بغداد، 14 يوليو/تموز (إفي): بحسب تقارير دولية أصبح عدد الايتام في العراق في حدود خمسة ملايين، وبالتالي لا يمكن، كما يرى مراقبون في ظل تردي الظروف المعيشية وانهيار الخدمات والأمن، أن ينظر لأرامل العراق سوى كونهن يسبحن ضد التيار إذا أردن تربية وحماية والصرف على أولادهن.
وتتحدث احصائيات غير مؤكدة رسميا بسبب غياب الاحصاء السكاني وامتناع الدوائر الحكومية عن تقديم جداول خاصة باعداد الارامل ان أعدادهن في العراق بلغت اكثر من مليوني ارملة، نتيجة الحروب وأعمال العنف التي شهدتها البلاد.
ولأن الفقراء هم من يدفعون فاتورة الحرب بشكل أساسي من أرواحهم فهم أيضا من تنعكس نتائجها على أحوالهم، لذلك اظهر تقرير اعده صندوق الامم المتحدة بالتعاون مع وزارة التخطيط العراقية بمناسبة اليوم العالمي للسكان في الشهر الجاري ان 22.9% من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر، اذ إن دخل الفرد الواحد منهم هو 77 الف دينار عراقي في الشهر أي ما يعادل 67 دولارا أمريكيا تقريبا، وأن 16.1% من الفقراء يقطنون في المناطق الحضرية و39.3% في المناطق الريفية.
وفي سياق هذه المأساة الانسانية قالت هيام خليل (38 عاما) لـ(إفي): فقدت زوجي عام 2007 عندما اقتحم منزلنا مسلحون يحملون مسدسات كاتمة الصوت وجثموا على صدره واطلقوا عليه النار امام عيني لتغمر دماءه ملابس أطفالنا النائمين بجوارنا، مؤكدة أنها مازالت تشعر بازمة نفسية كبيرة منذ ذلك اليوم.
وتقول نوال هيثم (35 عاما) انها اضيفت الى قائمة الارامل بعد زواج دام عامين فقد قتل زوجها بانفجار في احدى مناطق محافظة صلاح الدين شمال بغداد، مبينة انها تعكف على تربية ابنها الذي ولد بعد مقتل ابيه، مشيرة إلى أنها تتلقى دعما حكوميا من دائرة الرعاية الاجتماعية لا يغطي جميع نفقاتها لأنه يصل بالكاد لـ145 دولار، وبالتالي فهي تحاول القيام باعمال داخل منزلها كخياطة الملابس لتلبية حاجاتها.
وتشير (أم أحمد) إلى أن جماعة مسلحة اختطفت زوجها قبل نحو ثلاثة اعوام في بغداد وتعرفت على جثته في الطب الشرعي بعد مرور شهرين، لتنضم بعده الى جيش الارامل في العراق، اللواتي يكابدن يوميا بسبب ظروف الحياة فهن يعشن مأساة حقيقية، مابين مطرقة التقاليد وسندان الحياة، خصوصا ممن لديهن اطفال ايتام بحاجة الى رعاية في ظل ضعف الدعم الحكومي، على حد قولها.
وأكدت أنها تبحث عن فرصة عمل لتساعد والدها في تدبير امورها وتلبية حاجات طفليها لارتفاع تكاليف الحياة ومتطلبات الاطفال الكثيرة خصوصا وانهما باشرا دراستهما هذا العام، مشيرة الى ضعف الدعم الحكومي لبرنامج رعاية الارامل والايتام، قائلة "نكابد مأساة حقيقة يوميا".
ويتهم بعض الساسة الحكومة بلعب دور أساسي في انتشار الفقر والفساد وتدني الخدمات الرئيسية، وكان جعفر الموسوي القيادي في حزب الفضيلة قد طالب الحكومة، بتقديم كشف مالي إلى مجلس النواب يوضح وجهة صرف الاموال خلال السنوات الاربع الماضية، مؤكدا ان الحكومة "لم تكن موفقة في صرف الاموال، إذ لم يطرأ تغيير على واقع الخدمات المتردي مقارنة بالاموال الطائلة التي انفقت في سبيل ذلك".
وهذا ما أكده شاكر كتاب القيادي في القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي في تصريحات صحفية الاسبوع الماضي والذي رأى أن الحكومة لم توفق في صرف مبلغ 300 مليار دولار وهي موازنة الاعوام الماضية "فلا يوجد ماء ولا كهرباء ولا خدمات". (إفي)