يشهد الاقتصاد الأمريكي يوما هادئا عزيزي القارئ وسط افتقار البيانات الاقتصادية الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، وذلك بعد أحداث مليئة بالتساؤلات حول وضع الاقتصاد الأمريكي والتي أظهر بعضها بوادر التعافي التدريجي من أسوأ مرحلة من الركود منذ الكساد العظيم، بيد أن البعض الآخر أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بحاجة لمزيد من الوقت حتى يتحقق التعافي التام.
ونذكر هنا أن المؤشرات التي صدرت خلال الأسبوع الماضي تعلقت بمستويات التضخم، والتي ارتفعت في كل من مؤشر أسعار المنتجين والمستهلكين خلال شهر تشرين الثاني، مما عكس التقدم في النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، واضعين بالاعتبار أن البنك الفدرالي أشار مسبقا ومؤكدا مجددا أن معدلات التضخم ستبقى تحت السيطرة على المدى البعيد وذلك لتحقيق النمو في الاقتصاد الأمريكي.
ولكن بالمقابل أعلنت الوكالة الفدرالية لضمان الودائع البنكية الأمريكية FIDC منذ يومين عن افلاس سبعة بنوك جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في ست ولايات ليرتفع بذلك عدد البنوك الأمريكية المفلسة لتصل إلى 140 بنك، وهي الأعلى منذ سبعة عشر عاما.
ونشير أن هذه البنوك المفلسة والتي وإن كانت ليست بالبنوك الضخمة إلا أنها تعد مؤشرات ولو ضئيلة على أن القطاع المالي في الولايات المتحدة الأمريكية لا يزال يعاني جراء أعقاب الأزمة الائتمانية التي ضربت بالاقتصاد الأمريكي بشكل خاص وبالعالم أجمع بشكل عام.
حيث أن رؤوس أموال تلك البنوك تأثرت بشكل كبير من هذه الأزمة الأمر الذي قيد الاموال البنكية التي بحوزة البنوك، مشكلا بالتالي تقليصا في الاستثمارات والتي بدورها حدت من مستويات نمو النشاط الاقتصادي في القطاع المالي بشكل عام، مما اضطر البنوك تخصيص الأموال المتبقية لإعادة هيكلة الوضع المالي لها بعد تعثرها.
ويجب أن لا ننسى أن الاقتصاد الأمريكي بالرغم من تقدمه مؤخرا وبالرغم من دوافع التحسن التدريجي في مختلف القطاعات الرئيسية، إلا أنه يبقى هشا وعرضة لأي أزمة أخرى، واضعين بعين الاعتبار أن معدلات البطالة الأمريكية والتي وإن تراجعت خلال تشرين الثاني لتصل إلى 10.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 10.2% إلا أنها تبقى ضمن المستوى الأعلى لها منذ 26 عام، إلى جانب الأوضاع الائتمانية الصعبة والتي تؤثر بشكل مباشر على الدخل الشخصي، وبالتالي على مستويات إنفاق المستهلك، وهذا ما يقف حاجزا أمام تحقق التعافي بشكل أوضح، مع العلم أن إنفاق المستهلك يشكل حوالي ثلثي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع ذلك كله يجب أن لا نغفل دور الحكومة الأمريكية والبنك الفدرالي في مواصلة الدعم للنظام المالي عن طريق إبقاء معدلات الفائدة ضمن المستويات المتدنية، وعن طريق توسيع أو تمديد البرامج التحفيزية التي بدورها تعزز مستويات الإنفاق لدى المستهلك الأمريكي.
ومتحدثين بإيجاز عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي، فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، وسيصدر اليوم عن الاقتصاد الكندي مؤشر مبيعات التجزئة الذي من المتوقع أن يتراجع قليلا خلال تشرين الأول ليصل إلى 0.8% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.0%.