قرر البنك المركزي الأوروبي الحفاظ على أسعار الفائدة ثابتة عند 1.0%، و هو المستوى الأدنى على الإطلاق و الذي يتم الحفاظ عليه منذ أيار 2009. هذا القرار كان متوقعا من قبل غالبية المحللين و المستثمرين و ذلك منذ أن بدأ البنك المركزي الأوروبي بتبني نهج "الانتظار و المتابعة" الذي يختلف عن مبدأ الفدرالي الأمريكي و البنك المركزي الياباني.
انتعاش الاقتصاد الأوروبي في النصف الأول من هذا العام بأفضل مما كان متوقعا متحدية اندلاع الأزمة الائتمانية في المنطقة، إلا أن تراجع اليورو في تلك الفترة و تدخل البنك المركزي لدعم الاقتصاد تمكنوا من تقديم العون لدول العملة الموحدة.
رغم تواجدنا في الربع الرابع و الأخير من هذا العام و الذي نقوم خلاله بتقييم أداء الربع الثالث، إلا أن حالة التعافي في أوروبا ما تزال مستمرة و بشكل أفضل من المتوقع، و أفضل حتى مما تشهده أمريكي و بريطانيا من تعافي. مع ذلك التحديات ما تزال متعددة، لذا فإن النظرة المستقبلية للأداء الاقتصادي ما تزال تحت وطأة عدم الاستقرار الذي يحيط بالاقتصاد العالمي، و إمكانيات تعافي كل من كبرى اقتصاديات العالم. إذ تستمر ألمانيا في مقدمة الدول التي تتصدر قائمة الأفضل نموا.
جوانب أخرى حساسة يتوجب أخذها بعين الاعتبار هي: عدم الاستقرار الاجتماعي و السياسي، السياسات التقشفية الصارمة، ارتفاع البطالة و الأداء الضعيف للقطاع المصرفي. هذه الجوانب تعتبر هامة للبنك المركزي الأوروبي، و قريبا قد تولد القلق بما أنه تبقى اجتماع واحد فقط لهذا العام "المفترض" أن تنتهي معه سياسات التحفيز النقدي المقرر إيقافها في بداية العام المقبل.
سيكون جان كلود تريشيت، رئيس البنك المركزي الأوروبي، مصدرا رئيسيا للقلق هذا اليوم، إذ من المتوقع منه أن يكرر موقفه بشأن سعر الفائدة و ليذكرنا بأنها عند مستوى "مناسب"، و أن الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة على السندات لا يمكن اعتباره كتغير في السياسة النقدية للبلاد.
رغم ذلك نتطلع لأي تغير في هذا الخطاب عن الوضع الاقتصادي الذي اعتدنا عليه، و ربما أن تكون هنالك إمكانية للمزيد من سياسات التخفيف. أسواق السندات دخلت مجددا في دوامة منشأها المخاوف حيال تصاعد ديون مختلف بلدان العملة الموحدة، مما يبقى فرص عدم تمكنها من سداد الديون عالي، و هذا ليس إلا مصدرا إضافيا للقلق.
تعديل قوائم المراكز المالية (الميزانية العمومية) و أزمة الديون السيادية تعتبر نقاط جوهرية بالنسبة لتريشيت و البنك المركزي الأوروبي. إذ بدأنا نشعر ببعض الاختلاف في الآراء بين صانعي السياسات النقدية في البلاد، فمنذ شهر تشرين الأول يقوم تريشيت بالطغي على تصريحات ويبر المؤيدة للسياسة المركزة على التضخم (المحافظة نقديا) من خلال تأييد السياسة المؤيدة للنمو (المتحررة نقديا). حيث أكد تريشيت أنه في حال تطلب الحاجة فإن البنك المركزي الأوروبي سيقوم بإضافة تدابير جديدة من شأنها دعم الانتعاش، فبرأيه، برنامج شراء السندات ما زال ضروريا.
أعلن البنك المركزي الأوروبي يوم الاثنين أنه لم يقم بشراء أية سندات حكومية الأسبوع الماضي، ليكون الأسبوع الثالث له على التوالي من غير الإقبال على شراء السندات. مع ذلك، يرى المشاركين في الأسواق أن البنك المركزي قام بشراء سندات الحكومة الايرلندية يوم الثلاثاء و ذلك بعد أن اتسع الفرق في العائد (spread) بينها و بين السندات الألمانية بنحو قياسي في محاولة لتهدئة السوق.
مع بدء تريشيت بإعطائنا نظرة عما يحصل في أوروبا من خلال التصريح الصحفي له المقرر في الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش، فإن الأسواق ستقوم بالاستعداد لتقييم ما سيقوم بتصريحه و النبرة التي سيقوم باستخدامها، و ذلك بحثا عن أية دلائل حول السياسة النقدية للبلاد أو مستقبل التعافي، و التي من الممكن أن تترك أثرا واضحا على اليورو الذي إما سيسارع في الصعود أو الهبوط في حال أتخذ تريشيت موقفا متساهلا.