مقابلة: كارلوس ديل أمو.
مدريد، 4 أكتوبر/تشرين أول (إفي): يؤكد المخرج الإسباني الشاب أليخاندرو أمينابار أن فيلمه الخامس والأخير، "أجورا" والذي يعد واحد من أفضل ما قدمته السينما الإسبانية هذا العام، هو ثمرة ولعه بعلم التنجيم.
ويتناول الفيلم الذي يدور حول قصة حياة الفيلسوفة اليونانية الجميلة هيباتيا، وتجسد دورها على الشاشة النجمة المتألقة ريتشيل ويز، بالمشاركة مع ماكس مينجيلا وأوسكار إيزاك.
وتدور أحداثه في مدينة الإسكندرية قبل 2000 عام في فترة مليئة بالاضطرابات السياسية والاجتماعية والفكرية.
وفي مقابلة له مع وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) يوضح المخرج صاحب العديد من الأفلام المتميزة مثل "فانيلا سكاي" و"بحر داخلي" و"الآخرون"، أن التحول الذي طرأ على أعماله لتقديم عمل مثل "أجورا"، يرجع في المقام الأول لولعه بعلم الفلك.
(إفي): هل يؤرقك رد فعل الجمهور حين يرى تصورك عن عالم الرومان في الأسكندرية في القرن الرابع بعد الميلاد؟.
- في البداية أنا كمشاهد أحب المفاجآت، ومن ثم فإذا كان العمل يقدم للجمهور شيئا غير متوقع فليس من الضرورة أن يكون سلبيا، وأنا في فيلمي أقدم عملا عن فترات عدم التسامح وعن التاريخ وعلم الفلك.
(إفي): ما هو المقصور تحديدا بـ "أجورا"؟.
- إنه فيلم روائي طويل يصعب تصنيفه، وهو لا يشبه أي من أعمالي السابقة، ولكن يمكن القول أنه فيلم يرسم من خلال قصة حياة سيدة، ملامح حضارة وتاريخ البشرية.
(إفي): هل لعلم الفلك دور كبير في تطور الأحداث؟
- اعتبر فيلمي تكريم لكل هؤلاء الذين نظروا في السماء، هذه السماء التي نراها ولاندركها، ثم تساءلوا وتوصلوا لإجابات لأسئلتهم، هؤلاء هم الأبطال الحقيقيين لهذا العمل، إنه تكريم لهؤلاء الذين يستخدمون العقل بدلا من إعمال السيف ولأنه عندما يحين حديث السيوف، يكون الأبطال هم من لا يستخدمونها.
(إفي): هل هناك طرح للمسألة الدينية في العمل؟
- نعم. الدين جزء أساسي من حياة العلماء، مثلما هو الحال مع داروين وجاليليو وكيبلر وإينشتين وهيباتيا بالطبع، التي فضلت الاستشهاد ليس من أجل أفكارها العلمية، بل من أجل مبادئها السياسية، وهو ما يمكن مقارنته مع مافعله المسيح.
(إفي): من هي هيباتيا؟
- لقد استغرق الأمر مني ثلاث سنوات لأتعرف عليها، وهو أمر يشبه إلى حد بعيد التحضير لفيلم "بحر داخلي"، لا لشيئ إلا الوصول إلى جوهر الشخصية وفهم أبعادها لاستحضارها، كل ما نعرفه عنها وصلنا عن طريق رسائل سينزيوس دي سيرين، التي يتحدث عن صداقاتها مع شخصيات مسيحية، وولعها بتبؤ مكانة فكرية وعلمية مرموقة في المجتمع السكندري، وقد رفضت أن يتم تعميدها كقديسة.
(إفي): وبماذا وقع الاختيار على النجمة البريطانية ريتشيل ويز لتقديم دور هيباتيا في فيلمك؟
- لأنها فنانة رائعة الجمال، كما أنها تمتلك وجه قريب الشبه جدا بوجوه الفيوم، فضلا عن موهبتها الكبيرة التي أرغب فعلا في اكتشافها، كما أنها تحظى بقبول جماهيري كبير، ويتميز أداءها بالإخلاص والدأب الشديدين، علاوة على مشوارها العالمي، والذي أعتبره أمرا ضروريا بالنسبة للمثلة التي ستقوم بدور هيباتيا.
