ها نحن نبدأ يوماً آخر من أيام الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ينتظر المستثمرون صدور أرقام مؤشر ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص في وقت لاحق اليوم، حيث تشير التوقعات إلى أن القطاع الخاص نجح في خلق 30 ألف فرصة عمل جديدة خلال شهر نيسان الماضي، عقب ما شهدناه خلال شهر آذار الماضي من فقدان القطاع لحوالي 23 ألف وظيفة.
ويأتي الإعلان عن هذا التقرير قبيل يومين فقط من صدور ما هو أهم -تقرير الوظائف الأمريكي- حيث من المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف يوم الجمعة نجاح الاقتصاد الأمريكي في توفير 189 ألف وظيفة جديدة خلال شهر نيسان، مع الإشارة إلى أن آخر تقرير وظائف صدر عن الاقتصاد الأمريكي قبيل شهر أظهر نجاح الاقتصاد الأكبر في العالم في توفير 162 ألف وظيفة جديدة، كما و من المتوقع أن يظهر تقرير الجمعة نجاح القطاع الخاص في توفير 100 ألف وظيفة جديدة خلال شهر نيسان، بالمقارنة مع أرقام شهر آذار والتي أظهرت نجاح القطاع الخاص في توفير 123 ألف فرصة عمل جديدة وبحسب مؤشر التغير في وظائف القطاع الخاص.
ولا يزال القطاع الذي يعد مفتاح الحل في الاقتصاد الأمريكي -قطاع العمالة- يبحث عن استقراره، حيث يواصل القطاع التقلب والتأرجح بسبب تردد أرباب العمل في توظيف الأيدي العاملة من جديد، الأمر الذي يفرض على القطاع التعافي بوتيرة بطيئة جداً، وبالتالي فإن ذلك يضع المزيد من التحديات والعقبات في طريق الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية للتعافي من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، نظراً لكون لكون معدلات البطالة المرتفعة لا تزال تؤخر الانتعاش المنشود في الاقتصاد الأكبر في العالم، وتمنعه من النمو على المدى البطويل.
وعلى الرغم من الأرقام القوية والتي قد نراها في تقرير الوظائف، فإن معدلات البطالة في البلاد لا تزال تقف عند أعلى مستوياتها منذ ربع قرن من الزمان والبالغة 9.7% ومن المتوقع بقاؤها كذلك لفترة من الزمن، لتكون معدلات البطالة شوكة في حلق عجلة التعافي والانتعاش في البلاد، ولكن لا بد لنا من الإشارة إلى أن نجاح الاقتصاد الأمريكي في خلق المزيد من فرص العمل يعد تحسناً في ظروف القطاع خلال شهر نسيان، الأمر الذي من شأنه مساعدة الاقتصاد الأمريكي على الانتعاش بشكل كامل خلال الأشهر القليلة المقبلة.
مسألة أخرى لا تزال تعمل على تأخير عجلة التعافي والانتعاش إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، حيث تتمثل تلك المسألة في تشديد شروط الائتمان، ليشكل هذين العاملين مطرقة من حديد تعمل على تدمير مستويات الدخل، وبالتالي فإن ذلك يؤثر على مستويات الإنفاق ضمن الاقتصاد الأكبر في العالم، مع العلم بأن الإنفاق يشكل تقريباً ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد الأمريكي.
وكان تقرير الدخل الذي أصدرته وزارة التجارة الأمريكية يوم الاثنين قد أظهر ارتفاع معدلات الإنفاق خلال شهر آذار وبأعلى من التوقعات، حيث يعد ذلك الشهر هو ذاته الذي تضمن نجاح أرباب العمل في توفير فرص عمل للمرة الأولى منذ بدء الركود الاقتصادي، لذلك فإن الحكومة الأمريكية مطالية بالاستمرار في مساعدة قطاع العمالة، في سبيل ضمان نمو الاقتصاد على المدى الطويل في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن تحسن الظروف الاقتصادية أسهم في نمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من العام الجاري 2010، حيث نجح الاقتصاد الأمريكي في أن ينمو بنسبة 3.2% خلال تلك الفترة، عقب النمو الكبير الذي حققه خلال الربع الرابع من العام الماضي 2009 والذي بلغ 5.6% ، ولكن وعلى ما يبدو فإن أرباب العمل بحاجة إلى رؤية المزيد من بوادر الانتعاش وقاعدة صلبة للنمو من أجل توفير المزيد من فرص العمل والتوسع في الاستثمارات.
وعلى صعيد آخر فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي قراءة مؤشر معهد التزويد الغير صناعي (للخدمات) عن شهر نيسان اليوم، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع المؤشر ليصل إلى 56.0 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 55.4 قبيل شهر.
وفي النهاية فإن قطاع الخدمات الأمريكي لا يزال يسير بخطى ثابتة للتعافي والانتعاش، ليتبع بذلك نظرائه في الاقتصاد الأمريكي أمثال قطاع الصناعة وقطاع المنازل، حيث شهدنا تحسناً ملحوظاً خلال الفترة الماضية في أداء كافة قطاعات الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي شكل قاعدة قوية للاقتصاد الأمريكي ليسجل معدلات نمو قوية خلال الربعين الماضيين، ومن المتوقع عزيزي القارئ أن يواصل التحسن في الأوضاع الاقتصادية والأنشطة الاقتصادية دعم النمو الاقتصادي في البلاد خلال العام الجاري 2010 ، قبيل أن يتمكن الاقتصاد الأمريكي من النمو على المدى البعيد بحلول العام المقبل 2011...