وقد حققت مؤشرات الأسهم الأمريكية تغيراً طفيفاً في تعاملاتها الآجلة خلال تداولات اليوم قبيل افتتاح الجلسة الأمريكية، حيث ارتفع مؤشر الداو جونز الصناعي بواقع 6 نقاط، أي بنسبة بلغت 0.1%، ليصل إلى 13045 نقطة، في حين انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة أقل من 0.1 بالمئة، ليصل إلى مستويات 1399.9 نقطة، (البيانات مسجلة في تمام الساعة 10:57 صباحاً بتوقيت لندن).
هذا وقد أنهت الأسهم الأمريكية تداولاتها يوم أمس باللون الأحمر بسبب استمرار الشكوك تجاه احتواء أثينا لأزمتها دون الحصول على المزيد من المساعدات، الأمر الذي بدا جلياً في تصريحات وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله يوم أمس، حيث أشار شيوبله إلى أن إعطاء اليونان مزيداً من الوقت أو المال لتطبيق الإصلاحات الهيكلية لن يساعد البلاد على اجتياز المرحلة الراهنة، مما انعكس بشكل سلبي على نفسية المستثمرين الذين يأملون في التوصل إلى حل قريب تجاه احتواء تفاقم أزمة الديون السيادية الأوروبية التي تدخل في عامها الثالث علي التوالي.
علماً بأن تصريحات شيوبله جاءت عقب تصريحات سامارس أمس الأول قبيل لقائه مع رئيس مجموعة وزراء المالية لمنطقة اليورو جان كلود يونكر التي أكدت على أن بلاده تطالب "مزيداً من الوقت" من أجل تطبيق الإصلاحات الهيكلية لأثينا، مشدداً على أن "كل ما نريده هو مزيد من الوقت لالتقاط أنفاسنا كي نتمكن من النهوض بالاقتصاد وزيادة عائدات الدولة. المزيد من الوقت لا يعني تلقائياً المزيد من المال".
هذا وقد أعرب يونكر أمس الأول عن دعمه لليونان شريطة أن تكثف أثينا جهودها للخروج من الأزمة المالية الراهنة، مشيراً لكون قرار منح اليونان مزيداً من الوقت لتحقيق أهداف الميزانية سيتوقف على مراجعة الترويكا لمدى التقدم الذي أحرزته أثينا في الالتزام بشروط حزمة الإنقاذ الأخيرة بقيمة 130 مليار يورو.
ومن ناحية أخرى فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم قراءة طلبيات البضائع المعمرة والخاصة بشهر تموز/يوليو، حيث من المتوقع أن تشهد ارتفاعاً خلال تلك الفترة بنسبة 2.5%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 1.6%، في حين من المتوقع أن ترتفع طلبيات البضائع المعمرة باستثناء المواصلات خلال الفترة ذاتها بنسبة 0.5%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 1.1%.
وتأتي تلك البيانات بعيد يومين اثنين من صدور محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة، والذي أشار إلى أن البنك الفدرالي الأمريكي قد يعلن قريباً عن إقرار خطة تحفيزية جديدة، أو جولة ثالثة من التخفيف الكمي (التيسير الكمي)، في حال استمر الأداء الضعيف للاقتصاد الأمريكي، علماً بأن الاقتصاد الأمريكي تميز في الآونة الأخيرة بإصدار بيانات ضعيفة، وسط تراجع وتيرة الأنشطة الاقتصادية وتباطؤ النمو ضمن الاقتصاد الأكبر في العالم خلال الآونة الأخيرة.
هذا ويعتبر إعلان البنك الفدرالي الأمريكي بمثابة "إعلان تفاؤل" للأسواق، حيث ارتفعت الأسواق المالية عقب إعلان البنك الفدرالي الأمريكي نتيجة إقبال المستثمرين على المخاطرة والأصول والعملات ذات العائد المرتفع إلى جانب السلع الأساسية، في حيت لقي الدولار الأمريكي صفعة حقيقية عقب الإعلان، لا بصفته أحد العملات ذات العائد المتدني فحسب، إلا أن السبب الحقيقي الكامن وراء انخفاض الدولار، هو ابتعاد المستثمرين عنه عقب إعلان الفدرالي الأمريكي، نظراً لكون موضوع إقرار جولة ثالثة من خطط التخفيف الكمي (التيسير الكمي) سيزيد من المعروض النقدي للدولار الأمريكي في الأسواق، مما يقود انخفاضه.
ومن ناحية أخرى فإن موضوع إقرار جولة ثالثة من خطط التخفيف الكمي (التيسير الكمي) يفهم من قبل المستثمرين على أنه ضعف في الاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي يضعف الدولار الأمريكي أيضاً، علماً بأن الأسواق المالية تلقت هذا الخبر يوم أمس الأول بردة فعل عنيفة، على الرغم من تأكيد البنك الفدرالي الأمريكي مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة على أنه يرقب الوضع عن كثب وبأنه سيقر المزيد من الخطط التحفيزية، إذا ما ايتدعت الحاجة إلى ذلك.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن استمرار ضعف أداء الاقتصاد الأمريكي وبكافة قطاعاته، وانخفاض معدلات التضخم في البلاد إلى مستويات متدنية، وبقائه تحت السيطرة، تعد عوامل مناسبة لإقرار جولة ثالثة من السياسة النقدية المسمّاه التيسير الكمي أو التخفيف الكمي، والتي تقضي بضخ المزيد من السيولة النقدية في عجلة الاقتصاد، من خلال طباعة النقد وطرحه في الأسواق.
يذكر بأن التفاؤل الذي خلفه إعلان الفدرالي الأمريكي سرعان ما تلاشى، لتعود الأسواق المالية إلى مراقبة الأوضاع في أوروبا عن كثب، وآخر مستجدات اللقاءات المكوكية التي يعقدها القادة في أوروبا، ولا بد لنا من الأخذ بعين الاعتبار أن جمهور المستثمرين ينتظر بفارغ الصبر نتائج اجتماعات قادة أوروبيين خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيقوم رئيس الوزراء اليوناني ساماراس بزيارة برلين وباريس اليوم وغداً لملاقاة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لمباحثة التطورات الاقتصادية في اليونان.