كانت الأسواق اليوم بانتظار صدور القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد البريطاني، أشارت التوقعات إلى تراجع حدة الانكماش التي أظهرتها القراءة التمهيدية لينكمش بنسبة 0.1%، إلا أن القراءة النهاية كانت أفضل من القراءة التمهيدية و أسوأ من التوقعات حيث أظهرت انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2%، و ذلك بعد الارتفاع الذي شهدته معدلات البناء و الاستثمار في البلاد.
بالنسبة للبيانات الفرعية للناتج المحلي الإجمالي البريطاني، رأينا ارتفاع الإنفاق الحكومة بنسبة 0.3% بعد أن ارتفع سابقاً بنسبة 0.2%، في الوقت الذي رأينا فيه ارتفاع إنفاق المستهلك بنسبة 0.1%، إضافة إلى ذلك فقد رأينا ارتفاع معدلات البناء في البلاد بنسبة 1.9% بعد تراجعها سابقاً بنسبة 1.1%.
فتكت حالة الركود الاقتصادي بالاقتصاد البريطاني بشكل عميق، حيث رأينا أنه كان من أكثر الاقتصاديات بطأ في تعافيه، من ناحية تعافي القطاعات، أو تعافي أداء الاقتصاد ككل، انكمش الاقتصاد الملكي بنسبة 2.4% خلال الربع الأول من العام الحالي، محقق بالتالي أسوأ أداء له منذ عام 1958، و من ثم رأينا تراجع حدة الانكماش لتسجل 0.6% خلال الربع الثاني، أما عن الربع الثالث، فقد كانت التوقعات تشير إلى نموه، إلا أن القراءة التمهيدية التي صدرت في وقت سابق أظهرت استمرار انكماش الاقتصاد بنسبة 0.3%، كانت هذه البيانات مخيبة للآمال حيث كانت التوقعات تشير في وقت سابق إلى نمو الاقتصاد البريطاني خاصة بعد تحقيق العديد من الاقتصاديات الأوروبية خروج من الركود الاقتصادي خلال الربع الثالث.
كانت هذه البيانات السبب وراء قيام البنك المركزي البريطاني في توسيع المبلغ المخصص للتخفيف الكمي، فبعد أن تم تخصيص 175 بليون جنيه إسترليني في السابق، قام البنك بتوسيع المبلغ ليصل إلى 200 بليون جنيه إسترليني، كما استمر بتثبيت سعر الفائدة عند أدنى المستويات التاريخية التي تقع عند 0.50%، البيانات التي صدرت اليوم عن الاقتصاد البريطاني أشارت إلى عدم تأثر الاقتصاد بعد بشكل إيجابي كامل من الخطط التحفيزية التي قام البنك المركزي بتطبيقها، ما زال الاقتصاد الملكي بحاجة للمزيد من الوقت من أجل التأثر بشكل كامل و ذلك بسبب شدة عمق تأثر الاقتصاد بحالة الركود الاقتصادي.
من المتوقع أن لا يقوم المركزي البريطاني بالمزيد من التوسعة للمبلغ المخصص لشراء الأصول، حيث تشير التوقعات إلى توقف البنك عن تطبيق التخفيف الكمي خلال شهر شباط القادم، خاصة و أن استمرار ارتفاع المبلغ من الممكن أن يشكل تهديدات تضخمية على مستويات الأسعار في البلاد، خاصة و أن أسعار السلع العالمية مستمرة في مسارها الصاعد، الأمر الذي يزيد من احتمالية ارتفاع مستويات التضخم في البلاد في مطلع العام القادم.
أشارت التوقعات التي صدرت في تقرير الميزانية المبدئي إلى انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 4.7% خلال العام الحالي، بعد أن كانت التوقعات المبدئية تشير إلى انكماشه بنسبة %، قبل أن يعود و يحقق نمواً بنسبة تقع بين 1.0% و 1.5% خلال عام 2010.
ساهمت خطط التحفيز بشكل كبير في دعم وتيرة النمو للقطاعات في الأراضي الملكية، رأينا ارتفاع وتيرة نمو قطاع الخدمات في الأراضي الملكية، الأمر الذي سيكون له الأثر الجيد على مستويات النمو في البلاد في وقت لاحق خاصة و أن قطاع الخدمات يشكل حوالي 75% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، إلا أننا نرى أن الضعف في الاقتصاد منتشر من نواحي أخرى، ما زالت مستويات البطالة في البلاد عند أعلى مستوياتها التي تقع عند 7.9%، الأمر الذي يدل على أن قطاع العمالة في البلاد ما زالت ضعيفاً، رأينا خلال البيانات الماضية أن وتيرة تسريح الموظفين من الشركات قد تراجعت قليلاً، إلا أن الضعف ما زال منتشراً في قطاع العمالة، و ما زالت الشركات بحاجة للمزيد من الدعم من أجل رفع مستويات السيولة فيها و التوقف عن تسريح الموظفين و الرجوع إلى مستويات افنتاج التي كانت عليها سابقاً.
إضافة إلى قطاع العمالة، نرى أن أداء قطاع المنازل ما زال ضعيف الداء، الأمر الذي نتوقع أن يكون له تأثير على مستويات النمو في البلاد، خاصة و أن الفقاعة التي شهدها قطاع المنازل في الأراضي الملكية كانت الفتيلة التي أشعلت الأزمة المالية العالمية في المملكة، و بالتالي أدى إلى تعمق الركود الاقتصادي في البلاد بشكل عام، و في قطاع العمالة بشكل خاص.
على الرغم من كون الاقتصاد البريطاني قد تأثر بشكل كبير من الركود الاقتصادي، إلا أن التوقعات تشير إلى خروجه من الركود الاقتصادي و تحقيقه للنمو خلال الربع الرابع. كما قام اتحاد الصناعات البريطاني Confederation of British Industry برفع توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني لينمو بنسبة 1.2% خلال عام 2010، و ليحقق نمو بنسبة 2.5% خلال عام 2011.