئ فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر صافي التدفقات النقدية طويلة الأمد عن شهر تشرين الثاني والتي من المتوقع أن تتوسع لتصل إلى 27.5 مليار دولار مقارنة بالفائض السابق الذي بلغ 20.7 مليار دولار، إضافة إلى مؤشر مجمل التدفقات النقدية التي أشارت في السابق إلى عجز بقيمة 13.9 مليار دولار.
وذلك بصدد التحسن التدريجي الذي أظهره الاقتصاد الأمريكي مؤخرا في مختلف قطاعاته الرئيسية، الأمر الذي ساعد على نهوض النشاطات الاقتصادية فيه بعض الشيء، إلا أن العوائق التي لا تزال تقف حاجزا أمام الاقتصاد الأمريكي تحد من تقدمه بالمستوى المنشود، حيث أن معدلات البطالة لم تغادر المستويات الأعلى لها منذ حوالي 26 عام، إضافة إلى أوضاع التشديد الائتماني التي تواصل فرض صعوبات على المستهلكين في القروض المطلوبة.
وبهذه العوائق الذي ذكرناها يبقى الاقتصاد الأمريكي في مواجهة صعبة إلى حين تحقيق التعافي التام ومن ثم النمو على المدى البعيد، حيث أن تلك العقبات تعيق تقدم مستويات الدخل والتي تنعكس بالتالي على مستويات إنفاق المستهلك، مشكلة ضغوطات على نمو الاقتصاد الأمريكي، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلك يمثل ما نسبته 70% من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى غرار البيانات التي صدرت خلال الأسبوع المنصرم والتي تمثلت في ارتفاع أسعار المستهلكين خلال كانون الأول ولكن بأدنى من القراءة السابقة والمتوقعة، أما على الصعيد السنوي فقد ارتفع المؤشر، الأمر الذي يشير بأن التطلعات المستقبلية لمعدلات التضخم أصبحت غير واضحة.
حيث أن معدلات التضخم من المحتمل أن تشكل تهديدا على مرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي، وذلك وسط ارتفاع العرض النقدي جراء البرامج والخطط التحفيزية التي قامت الحكومة الأمريكية إلى جانب البنك الفدرالي في تبنيها مسبقا، والتي هدفت إلى تعزيز مستويات الإنفاق لدى المستهلك الأمريكي سعيا منهما لتخطي الأزمة التي حلّت بالولايات المتحدة الأمريكية.
بيد أن الخطط والبرامج التحفيزية تلك والتي تمثلت في ضخ أموال طائلة في النظام المالي الأمريكي اسهمت في ارتفاع العرض النقدي في الأسواق، واضعين بالاعتبار أن مستويات التضخم لم تتمكن من الارتفاع مؤخرا وسط الضعف الذي يمر به كل من مستويات الطلب والإنفاق لدى المستهلك، مشيرين عزيزي القارئ بأن سرعان ما يستعيد الاقتصاد الأمريكي عافيته بالشكل الأوضح فإن مستويات التضخم ستحتل المركز الأول في العوائق التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي.
مشيرين أيضا بأن الشركات الأمريكية تواصل الإعلان عن أدائها خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، حيث تستهل شركة سيتي جروب نتائج الشركات مع افتتاح الجلسة الأمريكية والتي من المتوقع أن تشير إلى توسع خسائرها خلال الربع الرابع من العام المالي للشركة مقارنة بخسائرها السابقة، وتأتي أيضا شركة أي بي إم، واحدة من أكبر الشركات التكنولوجية على مستوى العالم، والتي من المتوقع أن تشير إلى ارتفاع أرباحها خلال الربع الرابع من العام المالي للشركة مقارنة بأربحها السابقة.
ومتحدثين عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي، فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، وسيصدر اليوم عن الاقتصاد الكندي المؤشرات القائدة عن شهر كانون الأول التي من المتوقع أن تتراجع قليلا إلى 1.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.3%.
إلا أن الحدث الأهم والمنبثق عن الاقتصاد الكندي اليوم يتمثل في قرار الفائدة للبنك المركزي الكندي الذي من المتوقع أن يثبت فيه أسعار الفائدة عند مستويات 0.25% كما في السابق، مشيرا البنك المركزي الكندي سابقا بأن نسبة الفائدة ستبقى كذلك حتى حزيران العام الحالي.
مؤكدا البنك المركزي الكندي أيضا بأن ضعف الدولار الكندي من المحتمل أن يؤثر سلبا على نمو الاقتصاد الكندي، إضافة إلى توقعاته من خلال قرار الفائدة السابق للعامين المقبلين بخصوص نمو الاقتصاد الكندي، حيث توقع البنك المركزي الكندي أن النمو سيصل إلى 3.0% مع نهاية العام الحالي إلى جانب التوقعات التي تشير إلى ان النمو سيصل إلى ما بين 3.3 – 3.5% خلال العام 2011، وأشار البنك المركزي أيضا إلى أن التطلعات المستقبلية للاقتصاد الكندي أصبحت أكثر إشراقا، وذلك حتى تتمكن كندا من اللحاق بالاقتصاد الأمريكي نحو التعافي التام من أزمة الركود الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.