ها نحن عزيزي القارئ على أبواب افتتاح الجلسة الأولى بالأسبوع بالنسبة للاقتصاد الأكبر في العالم وعلى ما يبدو وأن الاقتصاد الأمريكي يواصل سيره نحو التعافي من الركود الأسوأ منذ الكساد العظيم، حيث أن مختلف القطاعات الرئيسية أبدت بوادر انتعاش جزئي من الأزمة، ولكن تبقى المرحلة مسألة وقت وذلك حتى يتمكن الاقتصاد من الوصول إلى مرحلة النمو على المدى البعيد.
واليوم سيكون موعدنا في البداية مع قطاع الصناعة والذي يعد الابرز بين القطاعات الرئيسية، حيث أن قطاع الصناعة تمكن من التوسع خلال آب للعام 2009 للمرة الأولى منذ الأزمة أو بالتحديد منذ تشرين الأول من العام 2008، ليواصل القطاع تقدمه وسط الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ولكن كما أشرنا سابقا أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العقبات التي تقف أمامه لحد من تقدمه بشكل أوضح أو أسرع.
وتتمثل العقبات عزيزي القارئ بمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني والتي لا تزال تثقل كاهل مستويات الدخل والإنفاق لدى المستهلكين وبالتالي تنعكس على مستويات النمو، وذلك باعتبار أن انفاق المستهلكين يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما بخصوص التقرير الصادر اليوم عن قطاع الصناعة كما أسلفنا أعلاه، فهو تقرير نيويورك الصناعي مغطيا شهر أيار، والذي من المتوقع أن يشير إلى تباطؤ بسيط في النشاطات الاقتصادية ليصل المؤشر إلى 30.00 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 31.86، وهذا لا يعني أن القطاع يعاني من تعثر، حيث أنه يواصل توسعه حتى الآن، ولكن يجب أن لا نغفل مسألة انتهاء معظم البرامج والخطط التحفيزية التي تم إطلاقها خلال الأزمة لدعم وتعزيز مستويات الإنفاق، حيث ارتأت الحكومة الأمريكية أن يكون الربع الأول موعدا لانتهاء تلك البرامج أو الخطط التحفيزية.
أما التقرير الآخر والذي سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي فهو تقرير صافي التدفقات النقدية طويلة الأمد والذي من المتوقع أن يشير إلى فائض يصل إلى 50.0 مليار دولار أمريكي مقارنة بالفائض السابق الذي بلغ 47.1 مليار دولار أمريكي، وهنا نذكر بأن هذا التقرير من دوره أن يعكس الفرق ما بين التدفقات النقدية الداخلة الاقتصاد الأمريكي والتدفقات النقدية الخارجة منه.
ووسط التوقعات التي تشير إلى أن التدفقات النقدية قد ترتفع فإن هذا يشير إلى أن نسبة الاستثمارات في الولايات المتحدة قد ارتفعت سواءا كانت استثمارات محلية أو حتى خارجية، كما أن ارتفاع التدفقات النقدية يعكس أيضا الوضع الاقتصادي بشكل عام في الولايات المتحدة.
ومع هذا كله يبقى الاقتصاد في مواجهة عميقة مع العقبات التي ذكرناها أعلاه، وتبقى المعضلة الأكبر في معدلات البطالة والتي تعتبر مفتاح النجاه للاقتصاد الأمريكي، مشيرين إلى أنه على الرغم من تمكن الاقتصاد الأمريكي من إضافة ما يقارب 300 ألف وظيفة خلال نيسان إلا أنه بالمقابل شهد الشهر نفسه ارتفاعا لمعدلات البطالة من 9.7% لتصل إلى 9.9%.
وهذا ما يؤخر مرحلة تعافي الاقتصاد نوعا ما خلال الفترة الماضية، واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي شهد نموا خلال الربع الأول من العام الحالي والذي بلغ 3.2% ولكنها ليست كتلك النسب التي تمكن الاقتصاد من تحقيقها خلال الربع الرابع من العام 2009، والتي بلغت 5.6%.
وبالحديث عن الأسواق بشكل عام، فيبقى طابع القلق هو المهيمن عليها، حيث شهدنا الدولار الأمريكي والذهب على غير العادة في ارتفاع كبير خلال الأسبوع المنصرم، ليرتفع الدولار الأمريكي من ناحية أمام العملات الرئيسية من ناحية، ومن ناحية أخرى سجل الذهب مستويات تاريخية جديدة، وذلك في خضم سحابة الخوف والرعب التي انتابت ولا تزال تنتاب المستثمرين على مستوى العالم، بخصوص الوضع في اليونان واحتمالية انتقال الأزمة إلى دول أوروبية أخرى.
كما تواصل غمامة التشاؤم اكتساح الأسواق حتى اليوم لنشهد هبوط اليورو واصلا إلى أدنى مستوى له منذ حوالي أربع سنوات، بينما وسط ارتفاع المخاوف تنحى المستثمرين عن الذهب في الوقت الراهن لنشهد إقبالهم على الاستثمارات ذات العائد الأدنى مثل الدولار الأمريكي والين الياباني.