يعيش المستثمرين في الوقت الراهن حالة من التأهب و الترقب لما سوف تقدم عليه البنوك المركزية العالمية , خاصة بعد ان قام البنك المركزي الياباني الشهر الماضي بتوسيع سياسة شراء السندات الحكومية و بعد التلمحيات من الفدرالي و المركزي البريطاني لاحتمالية تقديم من المزيد من خطط التحفيز لدعم مسيرة الانتعاش الاقتصادي و تجنب الوقوع في الركود الاقتصادي, فالاضواء مسلطة على البنوك المركزية العالمية بعيدا عن البيانات الاساسية الهامة التي تعكس التطور الاقتصادي.
بدأ البنك المركزي الياباني بمسلسل توسيع سياسة شراء السندات الحكومية ,إذ يحاول البنك إلى دفع عجلة النمو و حماية صادرات البلاد من التراجع التي تعد الداعم الرئيسي للاقتصاد, وبعد ذلك أصبحت الأسواق تترقب قيام البنك الإحتياطي الفيدرالي بالتوسع في برنامج شراء الأصول من جديد ثم باتت التلميحات حقيقة مؤكدة نحو هذا الإتجاه خلال الفترة المقبلة.
ليس البنك الإحتياطي الفيدرالي وحده يسعى في ذلك المضمار، أيضا في بريطانيا فإن المتابع لتحركات البنك المركزي البريطاني يرى أنه كان هنالك تصريحات وتلميحات حذرة من قبل رئيس البنك السيد ميرفن كينج منذ أوائل العام الحالي نحو عدم الإكتفاء بقيمة برنامج شراء الاصول الحالي البالغ 200 بليون جنيه و أنه قد تحدث عملية توسع إذا ما إستدعت حاجة الاقتصاد البريطاني إلى ذلك وهذا ما تدعمه التوقعات التي صدرت عن مركز بحوث الأعمال و الاقتصاد البريطاني حيث أشارت إلى إمكانية قيام البنك البريطاني بتوسيع قيمة برنامج شراء الأصول ضمن موجة جديدة تقدر بقيمة 100 بليون جنيه إسترليني بل و الإبقاء على سعر الفائدة المتدني حتى نهاية عام 2012.
أما بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي فكان له إتجاه آخر، فلقد طالب رئيس البنك المركزي الألماني السيد اليكس ويبر من رئيس البنك المركزي السيد جون كلود تريشيت بضرورة ايقاف سياسة شراء السندات الحكومية طويلة الأمد , و رد تريشيت اليوم بالرفض مبررا ذلك بأن سياسة شراء السندات الحكومية قد انتعشت الحكومات الأوروبية و البنوك في محاولاتهم المتكررة لمهاجهة الركود الاقتصادية و الحاجة لتمويل الديون.
المفاجأة الكبرى للأسواق كانت عندما قرر البنك المركزي الصيني رفع أسعار الفائدة على غير المتوقع للمرة الأولى منذ 2007 ، فمثل هذا القرار يعتبر عامل جذب للسيولة النقدية الموجودة في الأسواق المالية العالمية التي ستنتقل إلى الأسواق الصينية، خاصة أن أداء الأسهم العالمية مؤخرا يشهد تذبذب كبير مما سيشجع المستثمرين أكثر على نقل أموالهم إلى الاقتصاد صاحب أسرع معدلات نمو في العالم و هو الاقتصاد الصيني.
قدم وزير الخزينة البريطاني السيد جورج اوزبورن أمس مراجعته لخطة تخفيض الانفاق العام و أكد في البداية بأن التمويلات البريطانية ستحقق النمودج المتوازن للميزانية العامة بحلول 2014-2015 و ستخفض العجز في الميزانية العمومية, و أضاف أن اجمالي الانفاق العام على مدى السنوات الاربعة القادمة كما هي بدون تعديل, صرح أوزبورن أن الانفاق الحكومي الرأسمالي سيكون أعلى بقيمة 2 بليون جنيه مقارنة بالخطة التي وضعت في حزيران القادم, و أشار أن دفعات فوائد الديون ستقل بقيمة 5 بليون جنيه بحلول عام 2015.
بالنظر إلى الاجندة الاقتصادية فأننا ننتظر اليوم القراءات الاولية لمؤشر مدراء المشتريات الصناعي و الخدمي في كلا من ألمانيا و منطقة اليورو خلال الشهر الماضي , و التي من المتوقع أن تسجل انخفاضا متأثرة بتراجع أداء الصادرات الاوروبية بعد الارتفاع في قيمة اليورو الذي سلب منه الميزة التنافسية و المنحى الهابط للطلب العالمي, و تأثرت القطاعات الاقتصادية التي تعد الداعم الاساسي لمستويات النمو بمنطقة اليورو خلال الاشهر القليلة الماضية بالاشارات التي قدمتها الاقتصاديات العالمية على رأسها الولايات المتحدة و التي أكدت احتمالية تباطؤ مستويات النمو و ها هي الصين اليوم تؤكد بأن الاقتصاد قد نما خلال الربع الثالث بأبطأ وتيرة خلال العام.
تعد معدلات النمو الصينية خلال الربع الثالث هي الأبطئ هذا العام بعد أن سجل الاقتصاد نمو بنسبة 11.9% خلال الربع الأول و 10.3% خلال الربع الثاني. و يؤكد هذا على الأثر السلبي الذي تسبب فيه ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت خلال شهر أيلول إلى 3.6% موافقا التوقعات ليكون هذا أعلى معدل للتضخم منذ 23 شهراً.