بينفيل(البرتغال)، 19 أكتوبر/تشرين أول (إفي): قدم الأديب البرتغالي الشهير الحائز على جائزة نوبل جوزيه ساراماجو أحدث روايته بعنوان "قابيل" في منطقة بينفيل، شمال البرتغال، حيث تم تكريمه على مسيرته الأدبية.
وأكد الأديب أن عمله الجديد يتناول أسطورة قابيل من وجهة نظر لا تمت بصلة إلى الدين بأسلوب يقوده إلى التساؤل عن دور الرب قائلا "بدون الانجيل سنكون أشخاص آخرين، بالتأكيد أفضل".
وأبرز الفائز بنوبل بكتاباته باللغة البرتغالية تأثير الانجيل على الثقافة الغربية واصفا إياه بأنه "كتاب رهيب وغامض" ولكنه "مسلي جدا" في نفس الوقت. وأضاف ساراماجو، في إشارة إلى عمله، "إننى لا أخترع شيئا(...) إننى أرفع الحجارة لكى يرى القارء ما يوجد بأسفلها" مشيرا إلى أنه على الرغم من قسوة القصة إلا أنها تحتفظ "بخيط هزلي حتى النهاية".
ويتابع ساراماجو أن الرب "مفهوم" يثير الأديب وبرغم انكاره لوجود الرب إلا أنه يعترف بإنجذابه إلى الموضوع نظرا لما يمارسه من سلطة على الأشخاص. ويضيف ساراماجو أن "الدين لا يصلح لتحقيق التقارب بين الأشخاص" متسائلا "لما يصلح الدين؟" موضحا إنه ليس لديه شيىء ضد الرب نظرا لأنه "لا يعتقد في وجوده".
ويعود ساراماجو إلى موضوع الدين في روايته "قابيل" التى تذكرنا بروايته "الانجيل وفقا للمسيح" (1991) التى أثارت كثيرا من الجدل في البرتغال المتمسكة بالتقاليد الكاثوليكية.
وتستند الخيوط الفنية للرواية إلى عدة شخصيات من العهد القديم مثل آدم وحواء وقابيل وهابيل الذين يحتلون مساحة أساسية من حبكة القصة حيث يقوم بتحليلهم انطلاق من رؤية لاذعة.
ويؤكد ساراماجو في تقديمه، الأحد، للرواية التى ينتقد فيها الدور الإلهي لعدم معاقبته بالشكل الكافي لفعل قابيل، أن "قابيل يمثل اختبارا للحرية. هو قاتل شقيقه هابيل دون أن يشعر بتأنيب للضمير". وأيد أن الرب تقع عليه "مسئولية" إزاء هذا العمل الشائن و"لا يمكن الوثوق به لأنه لا يفي بالتزاماته".
كما يتناول ساراماجوا الانجيل من منظور نقدي متسائلا "كيف يمكن لأناس يتميزون ببساطة الروح أن يقبلون بالاحتفاظ بشىء في منازلهم يجب أن يخبىء بعيدا عن أيدي الأطفال؟".
ويعترف الأديب العالمي بدهشه من قصص "زنا المحارم والعنف والترهيب" التى يتضمنها هذا الكتاب الذى تتخذ منه ديانات مثل البروتستانتية نموذجا للسلوك. ويؤكد ساراماجوا أنه "كتاب إرشادات للسلوكيات السيئة" مشيرا إلى أن رواية "قابيل" ،التى تتناول فقط العهد القديم الذى اتبعه اليهود، سوف تثير جدلا أقل من "الانجيل وفقا للمسيح"، الذى عارضت حكومة البرتغال حينذاك تنافسه على الفوز بالجائزة الأوروبية للآداب.
وينصح أديب أعمال مثل "عام وفاة ريكاردو رييس" بالتفكير خارج القوالب المفروضة ويطالب باستثمار "الحرية" والسعى إلى تحقيق "السعادة" مؤكدا أن "الديانات تتمتع بالسلطة ونحن المخدوعون".
وقد وزعت رواية "قابيل"، التى طرحت هذا الأسبوع للبيع باللغة البرتغالية والإسبانية والقطالونية سواء في أمريكا اللاتينية أو في شبه جزيرة إيبيريا ،50 ألف نسخة في أول طبعة لها بالبرتغال ، وفقا لما أفادته مصادر من دار النشر لوكالة (إفي).
وقال ساراماجوا لقرائه، من الجماهير والمفكرين المشاركين في منتدى "إسكريتاريا 2009 " بمنطقة بينفيل، الواقعة على بعد 364 كلم شمال العاصمة لشبونة، إنه "إذا سارت الأمور على مايرام فسوف يكون هناك كتاب آخر العام القادم".
وقد نظم المنتدى، خلال ثلاثة أيام، عروض وحلقات نقاش لأفلام تتعلق بأعمال ساراماجو من بينها الفيلم السينمائي "العمى" (2008) للبرازيلي فرناندو ميريس المستوحى من روايته "مقال حول العمى"(1995).
وفي إطار المنتدى تم تسليم جائزة "جوزيه ساراماجو 2009 "الأدبية إلى الكاتب خاو توردو وهى جائزة تمنح كل عامين بقيمة 25 الف يورو(37.200 دولار) تهدف إلى تنشيط الإبداع الأدبي الصادر باللغة البرتغالية للكتاب الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 عاما.(إفي)د ق /م ع