معروف ولد عودة.
نواكشوط، 25 ديسمبر/كانون أول (إفي):- شهد عام 2009 انتصار موريتانيا على أزمتها السياسية بعد فوز الجنرال محمد ولد عبد العزيز -قائد انقلاب 2008- في الانتخابات الرئاسية، ولكن لم تمر الامور هكذا سهلة، حيث ارتفعت من جانب آخر وتيرة الاعمال الارهابية بعد عدة حوادث عنف واختطاف كان أبرزها خطف ثلاثة نشطاء اسبان على يد ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي".
وجاءت بداية النهاية للأزمة السياسية بعد التوصل لاتفاقية داكار في الرابع من يونيو/حزيران، برعاية من الرئيس السنغالي عبد الله واد، وبدعم وترحيب من جانب المجتمع الدولي.
وتم التوقيع على الاتفاق من قبل جميع اللاعبين الفاعلين على الساحة السياسية الموريتانية، بما فيهم تكتل القوى الديمقراطية والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التي تنطوي تحتها الاحزاب والجماعات السياسية المعارضة لانقلاب أغسطس/آب 2008.
وكان على رأس أولويات اتفاق داكار تحديد موعد جديد لاجراء الانتخابات في 18 يوليو/تموز، بدلا من الموعد الذي كان عبد العزيز قد حدده بشكل منفرد في 6 يونيو.
ولكي يكون بامكانه الترشح في الانتخابات، قام عبد العزيز، الذي كان حينها مايزال رئيسا للمجلس العسكري الحاكم، بتقديم استقالته من منصبه قبل 40 يوما من بدء العملية الانتخابية، التزاما بما يمليه الدستور الموريتاني، وأصبح بذلك رئيس مجلس الشيوخ الموريتاني، با مامادو امبارى، رئيسا مؤقتا للبلاد.
وقامت حكومة ائتلافية انتقالية بمسئولية التحضير للانتخابات، في حين حملت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة على عاتقها ضمان نزاهتها، وهو ما أكده في حينه المراقبون الدوليون الذين تواجدوا في نواكشوط بهذه المناسبة.
واجريت الانتخابات دون الحاجة لجولة اعادة، حيث فاز عبد العزيز في الجولة الأولى بـ52.58 في المائة من الاصوات، يليه رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، مسعود ولد بلخير، (16.29 في المائة)، وزعيم تكتل القوى الديمقراطية، أحمد ولد داده (13.66 في المائة).
وعلى الرغم من الاحتجاجات والحديث حول تزوير مزعوم، إلا ان المجلس الدستوري صادق على النتيجة، تماما كما فعلت الحكومات الغربية، وانتهت بذلك الازمة السياسية الموريتانية.
ولكن على جانب آخر، أصبح التهديد الإرهابي أكثر وضوحا من أي وقت مضى في موريتانيا طوال عام 2009 الذي شهد اغتيال ناشط أمريكي في مجال المعونة الانسانية في يونيو/حزيران، وهجوما انتحاريا على السفارة الفرنسية في أغسطس/آب، وخطف ثلاثة مواطنين إسبان يعملون ايضا في مجال المساعدة الانسانية في نوفمبر/تشرين ثان، واخيرا عملية اختطاف مواطن إيطالي وزوجته.
وتعتبر عملية اختطاف المواطنين الاسبان -ألبرتو بيلاتا، وروكى باسكوال، وأليثيا جوميث- الاولى من نوعها على الاراضي الموريتانية، ونفذها مجموعة من المسلحين بينما كان المختطفون داخل سيارة دفع رباعي ضمن قافلة مساعدات تابعة لمنظمة "برشلونة للعمل التضامني" الإسبانية غير الحكومية.
وتمت عملية الاختطاف على بعد حوالي 170 كم من العاصمة الموريتانية، على طريق يربط بين مدينتي نواديبو (شمال) ونواكشوط، عندما كانت القافلة متوجهه بالمساعدات إلى العاصمة السنغالية داكار.
وبعد عدة ايام من الأنباء المتضاربة حول مصير المختطفين، اذاعت قناة الجزيرة القطرية شريطا مسجلا أعلن من خلاله متحدث باسم ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" مسئولية جماعته عن خطف الاسبان الثلاثة ومواطن فرنسي يدعى بيير كامات، في عمليتين منفصلتين، الأولى في مالي في 25 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، والثانية في موريتانيا في 29 من الشهر نفسه.
وأكد المتحدث أن التنظيم سوف يقوم "لاحقا بإبلاغ فرنسا واسبانيا بمطالب المجاهدين المشروعة"، من أجل الإفراج عنهم، وذكر أن "المجاهدين" الذين نفذوا العمليتين "عادوا إلى قواعدهم الآمنة سالمين".
وكان الرئيس عبد العزيز نفسه قد القى باللائمة في تسهيل عملية اختطاف الاسبان الثلاثة على "الفساد والافتقار للامكانيات"، في اطار ما اسماه بـ"قصور متراكم وموروث من الماضي"، منوها إلى ان "الجيش كان تحت وطأة الفساد وقوات الامن كانت تفتقر للعتاد والحافز اللازمين".
وكان من بين اولى القرارات التي اتخذها الرئيس عبد العزيز بعد اختطاف الاسبان الثلاثة اقالة قائد أركان الدرك الوطني الجنرال أحمد ولد بكرن من منصبه وتعيين العقيد انجاك جنك، الأمين العام السابق لوزارة الدفاع، خلفا له.
وعلى أية حال، فان 2009 يمضي دون جديد حول مصير المختطفين الإسبان، في ظل شكوك متزايدة حول احتمالية ان يكونوا قد تم نقلهم بواسطة خاطفيهم خارج الاراضي الموريتانية باتجاه احدى دول الجوار. (إفي)