القاهرة، 8 فبراير/شباط (إفي): في الوقت الذي تسعى فيه السلطات المصرية لتهدئة الاحتجاجات الشعبية التي تدخل اليوم أسبوعها الثالث، عبر تنفيذ خطوات تقول إنها تهدف لتمهيد الطريق أمام الانتقال السلمي للسلطة، لا يزال المتظاهرون المعتصمون في ميدان التحرير، بقلب العاصمة، يصرون على مطلبهم الرئيسي بتنحي الرئيس حسني مبارك.
فمن جانبه، قال نائب الرئيس المصري عمر سليمان إنه عرض على مبارك ما تم التوصل إليه خلال الحوار الذي أجراه خلال الأيام الماضية مع قوى المعارضة والأطياف السياسية المختلفة في البلاد، بما فيها شباب "25 يناير" وجماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف سليمان في مؤتمر صحفي اليوم أن مبارك أبدى ترحيبه بما تم التوصل إليه، مشيرا إلى أن ما تم الاتفاق عليه بشكل مبدئي "يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة"، مشددا على ضرورة مواصلته والانتقال به إلى "خريطة طريق واضحة بجدول زمني محدد" على طريق الانتقال السلمي للسلطة.
وأوضح أن مبارك وقع قرارا جمهوريا بتشكيل اللجنة الدستورية التي ستقوم بالتعديلات الدستورية اللازمة، المتعلقة بنظام الترشح للرئاسة، إلى جانب تشكيل لجنة أخرى تقوم بمتابعة التنفيذ "الأمين" لما تم الاتفاق بشأنه خلال الحوار، مشيرا إلى أن هاتين اللجنتين ستبدآن ممارسة عملهما اعتبارا من اليوم.
وأعلن نائب الرئيس المصري أنه تقرر كذلك تشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في الأحداث التي شهدها ميدان التحرير يوم الأربعاء الماضي، في إشارة إلى المواجهات الدموية التي وقعت عندما حاول مؤيدون لمبارك اقتحام الميدان الذي يعتصم به آلاف من المتظاهرين المعارضين للرئيس، ما أسفر عن مقتل 11 على الأقل وإصابة مئات آخرين.
وقال سليمان إن اللجنة المذكورة ستبدأ عملها خلال الأيام المقبلة بمجرد إتمام تشكيلها، موضحا أنها ستقوم برفع تقاريرها إلى النائب العام لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وأكد سليمان أن الرئيس مبارك تعهد أيضا بعدم ملاحقة الشباب المتظاهرين وعدم التضييق عليهم ومنحهم الحرية في التعبير عن آرائهم.
واختتم سليمان حديثه بالإشارة إلى أن الرئيس كلفه بمواصلة الحوار الوطني وتلقي تقارير اللجان الثلاثة للمضي قدما في إجراءات المرحلة الانتقالية.
وجاء ذلك في الوقت الذي واصل فيه الآلاف التدفق على ميدان التحرير تلبية لدعوة من المعتصمين فيه بتنظيم مظاهرة "مليونية" جديدة لرفع وتيرة الضغط على النظام، يتوقع أن تتزامن معها مسيرات حاشدة في عدة مدن أخرى، في مقدمتها الاسكندرية من أجل المطالبة برحيل الرئيس.
وعلى الرغم من ذلك فقد واصلت مظاهر الحياة العودة الى طبيعتها في العاصمة المصرية، واستأنفت المحال التجارية أنشظتها، بما في ذلك بعض من تلك الموجودة في ميدان التحرير.
ويرى المراقبون ان نجاح المحتجين في تنظيم تظاهرات جديدة مشابهة لتلك التي اجتاحت عدة مدن مصرية منذ بدأت الاحتجاجات في 25 يناير/كانون ثان الماضي سوف يكون بمثابة اختبار لقدرتهم على الاستمرار في الضغط على الحكومة، التي تحاول بدورها تقليص المساحة التي يشغلها المعتصمون منذ نحو اسبوعين في الميدان الذي يقول المعتصمون فيه أنه أصبح "رمزا لثورتهم".
ويشار إلى أن جانبا كبيرا من شباب "25 يناير" أعربوا عن معارضتهم لما تم التوافق بشأنه في جلسات الحوار التي جرت بين سليمان والمعارضة، نظرا لتجاهله مطلبهم الاساسي في رحيل الرئيس مبارك قبل نهاية ولايته الدستورية في سبتمبر/أيلول.
وقالت شخصيات من قوى معارضة، بعضها كان ممثلا في الاجتماع مع سليمان، من بينها الإخوان وحركة "25 يناير"، إنها لن توقف التظاهرات والاحتجاجات قبل رحيل الرئيس، فيما أكد ائتلاف المعتصمون في ميدان التحرير أنهم سوف يستمرون في تنظيم التظاهرات المليونية اليوم والجمعة المقبلة.
ومن جانب آخر، اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي تحتفظ بلاده بعلاقات استراتيجية مع القاهرة، أن المحادثات الجارية لحل الأزمة في مصر تحرز تقدما، في إشارة للحوار بين نائب الرئيس المصري وقوى المعارضة. (إفي)