القاهرة، 24 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): رغم إقراره بعدم حدوث أي تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط، أكد رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو اليوم على تمسكه بالتفاؤل فيما يخص مساعي تحقيق السلام في المنطقة، وتعهد بمواصلة العمل على تعزيز الحوار بين الأطراف المعنية.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف، في إطار زيارته الرسمية لمصر التي بدأت فعالياتها اليوم، أقر ثاباتيرو بعدم إحراز أي تقدم يذكر في عملية السلام بالشرق الأوسط، إلا أنه أكد أن مساعي السلام لم تشهد تراجعا في الوقت نفسه.
وقال ثاباتيرو: "لم يتم إحراز أي تقدم منذ جولتي الأخيرة ولكن لا يمكنني القول بأن هناك تراجعا خطيرا، علينا التمسك بالأمل ومواصلة العمل".
وكان ثاباتيرو قد قام بجولة شرق أوسطية شملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية في أكتوبر/تشرين أول الماضي وأبدى تفاؤله بإمكانية تنشيط مفاوضات السلام، إلا أنه منذ ذلك الحين أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أنه لن يترشح في الانتخابات المقبلة، كما لم تستجب الحكومة الإسرائيلية للمطلب الأمريكي بتجميد عمليات التوسع في المستوطنات بالقدس والضفة الغربية.
جدير بالذكر أن رئيس الحكومة أشار مرارا إلى رغبة بلاده في تنشيط وتعزيز جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط، من خلال رئاستها للدولة المقبلة للاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من 2010.
وكشف ثاباتيرو عن رغبته في تمتع مصر بشراكة متقدمة مع الاتحاد الأوروبي، وهي القضية التي يتطلع لطرحها خلال قمة تدعو إليها إسبانيا خلال رئاستها للاتحاد.
وأثنى رئيس الحكومة على دور مصر كـ"قوة إقليمية ودولية" ومساعيها "الجوهرية" في النهوض بمنطقة البحر المتوسط، فضلا عن جهودها في تحقيق السلام والأمن بالشرق الأوسط.
وقال: "نظرا لأهمية الدور الذي تقوم به مصر فمن الأساسي أن تسعى إسبانيا لتوثيق العلاقات معها على الصعيدين السياسي والاقتصادي".
وكان ثاباتيرو قد رأس مع نظيف اليوم الاجتماع رفيع المستوى الإسباني-المصري الأول الذي حضره عددا من الوزراء والمسئولين الحكوميين من الجانبين.
وبحث مسئولو الحكومتين إمكانية دفع التعاون الاقتصادي في مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة والأمن الغذائي.
وخلال الاجتماع صرح ثاباتيرو بأن بلاده تقوم بدراسات جدوى لحفر نفق جديد يمر تحت قناة السويس، فضلا عن خط سكك حديدية لقطار فائق السرعة يربط بين البحر الأحمر ووادي النيل.
وأضاف أن خبراء البنى التحتية يدرسون خيارات بديلة للنقل الداخلي في مصر، وأكد اهتمام بلاده بتطوير قطاع السياحة نظرا للإمكانيات الضخمة التي تتمتع بها مصر في هذا القطاع.
ومن جانبه أشار رئيس الوزراء المصري إلى أن الجانبين تناولا سبل التعاون في مجال الطاقة، مشيرا إلى أن بلاده تقوم بتصدير الغاز الطبيعي إلى إسبانيا وتريد التعاون في مجال الطاقات المتجددة الذي أحرزت فيه الدولة الأوروبية تقدما ملحوظا.
وأبرز نظيف "التقارب الإسباني من العالم العربي" وشكر ثاباتيرو على الدعم المادي والتكنولوجي الذي تسهم به إسبانيا في تقدم بلاده.
وينتظر أن يلتقي ثاباتيرو في وقت لاحق اليوم مع الرئيس المصري حسني مبارك حيث يتناول معه المساعي المصرية في عملية السلام بالشرق الأوسط، وذلك في إطار الدعم الذي توليه إسبانيا لمبادرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرامية إلى إنعاش المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
ويأتي من بين القضايا التي سيتم طرحها خلال اجتماع ثاباتيرو ومبارك مستقبل العلاقات بين البلد العربي والاتحاد الأوروبي، إلى جانب وضع الاتحاد من أجل المتوسط الذي يتولى مبارك رئاسته مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والذي تستضيف مدينة برشلونة الإسبانية مقر أمانته العامة.
ويذكر أنه على الرغم من إعلان الاتحاد من أجل المتوسط بشكل رسمي في يوليو/تموز من العام الماضي، إلا أن العمل فيه لم يبدأ بعد بسبب اعتراض الدول العربية على الجلوس على نفس المائدة مع إسرائيل.
كما يجتمع رئيس الحكومة الإسبانية اليوم مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي يتناول معه مبادرة السلام العربية، في إطار الجولة التي يقوم بها المسئول الإسباني في الشرق الأوسط، والتي تأتي استكمالا لتلك التي أجراها الشهر الماضي وشملت سوريا ولبنان والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية.
ويسعى ثاباتيرو من خلال هذه الجولة إلى تعزيز الدور الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي في عملية السلام في الشرق الأوسط، خاصة مع اقتراب تولي إسبانيا الرئاسة الدورية للاتحاد مطلع العام المقبل.
ويغادر ثاباتيرو القاهرة مساء اليوم متوجها إلى مدينة جدة ليلتقي بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، لبحث العديد من الملفات تتضمن إلى جانب عملية السلام، الملف النووي الإيراني المثير للجدل.(إفي)