انقضى الأسبوع الماضي , و فيه غابت البيانات الاقتصادية الهامة من القارة الأوروبية بعد أن شهدت على مدار الأيام الماضية الكثير من التضارب بشأن حل أزمة ديون اليونان التي تمثل أكبر مخاوف المستثمرين في الأسواق.
البيانات البريطانية
أظهر محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني تصويت اللجنة بالإجماع على قرار البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك ، و على تثبيت سياسة شراء السندات الحكومية عند مستويات 200 بليون جنيه في الاجتماع الذي انعقد في الثالث و الرابع من الشهر الجاري.
انخفض معدل طلبات الإعانة ببريطانيا خلال شباط إلى 4.9% من 5.0% لكل من القراءة السابقة و التوقعات، سجل معدل ILO للبطالة عن الثلاثة أشهر المنتهية في كانون الثاني نسبة 7.8% متوافقا بذلك مع القراءة السابقة و أدنى من التوقعات لنسبة 7.9%،تراجعت طلبات الإعانة في المملكة المتحدة بأسرع وتيرة منذ عام 1997 بعد ما أظهره الاقتصاد البريطانية من إشارات على الانتعاش الاقتصادي فلقد نما الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الماضي بوتيرة أفضل من توقعات الأسواق.
تقلص العجز في الميزانية العمومية البريطانية بأفضل من التوقعات لكن دعنا لا نكن متفائلين بشكل زائد نعم تقلص العجز في الموازنة العامة بأفضل من التوقعات و لكننا لا نستطيع نسيان حقيقة أن العجز في الميزانية العمومية مستمر و أسوا من القراءة السابقة، و قد تجاوز الحدود المسموحة التي وضعه الاتحاد الأوروبي عند 3% من الناتج المحلي الإجمالي، و لا تزال التوقعات تدور حول تجاوز العجز في الموازنة العامة مستويات 12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي.
فتوسع العجز في الموازنة العامة يعرض المملكة لخطرين أساسيين: أولهما عدم القدرة على سداد الديون المتراكمة و ثانيهما مخاطر تخفيض التصنيف الائتماني، و بصدد ذلك صرحت مؤسسة فيتش المسئولة عن التصنيف الائتماني بأن الأزمة الاقتصادية العالمية و الركود الاقتصادي قد أثرت على الدول صاحبة التصنيف الائتمانية فئة AAA مثل الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة، و هذا يتوافق مع تصريحات مؤسسة موديز خلال الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة قد أصبحتا قريبتان من خسارة فئة AAA قد أن ارتفعت تكلفة الديون السيادية.
يعد العجز في الموازنة العامة القضية الأساسية للمعركة الانتخابية الدائرة على الأراضي البريطانية، فتسجيل عجزا في الموازنة العامة بوتيرة أفضل من التوقعات يعطي السيد جوردن بروان رئيس الوزراء البريطاني ميزة تنافسية في الانتخابات العامة خلال حزيران القادم فهو يسعى جاهدا لتقليص هذا العجز خاصة و أن حزب المحافظين بقيادة السيد ديفيد كاميرون تعهد بتقليص العجز خلال الأربع سنوات القادمة و أكد بأن هذا العجز نتيجة فاشلة لسياسة الحكومة السابقة.
بيانات منطقة اليورو
انخفضت مستويات الثقة بألمانيا و منطقة اليورو على الرغم من جميع خطط التحفيز التي قد قدمتها الحكومة و البنك المركزي خلال الركود الاقتصادي، و يبدو أن جميع هذا مساعي لم تجدي نفعا، فكان توسع العجز في الميزانية العمومية لدى العديد من الدول الأوروبية و على رأسها اليونان التي سجلت عجزا بنسبة 12.7% من الناتج المحلي الإجمالي له الأثر السلبي الأكبر على مستويات الثقة بألمانيا خاصة و منطقة اليورو عامة.
تحسنت المستويات العامة للأسعار بمنطقة اليورو و لكنها لا تزال دون المستويات المقبولة التي حددها البنك المركزي عند 2.0% متأثرة بضعف مستويات الطلب بعد أن انخفضت مستويات الاستهلاك الإنفاق المتأثرة بارتفاع معدلات البطالة لأعلى مستويات منذ ما يقارب 11 عاما عند مستويات 9.9% خلال شباط.
تطورات أزمة اليونان
بين التضارب و التأكيدات و التصريحات المتباينة من القادة الأوروبيين، ففي الوقت الذي بدأت فيه الآمال تتعلق بإيجاد حل نهائي لأزمة اليونان مع اجتماع وزراء مالية الإتحاد الأوروبي الذي عقد في أوائل الأسبوع الحالي إلا أن الاجتماع لم ينبثق منه أية إجراءات فعلية أو قرارات من شأنها أن تهدأ من حالة المخاوف المسيطرة على الأسواق بشأن الوضع المالي لحكومات المنطقة، و إن كان البيان الختامي للاجتماع جاء فيه تعهد القادة بالعمل على آلية من شأنها أن تساعد اليونان في حالة ما إذا احتاجت الأخيرة إلى ذلك.
لم تعطي ألمانيا الضوء الأخضر لمساعدة اليونان فلقد المستشارة أنجيلا ميركل عن وجوب قيام اليونان بطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي في حالة احتياجها إلى ذلك وهو الأمر الذي يعارضه بشدة رئيس البنك المركزي الأوروبي و الرئيس الفرنسي و رئيس مجلس وزراء المالية الأوروبيين على اعتبار أن ذلك يظهر أن منطقة اليورو لاتستطيع حل مشاكلها من الداخل.
على الجانب الآخر جاءت آخر تصريحات رئيس الوزراء اليوناني بإعطاء مهلة أسبوع للاتحاد الأوروبي نحو الوصول إلى آلية لحل أزمة الديون معلنا عن أن اتجاه الحكومة إلى صندوق النقد الدولي في حالة إذا لم يتوصل الإتحاد إلى حل في القمة المزمع عقدها في 25 و 26 من الشهر الجاري.