يظهرفي الأفق عدم وجود أية علامات لخروج صناعة النفط الليبية من الشلل التام الذي أصابها بعد تفجر الثورة ضد نظام العقيد معمر القذافي، فالمضخات في الحقول النفطية متوقفة ولا يتعدى الإنتاج اليومي 100 ألف برميل بعدما كان قبل الأحداث يناهز مليون و600 ألف برميل، ولا يغطي الإنتاج سوى ثلث الطلب الداخلي تقريبا المقدر بنحو 280 ألف برميل وحالة الشلل في صناعة النفط نتجت من جهة بسبب خطورة الأوضاع الأمنية، وبفعل العقوبات الدولية التي فرضت على النظام الليبي من جهة أخرى ومع أن هذه العقوبات وتوقف إنتاج كبريات الشركات النفطية العالمية بالأراضي الليبية ظهرا في أول الأمر كأنه ضربة موجعة لنظام القذافي، فإن تداعيات التوقف شملت الثوار أيضا، فقد عجز الثوار والنظام الليبي على حد سواء عن تحصيل عائدات نفطية وأصبح الوقود سلعة نادرة رغم أن البلاد تختزن ثروة كبيرة من النفط بحيث توقفت عمليات استخراج وتصدير البترول الخام ومشتقاته.
وقد صرح مسؤول في المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا شمس الدين عبد المولى إنه لا يوجد إنتاج في أي حقل نفطي، مضيفا أن الثوار صدروا كمية قليلة من الخام لا تتجاوز 100 ألف برميل عن طريق ميناء طبرق بمساعدة شركة قطرية غير أن آمال الثوار في تحصيل المزيد من العائدات النفطية تبخرت إثر نجاحهم في تصدير شحنة في نيسان الماضي، حيث أوقفت شركات نفطية عالمية -مثل توتال وإيني وشل وإكسون موبيل وبي بي وغيرها- عملها داخل الحقول النفطية وقد اعترف المجلس الانتقالي بعدم قدرته على استئناف التصدير في الوقت الراهن، وبالتالي ركز اهتمامه في المرحلة الحالية على تأمين حقول النفط دون الاضطرار للاستعانة بشركات أمن أجنبية وتواجه صعوبات أكبر بالنسبة لنظام القذافي، إذ لا يستطيع بيع النفط الخام ولا يتوفر على مخزون كاف من البنزين لسد الحاجيات في المناطق الغربية التي يسيطر عليها، وقال عبد المولى إن محاولات القذافي شراء وقود من الجزائر باءت بالفشل ومع أن المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة لحكومة القذافي بمقدورها مواصلة الإنتاج رغم انسحاب الشركات الأجنبية، حيث كانت تنتج قرابة نصف الإنتاج الإجمالي للبلاد، فإن المعطيات على الأرض لا تصب في صالح المؤسسة الليبية.
فمعظم مناطق إنتاج النفط تقع في المناطق الشرقية ضمن ما يسمى حوض سرت أو هلال النفط الذي يضم نحو 80 % من احتياطي ليبيا النفطي، وبالتالي يتعذر على أي شركة العمل بطريقة طبيعية هناك، كما أن العقوبات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1973 شملت المؤسسة الوطنية للنفط وعلى مستوى التصدير، تقع في شرق ليبيا الموانئ النفطية الرئيسية في البلاد وهي السدرة ومرسى البريقة وراس لانوف والزويتية، مما يصعب بدرجة كبيرة على نظام القذافي ضمان تدفق بحري للإمدادات النفطية وبخلاف هذه الصورة فإن الشركات البترولية العالمية التي أوقفت إنتاجها في ليبيا لم تتكبد خسائر جراء هذا التوقف، بل على العكس حيث استفادت من ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ اندلاع الثورة ضد القذافي في شباط الماضي، إذ خفضت إنتاجها وزادت أرباحها.