فيينا، 9 يناير/كانون ثان (إفي): تسبب انهيار سوق العمل في الولايات المتحدة وتشدد السياسة النقدية في الصين في كبح جماح ارتفاع أسعار النفط بعد أن وصلت الى أعلى مستوياتها خلال الأشهر الخمسة عشر الاخيرة مع اجتياح موجة الصقيع لجزء كبير بنصف الكرة الشمالي.
وارتفعت أسعار النفط تدريجيا لعشرة جلسات على التوالي، في انطلاقه توقفت يوم الخميس الماضي في حال الخام الأمريكي الخفيف "تكساس" بسبب رفع سعر الفائدة في الدين العام بالصين.
واتخذت بكين هذا الإجراء لمواجهة موجة تضخم محتملة يخشى منها بسبب إمكانية تأثيرها على الطلب في ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، بعد الولايات المتحدة، رغم تحقيقها نموا فاق 8% العام الماضي في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
ومن المعروف ان بعض الدول الصاعدة مثل الصين والهند تمكنوا من استعادة بعض ما فقدوه بسبب انخفاض الطلب على النفط في الدول الغنية نتيجة لتاثير الأزمة الاقتصادية خلال العامين الماضيين.
وتسبب انخفاض سعر الدولار مقابل سلة العملات الرئيسية - والذي دائما ما يصاحبه زياده في الاقبال على شراء المواد الخام- وموجة الصقيع التي اجتاحت جزءا كبير من الولايات المتحدة وأوروبا والصين، في تشجيع الطلب على "الذهب الاسود" وزيادة أسعاره حتى يوم الخميس.
كما كان التوتر بين موسكو ومينسك بشأن تكاليف عبور النفط الروسي عبر الاراضي البيلاروسية، من بين العوامل التي ادت الى ارتفاع أسعار الخام أيضا، ولكن كان تاثيره أقل حدة.
ووصل سعر العقود الأجلة لخام "تكساس" في بورصة "نيمكس" التجارية بنيويورك يوم الاربعاء الماضي، الى أعلى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين أول من عام 2008 ، بعد فترة وجيزة من ظهور الازمة العالمية والتي شكل بدايتها إعلان بنك "ليمان برازرز" الامريكي عن إفلاسه.
وساعد ارتفاع سعر النفط خلال هذا اليوم، الاعلان عن ارتفاع حجم المخزون الامريكي من النفط بنحو 1.3 مليون برميل، برغم اجتياح موجة الصقيع للولايات المتحدة.
وبرغم انخفاض سعر الخام الامريكي يوم الخميس، الا انه عاود الارتفاع مجددا في تعاملات الجمعة برغم البيانات السلبية عن سوق العمل في الولايات المتحدة، الذي سجل في شهر ديسمبر/كانون أول الماضي انهيار لقرابة 85 ألف وظيفة، بددت من توقعات النمو السريعة على الطلب على الخام في الولايات المتحدة.
وسجل سعر خام "تكساس" يوم الجمعة وفي نهاية تعاملات الإسبوع 82,75 ، محققا زيادة قيمتها تسعة سنتات عن سعر إغلاقه يوم الخميس، وبزيادة إجمالية خلال الإسبوع قدرها 4.4%.
وفي لندن، أغلق خام القياس الأوروبي "مزيج برنت" يوم الجمعة في لندن على 81,37 دولار للبرميل، محققا زيادة إجمالية خلال الاسبوع بنحو 4.27%، برغم انخفاض سعره في جولتي التداول الاخيرتين.
أما خام منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" فقد انهي الاسبوع الماضي عند سعر 80,12 دولار للبرميل، بزيادة إجمالية في الايام الاولى للتدوال بلغت نحو 3,37%.
ويظهر من هذه النتائج، ان أسعار النفط قد تضاعفت منذ مطلع عام 2009، الذي تم تسجيل فيه ارتفاعات مماثلة وأخرى أكبر للمواد الأولية الهامة الأخرى.
يذكر ان التوقعات حول تجاوز الازمة الاقتصادية في الاقتصاديات الرئيسية بالعالم، واتباع سياسة "شد الحزام" بالدول الصاعدة، قد شجعت في زيادة الأقبال على شراء المواد الخام، التي اعتبرت في بعض المرات بمثابة "ملاذ آمن" يمكن ان يحقق عوائد كبيرة في فترة اتسمت بالركود الشديد.
ومع ذلك، يتوقع بعض المحللين ان تحدث موجة جديدة في سوق المواد الخام، تشهد زيادة كبيرة في الاسعار لا تستند الى الوضع الاقتصادي الحقيقي.
الا ان بعض الخبراء يتوقعون حدوث العكس، وان يصل سعر خام النفط الى 100 دولار للبرميل في 2010، وان يستقر عند هذا السعر.
وأمام هذا الوضع ، فان الشيء الوحيد المؤكد هو وجود تشكك حول تطور الازمة، ما ينذر بحدوث جرعات أخرى من التقلبات في سوق النفط في العام الذي بدأ لتوه.(إفي)