من ليزلي روتون وأليشيا بتاك
وارسو (رويترز) - اتهم مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي دولا أوروبية بارزة يوم الخميس بتقويض الحملة الأمريكية ضد إيران بمحاولة كسر العقوبات الأمريكية على طهران، في تصريحات خلال قمة عن الشرق الأوسط من المرجح أن تزيد من توتر العلاقات عبر الأطلسي.
وتحدث بنس خلال المؤتمر المنعقد في وارسو بمشاركة 60 دولة بينها إسرائيل وست دول خليجية عربية. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤتمر بأنه "نقطة تحول تاريخية" لتحالف ضد إيران. وغاب عن الاجتماع الفلسطينيون وإيران وروسيا.
وأبدت قوى أوروبية، تعارض قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، شكوكها علانية تجاه المؤتمر الذي يقصي إيران. ورفضت فرنسا وألمانيا إرسال وزيري خارجيتهما بينما غادر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت قبل الأحداث الرئيسية يوم الخميس.
وقال بنس "بعض شركائنا الأوروبيين الرئيسيين لم يبدوا للأسف أي تعاون، بل قادوا في الحقيقة مساعي وضع آليات لإفساد عقوباتنا".
وانسحب ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي وافقت بموجبه إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
وتقول دول أوروبية إنها تشترك مع واشنطن في مخاوفها بشأن سلوك إيران في المنطقة لكنها تعتقد أن الانسحاب من الاتفاق النووي كان خطأ ووعدت بمحاولة إصلاح الاتفاق ما دامت إيران تواصل الالتزام به. وبشكل عملي قبلت شركات أوروبية العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران وتوقفت عن الاستثمار هناك.
ودعا بنس الأوروبيين لأن يحذوا حذو واشنطن وينسحبوا من الاتفاق. وقال "حان الوقت لكي ينسحب شركاؤنا الأوروبيون من الاتفاق النووي مع إيران وينضموا لنا".
وأضاف أن آلية وضعها الاتحاد الأوروبي لتسهيل التجارة مع إيران هي "مسعى لكسر العقوبات الأمريكية على النظام الثوري الإيراني القاتل".
وأردف قائلا "إنها خطوة غير حكيمة لن تؤدي إلا إلى تقوية شوكة إيران وإضعاف الاتحاد الأوروبي وتباعد أكثر بين أوروبا والولايات المتحدة".
ووضعت الآلية التجارية الأوروبية كسبيل لشراء صادرات إيران من النفط والغاز مقابل بضائع الاتحاد الأوروبي. لكن سقف هذه الطموحات انخفض في الوقت الذي يقول فيه دبلوماسيون إن هذه الآلية لن تستخدم سوى للتجارة في المنتجات الإنسانية مثل الغذاء وهو ما تسمح به واشنطن.
ورفض دبلوماسيون أوروبيون في المؤتمر اتهامات بنس. وقال دبلوماسي من دولة أوروبية كبيرة بعد خطاب بنس "نختلف بشدة... نريد أن نضغط على إيران بنتائج إيجابية ولا نريد أن ندفع إيران للتحلل من التزاماتها النووية".
وقد يُنظر إلى بولندا، حيث تنعقد القمة، باعتبارها نوعا من التقريع من جانب واشنطن لحلفائها الغربيين التقليديين الذين يعانون من اختلافات مع الحكومة القومية في وارسو بسبب تحركات يقول الاتحاد الأوروبي إنها تقوض استقلال القضاء وحرية التعبير.
ومن المقرر أن يتوجه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى بروكسل يوم الجمعة لإجراء محادثات مع مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني. وقال بومبيو خلال مؤتمر صحفي إن القمة شابتها خلافات بشأن كيفية حمل إيران على تغيير أساليبها لكن كان هناك إجماع، بما في ذلك من الأوروبيين، على أن إيران تشكل خطرا دوليا.
وقال بومبيو في تصريحات ختامية "نحتاج لمزيد من العقوبات والمزيد من الضغط على إيران... لم يكن هناك مدافع عن إيران في الغرفة... لم ترفع أي دولة صوتها لتنكر أيا من الحقائق الأساسية التي وضعناها جميعا بشأن إيران والخطر الذي تشكله وطبيعة النظام".
ولفتت هذه القمة الأنظار بسبب وجود إسرائيل إلى جانب دول عربية ثرية. وتهدف واشنطن إلى تقليص الخلافات بين حلفائها العرب والإسرائيليين بهدف عزل إيران.
* "سيرك بائس"
كان من اللافت للنظر أيضا ليس غياب إيران فحسب، التي وصفت الاجتماع بأنه "سيرك بائس"، ولكن أيضا غياب الفلسطينيين، الذين رفضوا الحضور بسبب ما يعتبرونه تحيز الولايات المتحدة ضدهم في عهد ترامب. ويقاطع الفلسطينيون الإدارة الأمريكية منذ غير ترامب السياسة الأمريكية المتبعة منذ عقود واعترف عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ووجه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات انتقادات للدول العربية بسبب حضورها القمة، وضرب مثلا بالاجتماع العربي العام الماضي الذي أكد مجددا على ضرورة مطالبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية أولا قبل تطبيع العلاقات مع الدول العربية.
وكتب عريقات على تويتر قائلا "مكافأة الاحتلال وقرار إلغاء مبادرة السلام العربية وقرارات قمة الظهران. مقابل ماذا؟ وساطة بين أمريكا وإسرائيل من ناحية وإيران من الناحية الأخرى".
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الطريق الوحيد للسلام هو التفاوض مع القيادة الفلسطينية الممثلة في عباس.
وفي وقت سابق دعا بومبيو إلى عهد جديد من التعاون في الشرق الأوسط في تصريحات بثت علنا. أما باقي الاجتماع، بما في ذلك عرض من جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض وصهر ترامب بشأن خطط السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فتم خلف أبواب مغلقة.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن كوشنر ومبعوث ترامب للسلام في الشرق الأوسط جيسون جرينبلات يحاولان التوسط في خطة سلام تغطي كل القضايا الأساسية في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. وتأجل الكشف عن الخطة بسبب غضب الفلسطينيين من تغيير ترامب السياسة بشأن القدس.
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)