ستوكهولم، 18 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): حرص كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا خلال قمتهما الثنائية اليوم بالعاصمة السويدية على تنحية خلافاتهما حول الغاز جانبا، في محاولة لدفع العديد من القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشتركة وعلى رأسها محادثات التجارة، والتغير المناخي.
واتسمت القمة الرابعة عشرة بين التكتلين بـ"البراجماتية" من أجل الحصول على نتائج ملموسة، بالرغم من ظهور مؤشرات على أزمة جديدة في توريد الغاز بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، فضلا عن حالة حقوق الإنسان التي لا تزال تنغص صفو العلاقات الثنائية.
وأكدت روسيا اليوم هذا الاتجاه بتشديدها على عدم السماح بأي "سحابات عابرة" في التأثير على "هذا الحوار البناء من أجل التعاون"، كما أبدى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف تجاوبا لأول مرة، وقبل أسبوعين من قمة كوبنهاجن حول المناخ، عن استعداد بلاده لبذل المزيد من الجهود في إطار مكافحة التغير المناخي.
ووفقا لما أعلنه رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو اليوم: "كانت مفاجأة إعلان روسيا الموافقة على تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 25% مقارنة بمعدلات عام 1990".
ويشارك الاتحاد الأوروبي في قمة ستوكهولم يحدوه الأمل في دفع المفاوضات الدولية من أجل تخفيض انبعاثات الغازات الضارة، وفي هذا الشأن أعرب باروزو عن ارتياحه للرسالة التي بعثت بها موسكو اليوم.
وبدوره أوضح الرئيس الروسي أن بلاده تسعى لإقناع باقي الدول الكبرى بجديتها لبذل جهودا أكثر جدية في إطار مكافحة التغير المناخي، مثلها في ذلك مثل الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر أن المقترحات المقدمة حتى الآن لا تزال غير كافية.
ورافق على الموقف الروسي الإيجابي من قضية المناخ الحيوية، تحول إيجابي مماثل في الموقف الأوروبي تجاه مسألة دخول روسيا منظمة التجارة العالمية، مؤيدة هذا الطرح، في الوقت الذي حاول فيه ميدفيديف تهدئة مخاوف الشركاء الأوروبيين تجاه الاتحاد الجمركي بين بلاده وكل من بيلاروسيا وكازاخستان، الذي سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير/كانون ثان القادم.
وأكدت مصادر من الاتحاد الأوروبي أن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أوضح اليوم خلال قمة الاتحاد وروسيا رغبة بلاده في الانضمام سريعا للمنظمة بصفة روسيا شريكا تجاريا قويا للدول الأعضاء.
ويمثل الاتحاد الأوروبي في قمة اليوم كل من رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفلدت ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو والمنسق الأعلى لشئون السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي خابيير سولانا.
وتسعى كل من بيلاروسيا وكازاخستان للانضمام أيضا لمنظمة التجارة العالمية، إلا أن الإجراءات التي يتخذها الطرفان أبطأ من موسكو مما يشكل عائقا أمامهما.
وعلى الرغم من التعهد السياسي الواضح لروسيا، الذي أطلقه ميدفيديف، بالانضمام بشكل أحادي، إلا أن بعض المصادر في الاتحاد الأوروبي أكدت أن موسكو ستسعى بطريقة أو بأخرى لدخول منظمة التجارة العالمية ككتلة واحدة مع شركائها في الاتحاد الجمركي.
ويرى المراقبون أن قمة اليوم تعتبر خطوة إلى الأمام في العلاقات بين الجانبين وخاصة بعد الطرح الروسي تجاه المناخ، وموقفها من مفاوضات التجارة.
وترجع العلاقات التجارية بين روسيا والاتحاد الأوروبي لعام 1997 ، وتسعى لإرساء أسس التقدم الاقتصادي، وتمتد من التبادل التكنولوجي والطلابي إلى منح امتيازات وتسهيلات للشركات مرورا بإلغاء التأشيرات في حالة السفر لمدد قصيرة.
ويتعاون التكتلان عسكريا في مهام دولية تشمل مكافحة القرصنة أمام سواحل الصومال، وفي هذا الشأن أعلن سولانا اليوم أنه تم تحديد إطار رسمي لقيادة هذه العمليات.
وفي الوقت نفسه "مرت القمة مرور الكرام" على عدد من المسائل التي لا زالت تعكر صفو العلاقات بين الجانبين، ومن بينها تردي حالة حقوق الإنسان في روسيا، إلا أن الرئيس ميدفيديف أشار في المؤتمر الصحفي الذي أعقب القمة أن "هناك خلافات بين موسكو وبروكسل" في هذا المجال، معولا على تقريب وجهات النظر.
كما لم يتم التطرق من قريب أو بعيد لموضوع توريدات الغاز، التي برزت في الآونة الأخيرة بوادر بشأن بداية فصل جديد من فصول النزاع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حولها، مثلما حدث مطلع العام الجاري.(إفي)