بورسات (كمبوديا)، 16 يونيو/حزيران (إفي): تستعد كمبوديا لتوديع قطار البامبو العجيب، وسيلة المواصلات العتيقة التي خدمت في نقل المسافرين والبضائع من كل شكل ولون، طوال عقود، لتفسح المجال لإقامة خطوط سكك حديدية حديثة.
تتكون عربات (اللوري)، كما يطلق عليه السكان المحليون من ألواح خشب البامبو، يتم وصلها بعجلات صغيرة من الصلب، ويدفعها محرك خفيف لزورق نهري، وأحيانا محرك دراجة نارية، ويبلغ سعر تذكرة الرحلة التي يصل طولها 40 كلم ما قيمته دولار واحد.
ويقطع القطار مساره الفردي والوحيد وسط مناطق دمرتها النزاعات والحروب الأهلية، والتي لم تعرف أي خط سكك حديدية لسنوات، ويعتبر مشروعا مربحا للقائمين عليه الذين يبلغ دخلهم الشهري منه نحو 200 دولار، وهو دخل مرتفع في بلد بمستوى اقتصاد كمبوديا.
وينطلق القطار بدون جدول مواعيد ثابت أو محطات محددة، أما أفضل مميزاته فهي أنه يسهل تحميله وتفريغه بأبسط وأسرع ما يمكن. ومن الطريف في الأمر، نظرا لأنه خط فردي أنه عندما يتقابل قطاران على نفس الخط، يقوم الركاب بتفريغ القطار الأقل حمولة لإفساح المجال أمام عبور الآخر.
يشار إلى أن قطار البامبو الكمبودي بدأ في العمل منذ عقد الثمانينيات، عقب سقوط نظام الخمير الحمر، لتوفير خدمة نقل رخيصة للسكان على الأطراف، في بلد تتسم الطرق فيه بالوعورة الشديدة، بصور لا تسمح بسير القطارات.
ولا تتجاوز سرعة هذا القطار العجيب والفريد من نوعه الـ50 كلم/ساعة في أفضل الأحوال، ومع ذلك، لأنه خدمة سهلة وبسيطة ورخيصة فقد اكتسب شعبية كبيرة، وخاصة في شمال البلاد.
وتقع مدينة بورسات (175 كلم) من العاصمة بنوم بنه، في منتصف مسار قطار البامبو، الذي يعتبر وسيلة المواصلات الأكثر حيوية لسكان الضواحي، نظرا لأنه الأرخص والأضمن من الدراجات النارية أو السيارات، سواء للمسافات الطويلة أو القصيرة.
وكما يستخدم القطار في نقل المسافرين والبضائع والماشية والدواجن والمحاصيل، يستخدم أيضا كمجال لممارسة النشاط التجاري، حيث يغص بالباعة الجائلين على طول مساره، وخاصة للمنتجات المحلية من طعام وشراب وأحيانا خضروات وفاكهة.
ويؤكد السكان المحليون بالمدينة أنه لولا وجود القطار الخشبي، لكانوا مضطرين لقطع كيلومترات طويلة وغير آمنة وعبر طرق وعرة للوصول إلى أماكن لبيع منتجاتهم أو للوصول إلى مقاصدهم.
ومع ذلك يدرك السكان أن هذا القطار البالي المتهالك لم يعد مستوفيا لمعايير الأمان، ومن ثم باتوا يترقبون وصول القطار الحديث، الجاري العمل به من العاصمة بنوم بنه.
وفي تصريحات لوكالة (إفي) يؤكد ديفيد كير مدير شركة (تول رويال ريلواي) أن قطار البامبو سوف يتم وقفه تماما، بعد إطلاق القطار الحديث.
ومن المقرر أن يتأثر بالمشروع الجديد، 189 قطار خشبي تجوب أنحاء البلاد طولا وعرضا، إلا أن المسئولين الحكوميين عرضوا تقديم تعويضات تتراوح بين 225 و275 دولار لأصحابها كي يشتروا دراجات نارية أو عربات (توك توك)، لمواصلة نشاطهم. (إفي)