واشنطن، 8 نوفمبر/ تشرين ثان (إفي): صدق مجلس النواب الأمريكي للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة على مشروع قانون يهدف إلى إقامة نظام صحي شبه شامل يوفر تغطية للنفقات الصحية لجميع الأمريكيين، ويحد من تعسف شركات التأمين، لكن مستقبل تطبيقه هو ما سيتحدد داخل أروقة مجلس الشيوخ في الأيام المقبلة.
ورغم الغالبية التي يتمتع بها الديمقراطيون داخل المجلس، جاءت نتيجة تصويت السبت متعادلة إلى حد كبير، حيث صوت لمشروع القانون 220 نائبا، بزيادة صوتين فقط عن العدد المطلوب.
وصوت ضد مبادرة الرئيس الامريكي باراك أوباما 176 نائبا جمهوريا -لم يخرج عن إجماعهم سوى نائب وحيد- فضلا عن 39 ديمقراطيا من المعتدلين، غالبيتهم يمثلون جنوب البلاد المحافظ.
وأعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي النتيجة وسط تصفيق وصيحات الابتهاج من جانب الديمقراطيين، فيما أجرى أوباما اتصالا هاتفيا ببيلوسي وبعض النواب الآخرين فور الاعلان عن مصادقة القرار لتهنئتهم.
وتمثل هذه النتيجة انتصارا كبيرا لأوباما، الذي تعامل دائما مع التصديق على إصلاح المنظومة الصحية في البلاد، الحلم الذي راود من سبق وتولوا منصبه من الديمقراطيين دون أن يتمكن أي منهم من تحقيقه، على أنه أحد أولويات فترة رئاسته.
وقال أوباما في بيان "صادق مجلس النواب في تصويت تاريخي هذه الليلة على مشروع قرار سيمكن من تحقيق الوعد بالرعاية الصحية الجيدة وبأسعار مناسبة للأمريكيين".
وجرت عملية التصويت في الساعة 23:00 من ليل السبت ت م (5:00 فجر الأحد بتوقيت جرينتش)، بعد 14 ساعة من المداولات في جلسة غير عادية للمجلس.
وانتقلت الكرة الآن إلى ملعب مجلس الشيوخ، الذي بات عليه التصديق على نسخته من مشروع القانون، قبل أن يتم المزج بين النسختين كي يقوم الكونجرس بكامل أعضاء المجلسين بعملية تصويت نهائية.
وأعرب الرئيس الأمريكي عن ثقته في التوقيع النهائي على قرار إصلاح النظام الصحي " قبل نهاية العام الحالي".
من جانبه، أكد رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية مايكل ستيل، ان مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس النواب "تجربة"، ستزيد من "النفقات الصحية للعائلات، والعجز، والضرائب التي تدفعها الشركات الصغيرة والطبقة المتوسطة، وخفض مستوى الرعاية الطبية، وبرنامج الرعاية الصحية للمسنين".
وينص مشروع القانون، الذي يتكون من 200 صفحة، على مد الغطاء التأميني إلى 36 مليون أمريكي، من بين 46 مليون لم يتمتعون بالتأمين الصحي حتى نهاية عام 2008 ، وفقا لأحدث بيانات إدارة الإحصاء.
ويعني ذلك أنه في حالة تطبيق القانون، سيحظى 96% من الأمريكيين بغطاء تأمين صحي، في رقم لم يتم بلوغه قط، كما سيتم إلزام المواطنين بسداد قيمة شهرية لشركات التأمين الخاصة أو لخطة حكومية شاملة.
ويحظر القانون على شركات التأمين الخاصة رفض تقديم بوليصة تأمين جديدة للأشخاص الذين يعانون من مرض ما، في واحدة من النقاط الرئيسية التي يركز عليها الديمقراطيون حيث تعارض الشركات في الوقت الحالي تغطية نفقات الامراض غير المؤمن عليها، وهو الامر الذي يعد كارثيا للعديد من الأمريكيين.
وتبلغ تكلفة خطة الإصلاح نحو 1.1 بليون دولار على مدار عشرة أعوام، في الوقت الذي يؤكد فيه الديمقراطيون أن هذه القيمة سيتم تعويضها عبر رفع الضرائب المفروضة على الأغنياء، وتقليل بعض الإعفاءات الضريبية على شركات كبيرة وتعريفات على الأجهزة الطبية.
وكان أوباما قد أصر على دفع كفة الميزان في مجلس النواب تجاه المصادقة على مبادرته، حيث توجه إلى مبنى الكابيتول للاجتماع مع النواب الديمقراطيين، وذكرهم بأن "فرصة كهذه ربما لا تأتي سوى مرة كل جيل"، حسبما ذكر بنفسه لاحقا.
وخلال المناقشات، أكد الجمهوريون مجددا رفضهم للقرار نظرا لتكلفته، ولما يمثله من توسع في وصول الايدي العامة الى الاقتصاد، وقال النائب تشارلز بستاني ان المشروع "يمثل استحواذا خاطئا وغير مسئول للحكومة على الرعاية الطبية".
فيما أكد زعيم الجمهوريين جون بوينر ان الزام المواطنين بتأمين صحي "غير دستوري". ليصبح من المؤكد ان المعركة بين الحزبين ستنتقل بداية من اليوم الى مجلس الشيوخ. (إفي)