بدأنا 2011 و قلوبنا يملأها الامال بأن تحمل الخير لنا و للاقتصاديات الأوروبية التي تكافح جاهدة للخروج من أزمة الديون السيادية بعد معاناة طويلة خلال العام الماضي, فالمستثمرين على موعد مع القراءات النهائية للناتج المحلي الاجمالي في منطقة اليورو خلال الربع الثالث مع بيانات أداء كلا من القطاع الصناعي و الخدمي في القارة الاوروبية خلال الشهر الماضي.
احتفلت الاقتصاديات العالمية بعطلة نهاية الاسبوع الماضي برأس السنة الجديدة و يلاحظ انخفاضا ملحوظ في أحجام التداول خلال الاسبوعيين الاخيرين من العام الماضي, و من المقرر أن تحتفل المملكة المتحدة بعطلة رأس السنة الجديدة يوم الاثنين لذلك فهي غائبة عن الاسواق بأول يوم عمل في 2011.
تراجع وتيرة النمو في منطقة اليورو في الربع الثالث كان أمراً متوقعا من قبل البنك المركزي الأوروبي خاصة في الوقت الذي استفادت فيه المنطقة من إنخفاض اليورو أمام الدولار الأمريكي في النصف الأول هذا بجانب تحسن أداء الاقتصاد العالمي و هو الأمر الذي انعكس إيجابيا على المنطقة.
ووفقا للقراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث حيث أظهرت نمو اقتصاديات منطقة اليورو الستة عشر بنسبة 0.4% ودون تغير عن القراءة الأولية هذا مقارنة بقراءة الربع الثاني التي كانت نمو بنسبة 1%. و على المستى السنوي حققت نمو بنسبة 1.9%, و تتزايد التوقعات بأن لا يتم تعديل القراءات لتبقي عند 0.4%.
لكن منذ النصف الثاني و مع إتجاه الحكومات إلى تطبيق سياسة خفض الإنفاق العام كان له الأثر على تراجع وتيرة النمو، وهو الأمر الذي أصبح يشكل ضغطا على البنك الأوروبي ليس فقط لدعم مستويات النمو لكن أيضا في مساهمته لحل معضلة أزمة الديون السيادية التي تواجه المنطقة.
أقدمت أيرلندا على طلب حزمة المساعدات من قبل الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي بقيمة 85 بليون يورو لتصبح بذلك هي الدولة الثانية بعد اليونان في طلب المساعدة. لكن هذا الأمر زاد المزيد من المخاوف في الأسواق خاصة أنه زاد من التركيز على الدول المثقلة بالديون و التي سوف تقوم عاجلا أم آجلا بطلب المساعدة وذلك لدول مثل البرتغال و أسبانيا.
لكن إقبال أيرلندا على طلب المساعدة زاد من الضغوط على البنك الأوروبي وقد يدفع البنك من تغيير سياسته بشأن سحب خطط التحفيز، والاستمرار في شراء السندات الحكومية في المنطقة وهو الأمر الذي زج إليه عن طريق القادة وبذلك يفقد البنك إستقلاليته جزئيا وهو الأمر الذي لايرغب أن يقع فيه السيد تريشيه.
تواجه المنطقة إختلالاً في وتيرة النمو بين الدول الأعضاء، إذ لا تزال ألمانيا تمثل قاطرة نمو المنطقة و يتبعها فرنسا لكن على الجانب الآخر من تواجه البرتغال و اليونان إنكماشا خاصة في خضم ما تواجهه هذه الدول من إختلال و ارتفاع الدين العام بها.
توقعت المفوضية الأوروبية تراجع نمو اقتصادات المنطقة خلال العام الحالي ليصل إلى 1.5% بدلا 1.7%. وهذا بعكس وجود خلل بين وتيرة نمو الاقتصادات الأعضاء الستة عشر، ففي الوقت الذي تقود فيه ألمانيا دفة النمو للمنطقة نجد اقتصادات أخرى أخذت اتجاه معاكس, وطبقا لتوقعات المفوضية الأوروبية فإنه يتوقع تحقق ألمانيا تحقق نمو بنسبة 2.2% في عام 2011 و في فرنسا تتوقع بأن ينمو بنسبة 1.6% ويتبعه الاقتصاد الايطالي بتحقيق نمو بنسبة 1.1%.
و ننتظر على الاجندة الاقتصادية أيضا بيانات أداء القطاعين الصناعي و الخدمي في منطقة اليورو و ألمانيا , و التي من المتوقع بأن لا يتم التعديل على قراءات النهائية لتؤكد على الغم من ثبات القراءات يباطؤ وتيرة نمو القطاعات الاقتصادية بمنطقة اليورو متأثرة بالعديد من العوامل على رأسها أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو و ارتفاع قيمة اليورو التي سلبت من المنتجات الاوروبية الميزة النتافسية التي اكتسبتها خلال النصف الاول من العام الماضي.
عزيزي القارئ, نتمى نتمى لكم موسم أعياد سعيدة ، ونأمل أن يكون 2011 أكثر ازدهارا لكم، أن نرى جميعا الضوء في نهاية النفق و أن ندفن هذه الازمة و للابد...