وصلنا عزيزي القارئ إلى آخر أيام الأسبوع حاملا في طياته الكثير من البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، مشيرين إلى أن الأوضاع في الولايات المتحدة أخذت بالتحسن بشكل نسبي وتدريجي خلال شهر أيلول وتشرين الأول الماضيين في بعض القطاعات الرئيسية، حيث لم يتمكن الاقتصاد من التقدم بالشكل المنشود وسط الشوائب التي تكونت من أعقاب الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم والتي تحد من تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود.
ونشير أن البيانات الأهم ستصدر اليوم من قبل القطاع الأكثر نزيفا حتى الآن من أسوأ أزمة ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ألا وهو قطاع العمالة الأمريكي، حيث بداية سيصدر تقرير العمالة عن شهر تشرين الأول والذي من المتوقع أن يشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن خلال الشهر من إضافة 60 آلاف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 95 ألف وظيفة مفقودة.
كذلك من المتوقع أن يضيف القطاع الخاص 80 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 64 ألف وظيفة، أما القطاع الصناعي فمن المحتمل أن يتمكن من إضافة 5 آلاف وظيفة خلال تشرين الأول مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 6 آلاف وظيفة مفقودة خلال أيلول، واضعين بعين الاعتبار أن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص أشار إلى أن القطاع أضاف 43 ألف وظيفة خلال تشرين الأول وبافضل من التوقعات.
وثانيا نشير إلى أن معدل البطالة عن شهر تشرين الأول من المتوقع يبقى على ما هو عليه دون تغيير عند 9.6%، الأمر الذي يصعب الأمور على الاقتصاد الأمريكي ونشاطاته، حيث أن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، لتصبح المعضلة الأصعب بين باقي العقبات التي تقف في طريق تعافي الاقتصاد الأمريكي.
كما سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي أيضا تقرير مبيعات المنازل قيد الانتظار عن شهر أيلول والتي من المتوقع أن ترتفع بنسبة 3.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4.3%، في حين سيصدر أخيرا عن الاقتصاد الأكبر في العالم مؤشر ائتمان المستهلك الذي من المتوقع أن يتقلص العجز فيه خلال أيلول ليصل إلى -3.0 مليار دولار مقابل -3.3 مليار دولار أمريكي.
مشيرين عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة مع العوائق التي تشكلت خلال أزمة الركود وبقيت جراء عواقب هذه الأزمة متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني وسط تضييق السياسات الائتمانية بوضع أسس وشروط أكثر صرامة مما سبق، مما يحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة وهذا ما ينعكس بالسلب على مستويات إنفاق المستهلكين.
واضعين بعين الاعتبار البنك الفدرالي أعلن منذ يومين بأنه سيوسع عملية شراء الأصول أو السندات بمقدار 600 مليار دولار أمريكي عن طريق ضخ مبلغ 75 مليار دولار أمريكي حتى شهر حزيران المقبل، واضعين بعين الاعتبار أن الفدرالي اشار بأنه سيعيد استثمار الأموال المحصلة من برنامج شراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية في شراء السندات طويلة الأمد، مؤكدا بأنه ملتزم بما أعلنه خلال قراره السابق.
مضيفا البنك الفدرالي بأن اجمالي ما سيتم شراءه من سندات قد يصل إلى 800 - 950 مليار دولار أمريكي بحلول حزيران المقبل، مع العلم أن معدل فترة استحقاق السندات قد تصل إلى ما بين 5 - 6 سنوات، كما أن البنك الفدرالي لا يزال ملتزم بالبرنامج الذي أعلن عنه في آخر اجتماع والذي بلغ 250 - 300 مليار دولار، في حين أن المبلغ الذي سيضخ سيكون 75 مليار دولار جديدة و 35 مليار دولار ضمن البرنامج القديم والذي أشرنا له في الفقرة السابقة، وذلك وفقا لتصريح صدر على هامش القرار والصادر عن البنك الفدرالي لولاية نيويورك والذي أعلن عن تفاصيل عمليات الشراء.
وما علينا عزيزي القارئ إلا أن ننتظر البيانات الصادرة حتى تتمكن الأسواق من تحديد وجهة الاقتصاد الأمريكي وسط تعثر قطاع العمالة الأمريكي، وفي خضم التراجع الذي طرأ على الاقتصاد ككل، وهذا للإجابة على سؤال مهم، ألا وهو إلى أي مدى سيصل نزيف قطاع العمالة؟ حيث أن هذه البيانات ستحرك الأسواق اليوم بحسب الثقة أو القلق الذي سينتاب المستثمرين حال صدورها، الأمر الذي سيتحكم في تداولاتهم.