(إفي): وماذا عن البريطاني ماكس مينجيلا والجواتيمالي أوسكار إيزاك؟
- كان من أبرز الصعوبات التي واجهتني في اختيار فريق العمل العثور على الممثل الذي يصلح لأداء دور هوريستس، لأن دوره في الفيلم يقتضي أن يتحول من طالب مجتهد مطيع إلى آمر روماني، وهو ما دفعني للتفكير في إيزاك لحيويته وذكائه، أما ماكس فقد وجدت أنه الشخص المثالي لأداء دور العبد دافو، الذي كان من الممكن أن يصبح أفضل تلاميذ هيباتيا، ولكن ظروفه الاجتماعية لا تؤهله لذلك مما يدفعه للتمرد.
(إفي): كيف تعاملت مع ميزانية الفيلم الضخمة (73 مليون دولار)؟
- في البداية فوجئت. ولكن مع الوقت اكتشفت مفارقة أن المبلغ الضخم يبدو قليلا مع فيلم تاريخي، أخشى من غير الملائم أن أقول ذلك، ولكن ميزانية الفيلم في البداية كانت 102 مليون دولار، لأني كنت أسعى لتقديم إسكندرية في العصر الروماني كما يجب أن تكون.
(إفي): لماذا قمت بتصوير العمل في مالطا؟
- لأنه تم هناك تصوير أفلام تاريخية مشابهة مثل "طروادة" بطولة براد بيت، و"المصارع" بطولة راسل كرو"، ومن ثم وجدت أنه المكان المثالي، ولأنها جزيرة حصينة تتمتع بمناخ البحر الأبيض المتوسط، كما يوجد بها مبان تاريخية ترجع للقرن الثامن عشر، وهو ما يتماشى تماما بالنسبة لي مع أجواء الفيلم.
(إفي): لماذا تخليت لأول مرة عن وضع الموسيقى التصويرية للفيلم؟
- أنا أحب تأليف الموسيقى التصويرية لأفلامي، ولكن في هذا العمل وجدت أني بحاجة لرؤية شخص آخر لإثراء العمل، وبالفعل كنت خائف جدا من هذا القرار واضطررت إليه بعد تفكير طويل، ولكن الأمر خرج جيدا وفاق تصوراتي.
(إفي): لماذا يوجد فارق ربع ساعة تقريبا بين النسخة التي عرضت في مهرجان كان وبين الفيلم الذي سيعرض للجماهير اعتبارا من الشهر الجاري؟
- أنا لا اعتبر عملية المونتاج منتهية تماما في العمل، حتى أقول لنفسي أخيرا لقد اكتفيت لا يمكن إضافة المزيد. النسخة التي عرضت في مهرجان كان، لم أشعر معها أني وصلت لهذا الشعور، لذا قررت حذف 15 دقيقة في عملية مونتاج إضافية من السياق التاريخي للأحداث، لا علاقة لها بقصة حياة هيباتيا.
من المعروف أن هيباتيا الإسكندرية ولدت في الإسكندرية (مصر) حوالي عام 380 واغتيلت في مارس/آذار 415. وهي عالمة رياضيات ومنطق وفلك، عرفت بدفاعها عن "مبدأ العلم ضد الدين". يقال أنه في أحد أيام مارس/آذار وفي موسم الصوم الكبير تم قطع طريق عربتها وهي في طريقها إلى المنزل حيث قامت مجموعة من الغوغاء المتطرفين المسيحيين، يحتمل أنهم رهبان نطرونيون وألقوها أرضا وقاموا بتعريتها تماما، وجروها في الشوارع وصولا إلى السيزاريوم والذي تم تحويله دينيا وقتئذ إلى كنيسة. حيث قتلت بوحشية رغم طلبها للرحمة.(إفي)