بغداد، 24 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): يميل أطفال العراق في مناسبات الأعياد إلى شراء الهدايا ذات الطابع العسكري ويعتبرونها الهدية المفضلة، بالرغم من التحذيرات الحكومية للحد من انتشار هذه الألعاب بسبب الظروف التي مرت بها البلاد.
وتزخر أسواق المدن العراقية بعدد كبير من البضائع التي يقبل على شرائها المتبضعون وهذا الشيء الذي يجلب الأرباح للتجار يولد حنقا لدى العائلات بسبب ارتفاع الأسعار واستهلاكها للدخول فضلا عن المساوئ التي يخلفها اقتناء الأطفال لبعض "المعدات العسكرية" المصنوعة من البلاستيك واستخدامها كلعب.
ويلاحظ المتجولون في شوارع وأزقة بغداد طوابير الأطفال وآبائهم وهم يسعون إلى الحصول على قطعة من سلاح أو مجسم لجندي أو دبابة أو طائرة حربية وهو ما شرع أصحاب المحال التجارية في الأحياء الشعبية والأزقة على توفيره بأعداد كبيرة.
ويقول خليل أحمد (45 عاما) صاحب محل في سوق الكاظمية شمالي بغداد أن "لعب الأسلحة من البنادق والمسدسات تستهوي الأطفال ويفضلون شراءها في أيام الأعياد، وجميعها من مصادر أجنبية، فهي تلقى رواجا رغم الدعوات التي تطلقها الحكومة والمنظمات التي تعنى بالطفولة بمنع تداول مثل هذه اللعب".
وحول تجربته مع الأعياد في العراق أوضح أحمد "فقد العيد العراقي الكثير من الاحتفالات التي كانت تعم شوارع بغداد، فالصغار والفتية كانوا يرقصون في الصباح أو في مدينة الألعاب والابتسامة تعلو وجوه الناس، لكن صار للعيد لونا باهتا لدى أغلب العراقيين، ولم يعد هناك من شيء يمكن أن يفرح به العراقيون وسط أرقام القتلى والمعتقلين والهاربين من منازلهم، فحتى الأطفال الصغار باتوا يلعبون بالبندقية البلاستيكية ويتسلون بالقتال والمبارزة".
ومنح تحسن الأمن للعائلات نوعا من الاطمئنان المصحوب بالحذر للتجول في شوارع بغداد وأزقتها وحدائقها، كما تستعد مدن الملاهي لاحتضان الطفل والعائلة لقضاء أوقات بعيدا عن سجن البيوت في مراحل سابقة كما تقول (نسرين عبدالله) وهي تتجول في أحد الأسواق لتلبية احتياجات عائلتها لاستقبال العيد.
وقالت لمراسل (إفي) "ابني حبيب يزعجني لأنه متمسك باقتناء بندقية لكي يلهو بها في الشارع مع أقرانه، وبرغم محاولاتي لإقناعه بشراء ألعاب أخرى لكنه رفض وبكى فتراجعت عن موقفي أمام إصراره".
بدوره قال الطفل حبيب (9 سنوات) "أريد البندقية لأنني اتفقت مع زملائي في الحي لخوض لعبة المعركة في شارعنا"، موضحا أنهم اتفقوا لتقسيم الأطفال لفريقين للتقاتل بالبنادق والدبابات عصر كل يوم من أيام العيد".
وشاعت مؤخرا ظاهرة المبارزة بين الأطفال في مدن العراق حيث ينتظمون في فريقين ويتقاتلون بطريقة تعكس مدى تأثرهم بأجواء الحروب التي عاشوها كما يحاولون تمثيل أجواء المداهمات التي شاهدوها من قبل الدوريات الأمريكية والعراقية.
إلى ذلك قال قيس عبدون (11 عاما) ينتمي لعائلة تسكن في محافظة صلاح الدين شمال بغداد "شاهدت المداهمات في ذلك الليل عندما داهم بيتنا الجنود المدججون بالسلاح وضربوا المنزل بقوة، إنهم متوحشون يقومون بكسر الباب رفسا بأقدامهم".
وأضاف عبدون "أنا مكلف بكسر باب منزل صديقي خلال الدور الذي أقوم به في الحرب التي ستقوم بيننا وبين أطفال الحي المجاور ثاني أيام العيد"، مبينا أنه مسرور بطريقة تنفيذه لكسر الباب لكنه حزين لأن عمه قتل في هجوم شنه مسلحون قبل عامين.
ويقول الباحث الاجتماعي خليل حسان العبيدي إن تفضيل الأطفال للألعاب ذات الطابع العسكري، في أيام الأعياد تعد تحولا في سلوكياتهم. وقال "إن أنشطتهم والألعاب المفضلة لديهم ذات الطابع العسكري، تظهر أن دائرة الحرب هي الأقرب لتطلعاتهم وأفكارهم، فالبندقية ونقاط التفتيش وساحات المواجهة المسلحة لعب أساسية لدى أطفال العراق هذه الأيام".
من جانبه كشف رئيس الوزراء نوري المالكي عن إجراءات لرعاية الأطفال العراقيين وتقديم الدعم الكامل لهم، وقال خلال حضوره الاحتفال السنوي ليوم الطفل العالمي "ندعو المربيين والمعلمين والمدرسين والمؤسسات إلى إعداد جيل مبني على أسس أخلاقية ووطنية".
وتتمنى العائلة العراقية وهي تستعد لاستقبال العيد أن تمر أيامه بدون تفجيرات، وأن يبتعد الأطفال عن أجواء العنف، ويعودون إلى البراءة والتمتع بطقوس المرح واللعب الجميلة في أيام العيد السعيد وأن يحملوا الورد والحلوى بدلا من البنادق التي تشكل مشهدا حزينا يكمل لوحة العراق الجديد. (إفي)