من دارين بتلر وجلسن سولاكر
اسطنبول/ أنقرة (رويترز) - تسببت موجة من أعمال القتل والانتخابات العامة التي ظهرت نذرها في الأفق والحرب الدائرة في سوريا في تعقيد المساعي الرامية إلى وضع نهاية للتمرد الكردي المستمر منذ 30 عاما في تركيا وذلك في الوقت الذي لاحت فيه إمكانية لتحقيق إنفراجة في محادثات السلام.
وتقول مصادر وثيقة الصلة بعملية السلام إن الزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان ربما يدعو إلى إنهاء حملة الكفاح المسلح التي يشنها حزبه حزب العمال الكردستاني في تركيا بحلول مارس اذار المقبل.
لكن البعض يقول أيضا إن القلاقل في جنوب شرق تركيا حيث يتركز الأكراد تشير إلى أن حزب العمال يستعرض عضلاته في إطار سعيه لابراز نفوذه في المنطقة.وبعد أربعة أشهر من أعمال شغب واسعة النطاق سالت فيها الدماء فجرها غضب الأكراد من رفض أنقرة المساعدة في الدفاع عن إخوانهم الأكراد في سوريا تجددت أعمال العنف في بلدة الجزيرة قرب حدود سوريا والعراق بين قوات الأمن وأنصار حزب العمال والاسلاميين الأكراد.
وكان سادس قتيل يسقط في الاضطرابات الاسبوع الماضي صبيا عمره 12 عاما.
وزاد العنف الضغوط على تركيا المرشحة للانضمام للاتحاد الاوروبي للاسراع بمحادثات السلام التي بدأت مع أوجلان قبل أكثر من عامين لانهاء الصراع الذي سقط فيه 40 ألف قتيل وعرقل التنمية في واحدة من أفقر المناطق في تركيا وأضعف ما حققته من تقدم في ترسيخ الديمقراطية وسجلها في حقوق الإنسان.
وقال حسين يايمان الأستاذ بجامعة غازي في أنقرة الذي زار الجزيرة مؤخرا لرويترز "أعتقد أن بيانا ايجابيا سيصدر في الربيع لكن الحكومة تتحرك ببطء. وهذا البطء يضايق الناس."
وأضاف "الحكومة تتصرف على هذا النحو لان الانتخابات قادمة ولأنها تخشى انقسام تركيا."
ومثلما كان الحال في أسوأ أيام العنف خلال التسعينات يهرع أهل الجزيرة إلى بيوتهم قبل حلول الليل. وتم تدمير كاميرات المراقبة وحفرت خنادق حول الأحياء لمنع قوات الأمن من دخولها.
ووصف يايمان المدينة بأنها مشروع تجريبي لخطط حزب العمال لإقامة مناطق خاضعة لسلطته في جنوب شرق تركيا على امتداد الحدود مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في شمال سوريا.
وأضاف يايمان أن الجيش التركي يخشى أن تقوي عملية السلام حزب العمال في الوقت الذي يستغل فيه الأسلاميون الأكراد الاضطرابات حتى يكون لهم دور في المحادثات.
ويشعر نائب رئيس الوزراء التركي يلجين أكدوجان وهو الشخصية الرئيسية في عملية السلام بالتفاؤل إذ قال في مقابلة الأسبوع الماضي "يمكن رؤية الضوء في نهاية النفق أوضح من أي وقت مضى."
ويبدو أيضا أن أوجلان المسجون في جزيرة إمرالي جنوبي اسطنبول منذ عام 1999 ملتزم بالعملية.
لكن قادة حزب العمال الكردستاني في القواعد المنتشرة في جبال شمال العراق مازالوا على مواقفهم المتشددة. وقد وصفوا العنف في الجزيرة بأنه "ارهاب الدولة" وقالوا إن أنقرة تتبع سياسات "زائفة بوجهين".
وقال القادة في بيان بعد مقتل الصبي "لا يمكن أن يظل أي هجوم في كردستان دون رد. وعلى شعبنا أن يرد على كل هجوم ويطور دفاعاته الذاتية وحقه المشروع والديمقراطي في المقاومة."
بل إن شخصية رئيسية على صلة وثيقة بعملية السلام متمثلة في شخص صلاح الدين دميرتاش أحد زعماء حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد قال لقناة سي.إن.إن التركية يوم الأحد إنه ليس واقعيا توقع صفقة مع هذه الحكومة "حتى إذا تفاوضت 50 عاما."
* مساحة محدودة للمناورة
وجددت أحداث العنف الأخيرة ذكريات أعمال الشغب في أكتوبر تشرين الاول التي قتل فيها عشرات وكادت تفسد عملية السلام بسبب غضب الأكراد مما اعتبروه دعما تركيا لتنظيم الدولة الاسلامية التي تقاتل الاكراد في سوريا.
وردت الحكومة بإصدار تشريع يشدد الأمن العام خشية أن تفقد الدعم لعملية السلام التي استثمر فيها الرئيس رجب طيب اردوغان الكثير من رأسماله السياسي.
وقال أكدوجان نائب رئيس الوزراء في مقابلة مع قناة خبرترك التلفزيونية "لن نأخذ أي خطوة لا يقبلها المجتمع."
وقال حسيب كابلان النائب عن حزب الشعب الديمقراطي إن الحكومة بحاجة لتقبل المحتوم ووضع إطار لاتفاق السلام.
وأضاف لرويترز "لأن أمامنا انتخابات والوقت محدود فنحن في فترة تتطلب قرارات مهمة بشأن المفاهيم والمؤسسات والظروف." وتوقع أن تصدر "اعلانات مهمة" بحلول مارس اذار.
ويتكتم المشاركون في المحادثات الأمر فلا يخوضون في أي تفاصيل خشية تقويض احتمالات التوصل لاتفاق.
ويطالب الأكراد بالافراج عن أوجلان والعفو عن المقاتلين واتخاذ خطوات صوب تأسيس حكم ذاتي لهم.
وأحبطت آمال أنقرة لوضع نهاية تامة لوجود حزب العمال كجماعة مسلحة بسبب الدور الذي رسمه الحزب لنفسه في القتال في صفوف الحلفاء في سوريا والعراق ضد الدولة الاسلامية.
وقال الكاتب عبد القادر سلفي في صحيفة يني شفق التركية الموالية للحكومة "حزب العمال لم يتخل عن الكفاح المسلح. فهو يلقي السلاح في تركيا ويسحب مقاتليه إلى سوريا والعراق."
وأضاف أن الأحداث في الجزيرة تظهر أن الجماعة تعزز جناحها في المدن وتحافظ على هدف الحكم الذاتي.