القدس، 15 مارس/آذار (إفي): أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اليوم في الكنيست الإسرائيلي استمرار بناء المستوطنات في القدس، وسط الأزمة التي تشهدها بلاده مع الإدارة الأمريكية حول ملف المستوطنات.
وقال نتنياهو خلال الاجتماع مع أعضاء البرلمان بحزب الليكود الذي يرأسه ردا على سؤال نائبة حول أثر الأزمة الدبلوماسية القائمة مع واشنطن: "سيستمر بناء المستوطنات في القدس وفي أماكن أخرى مثلما حدث خلال السنوات الـ42 الماضية"، وذلك في إشارة لطول المدة التي احتلت فيها والتي يطالب الفلسطينيون بإقامة عاصمة بلادهم فيها.
وذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الالكترونية أن نتنياهو أكد أيضا استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بعد انتهاء مدة العشرة أشهر التي قرر فيها وقف بناء المستوطنات في نوفمبر/تشرين ثان الماضي.
وأبرز أن "قرار الحكومة بإعادة بناء المستوطنات في الضفة الغربية يستمر في فعاليته".
ويأتي ذلك بعد يومين من اعتبار وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إعلان الحكومة الإسرائيلية بناء 1600 وحدة سكنية في مستعمرة يهودية بالقدس الشرقية أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بمثابة "إهانة".
وجاءت زيارة بايدن لدفع مفاوضات السلام غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووضع نهاية لتعثر عملية السلام المتوقفة منذ أكثر من عام.
وأصدرت الإدارة الأمريكية بيانا أدانت فيه قرار تل أبيب إقامة وحدات استيطانية جديدة.
وجاءت الإدانة بعد قيام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بالاتصال بنتنياهو الأحد وإبلاغه رفضها لبناء وحدات استيطانية جديدة، حسبما ذكرت صحيفة (هآرتس)، وطالبت رئيس الحكومة الاسرئيلية بإلغاء قراره، وتقديم اللازم لاعادة بدء المفاوضات وان تتضمن المحادثات القضايا الحساسة في النزاع.
وحسب الوسائل المحلية في إسرائيل فإن مكالمة كلينتون فاجأت رئيس الحكومة الإسرائيلية.
وقالت مصادر مقربة من نتنياهو أن المفاجأة تمثلت في أنه قدم اعتذاره بالفعل وبصورة شخصية لنائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته الاخيرة للمنطقة واعترف بأن الوقت لم يكن مناسبا لإعلان ذلك.
وأشارت إلى أن مكالمة كلينتون غيرت من موقف نتنياهو إلى النقيض وأن تحذيرها فجر التوتر من جديد بين البلدين.
ويبرز التوتر نتيجة الاختلاف العميق بين إدارة نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما حول الصراع في الشرق الأوسط، والذي يرى الأخير أن حله يتمثل في إقامة دولة فلسطينية ويسعى لذلك من خلال جهوده الدولية.
وفشل أوباما في بداية سعيه لمحاولة إقناع نتنياهو بوقف التوسع في إنشاء المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية، وهو الشرط الذي وضعه الفلسطينينون لإعادة استئناف المفاوضات المباشرة للسلام مع الدولة العبرية.
وحصل أوباما بعد ذلك على وعد من نتنياهو بإقراره تأجيل بناء الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية لمدة عشرة أشهر، وهو ما مهد الطريق امام الفلسطينيين لقبول السير في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.
فيما جعل التوتر الجديد بين واشنطن وإسرائيل المفاوضات غير المباشرة غير قابلة للتطبيق.
وحسب اعتراف سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة مايكل أورين، فإن العلاقات الامريكية الاسرائيلية تواجه اسوأ ازمة منذ 35 عاما رغم محاولات من جانب مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتقليل من حدتها.
وأشار أورين إلى المواجهات التي حدثت في عام 1975 بين هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي وإسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، لطلب واشنطن بانسحاب إسرائيل جزئيا من شبه جزيرة سيناء.
ودعا السفير الاسرائيلي للشروع في "حملة اعلامية ودبلوماسية للتأكيد ان الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية لم يكن يستهدف المساس بزيارة جو باين نائب الرئيس الامريكي لتل أبيب".
وكان المستشار السياسي للبيت الأبيض ديفيد أكسيلرود قد وصف الخطة الاستيطانية الجديدة لإسرائيل في القدس التى أعلنت عنها تل أبيب بـ"الإهانة" مما يُصعب مفاوضات السلام في المنطقة.
وقال أكسيلرود، في تصريحات لقناة (إيه بي سي)، لدى إشارته إلى اعلان إسرائيل الذى تزامن مع جولة بايدن للمنطقة، إن "ما حدث هناك يعد إهانة، ولكن هذا ليس بالامر الأكثر أهمية. ما أدى إليه ذلك هو تصعيب عملية السلام".
وتوقعت وسائل الاعلام الاسرائيلية أن ينفذ نتيناهو خطوات محددة "لاستعادة الثقة في العلاقات مع واشنطن واستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين".
وأبرزت أن الخطوات تشمل "التحقيق في العملية التى أدت إلى إعلان خطط بناء المستوطنات، ويسعى الامريكيون لرد رسمى من جانب اسرائيل حول ما إذا كان ذلك يمثل خطئا بيروقراطيا أو عملا متعمدا تم تنفيذه لأسباب سياسية".
وأضافت أن المطلب الثاني يتضمن "إلغاء القرار من جانب لجنة التخطيط والبناء بمدينة القدس الخاص ببناء 1600 وحدة سكنية جديدة فى رامات شلومو".
فيما يشمل المطلب الثالث القيام بتلميح جوهري حيال تمكين السلطة الفلسطينية من استئناف محادثات السلام.
ومما يصعب من الأمور كون القدس "عاصمة أبدية غير قابلة للتجزئة" بالنسبة لليمين الإسرائيلي والمحافظين، وأية إشارة إلى أن نتنياهو لن يحترم هذا المبدأ من شأنه أن يهدد حكومته. (إفي)