انقضى الأسبوع الأول من شهر شباط الذي حمل بطياته العديد من البيانات الاقتصادية التي أكدت استمرارية النمو بأداء قطاع الصناعة و الخدمات بمنطقة اليورو و المملكة المتحدة، أما البيانات التي كانت الأسواق تنتظرها بشغف فهي قرارات الفائدة الأوروبية التي أشارت لمواصلة الطريق الذي رسماه البنكيين المركزيين للخروج من الأزمة الائتمانية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
قرر البنك المركزي البريطاني تثبيت سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك، و أعلن عن إيقاف سياسة شراء السندات الحكومية ذات الأمد الطويل بعد ما يقارب عام كما كان مقرر سابقا لتؤكد بداية تجاوب الاقتصاد البريطاني مع المساعي الحكومية لدعم الاقتصاد الذي وقع بأعمق ركود اقتصادي منذ الكساد العظيم.
أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة المرجعي ثابتا عند مستويات 1.0% الأدنى منذ تأسيس البنك، في الوقت الذي تتسلط فيها الأضواء عجز الموازنة العامة في اليونان الذي تتزايد التوقعات بعدم قدرة الحكومة اليونانية على احتوائها، سجل عجز الموازنة باليونان ما نسبته 12.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي و هذا العجز أعلى أربعة مرات لنسبة 3% الذي يعد الحد المسموح من قبل الاتحاد الأوروبي
أشار السيد تريشيه في وقت سابق بأن البنك المركزي الأوروبي سينتظر الاقتصاد الأوروبي لتحقيق توسعا بالنمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع القادم، و توقعات التضخم خلال آذار قبل أن يقرر السحب الكامل لجميع الأدوات التي أقرها البنك، فلقد أوقف البنك القروض ذات أمد 12 شهرا و أقر إيقاف القروض ذات أمد ستة أشهر في أيار القادم.
ارتفعت تكلفة التأمين ضد الخسائر الناجمة عن الديون المعدومة لتسجل أرقام قياسية في كل من البرتغال و اليونان و هذا بدوره يزيد من المخاوف المسيطرة على الأسواق المالية بشأن قدرة الاقتصاد اليوناني على احتواء العجز بالموازنة العامة، لا بد من الإشارة بأن البنك المركزي الأوروبي قد وافق على الخطة المتضمنة الإجراءات الداعمة لتقليص العجز في الموازنة العامة لليونان التي تعد الشبح المسيطر على الأجواء بالوقت الراهن خلال الثلاث سنوات القادمة.
تراجعت الأسهم و السندات الأوروبية عقب حديث السيد تريشيه الذي زاد من القلق المسيطر على الأسواق المالية بشأن تمويل العجز في الموازنة العامة للدول الأوروبية، حيث أكد بأن العجز في الموازنة العامة اليونانية يشكل عبئا على منطقة اليورو كاملة.
جاءت القراءة النهائية لمؤشر مدراء المشتريات الصناعي في ألمانيا خلال شهر كانون الثاني لتظهر تحسنا عند 53.7و هي بذلك أفضل من القراءة السابقة و التوقعات عند 53.4، و هذا ما ينطبق على قراءة المؤشر بمنطقة اليورو الذي سجل 52.4، و كانت بالتالي أفضل من القراءة السابقة المطابقة للتوقعات عند 52.0،و سجل مؤشر مدراء المشتريات الصناعي في بريطانيا ما قيمته 56.7 من السابق 54.6، بنمو القطاع الصناعي في بريطانيا يكون نموا شاملا بقارة الأوروبية مدعوما بتحسن الصادرات بعد أن انخفض كل من الجنيه و اليورو.
نما أداء القطاع الصناعي بمنطقة اليورو نتيجة تحسن مستويات الطلب العالمية على المنتجات الصناعية الأوروبية بعد أن انخفضت قيمة اليورو أمام الدولار الأمريكي دعم الصادرات التي تلعب دورا أساسيا بنمو الاقتصاد الأوروبي عامة و الألماني خاصة و أنه اقتصاد مصدر بالدرجة الأولى.
لم يقتصر النمو بأداء قطاع الصناعة بل امتد لقطاع الخدمات في منطقة اليورو خلال شهر كانون الثاني، حيث ارتفعت مستويات النمو في القطاع لتسجل 52.5 بعد أن سجلت خلال شهر كانون الأول 52.3، إلا أن الموقف كان مختلفا في المملكة المتحدة حيث أظهر مؤشر مدراء المشتريات لقطاع الخدمات تراجع مستويات النمو في القطاع لتسجل 54.5 خلال شهر كانون الثاني، بعد أن بلغت نسبة نمو القطاع 56.5 خلال شهر كانون الأول.
بدأت المنطقة الأوروبية تشهد تطورات ملحوظة بأداء القطاعات الاقتصادية المختلفة منذ الربع الثاني، فلقد تحسنت مستويات الثقة بالاقتصاد بعد ما قدمه البنك المركزي و الحكومة من تخفيضات بأسعار الفائدة و ضخ السيولة للأسواق المالية، و هذا ما انعكس إيجابا على مستويات النمو التي سجلت خلال الربع الرابع نموا بنسبة 0.4%بمنطقة اليورو، 0.1% في المملكة المتحدة.
اختتم الأسبوع بارتفاع أسعار المنتجين في المملكة المتحدة خلال كانون الثاني لتسجل أعلى مستويات منذ عام 2008 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي؛ و جاء ذلك بعد أن صعدت أسعار النفط الخام ،و بعد أن استطاع الاقتصاد البريطاني الخروج من دائرة الركود الاقتصادي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
أن ارتفاع معدلات التضخم في الأراضي الملكية يزيد من سوء الأمور خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة لمستويات 7.9% و توسع العجز في الموازنة العامة فالاقتصاد البريطاني لا يزال ضعيف حيث لم يسجل نموا إلا بنسبة 0.1% خلال الربع الرابع، المخاوف في الوقت الراهن من ارتفاع معدلات التضخم في ضوء مستويات نمو ضعيفة ليؤدي ذلك لوقوع الاقتصاد بمرحلة ركود اقتصادي أسوأ من المرحلة السابقة.