قبل الحديث عن اليوم وعن الجلسة الأمريكية الجديدة، يجب أن نتطرّق إلى أمس الإثنين وما تحدث عنه برنانكي بعد إغلاق الجلسة الأمريكية، حيث أشار رئيس البنك الفدرالي الأمريكي بأن قطاع العمالة بات بواجه وقتا عصيبا في المرحلة الراهنة، مضيفا بأن العجز في الميزانية الأمريكية يعد التهديد الحقيقي والمتصاعد بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.
واضعين بعين الاعتبار أن البنك الفدرالي وبقيادة السيد برنانكي كان قد ألمح مسبقا بأنه سيعتزم زيادة عمليات شراء السندات المالية المتعثرة، الأمر الذي يشير بأن الأمر يتطلب مواجهة كبيرة بالنسبة للبنك الفدرالي وللاقتصاد الأمريكي ككل للتصدي لهذا التباين في أداء الأنشطة الاقتصادية.
أما اليوم فلا يوجد على الأجندة اليومية سوى تقرير معهد التزويد الغير صناعي للخدمات، فالتوقعات تشير إلى أن قطاع الخدمات سيشير إلى ارتفاع طفيف في الأنشطة الاقتصادية خلال شهر أيلول ليصل المؤشر إلى 52.0 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 51.5، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع الخدمات والصناعة واجها تراجعا في الأنشطة الاقتصادية خلال الفترة القليلة الماضية وسط التحديات التي تقع على عاتق الاقتصاد الأمريكي.
ولكن على الرغم من هذا التراجع إلا أن القطاع الخدمي لا يزال في مرحلة التوسع التي بدأها مسبقا، حيث لا يزال المؤشر فوق مستوى 50 وهو حد التوسع بالنسبة لقطاع الخدمات، ويجب أن نغفل من أذهاننا عزيزي القارئ أن معدلات البطالة لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ ما يقارب الربع قرن، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني.
أضف إلى ذلك عزيزي القارئ أن تقرير العمالة من المفترض أن يصدر يوم الجمعة القادم، حيث أن التوقعات تنصب في أن معدلات البطالة سترتفع إلى 9.7% مقابل 9.6%، الأمر الذي يضع على عاتق الاقتصاد ضغوطات كبيرة لتخطي مرحلة التباين في الأنشطة الاقتصادية، ولكن كان البنك الفدرالي قد أشار مسبقا وفي مناسبات عديدة أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل نموه ولكن ضمن وتيرة معتدلة وتدريجية.
وهنا نشير إلى ان الاقتصاد الأمريكي سيلزمه المزيد من الوقت إلى أن تعود المياه إلى مجاريها، إذ أن العقبات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي منعته من التقدم بالصورة المنشودة، والجدير بالذكر أن مفتاح تعافي الاقتصاد الأمريكي يكمن في قطاع العمالة الأمريكي، حيث أن أرباب العمل لا يزالون حذرون في مسألة توظيف أعداد جديدة، مما به الأثر على النشاطات الاقتصادية في مختلف القطاعات الرئيسية.
وبالنظر إلى الاقتصاديات الرئيسية حول العالم نجد بأن مرحلة التعافي لم تظهر بالصورة الواضحة بعد، منوّهين بأن البنك الفدرالي الأمريكي كان قد أرسل اشارات قوية تنص على انه سيقوم بتطبيق المزيد من التيسير النقدي، في حين ان الفدرالي اوضح بعض من المخاطر التنازلية حول النظرة المستقبلية للتضخم في ظل الاوضاع الاقتصادية التي ما زالت تعد سيئة بجميع المعايير.
مشيرين إلى أن الأوضاع في الاقتصاديات الرئيسية ليست أفضل من الاقتصاد الأكبر في العالم، إذ قرر صانعو السياسة النقدية اليوم في البنك المركزي الياباني برئاسة السيد شيراكاوا - رئيس البنك المركزي الياباني - بتخفيض أسعار الفائدة إلى 0.0% - 0.10% في قرار غير متوقع من قبل البنك المركزي، هذا إلى جانب قيام البنك المركزي الياباني بتكوين صندوق نقدي بقيمة 5 تريليون ين سيتم توجيهه إلى دعم السيولة النقدية في الأسواق اليابانية.
وهذا ما يشير إلى أن تخطي الأزمات بالنسبة للاقتصاديات الرئيسية حول العالم يتطلب جهود جبارة من صانعي القرارات، حيث أن الاقتصاد الأمريكي سيأخذ وقته لتحقيق التعافي التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا قد يظهر بحلول النصف الثاني من العام المقبل 2011...