من يا ون تشن وديفيد ستانواي
شنغهاي/بكين (رويترز) - قال البنك المركزي الصيني يوم الثلاثاء إن قرار واشنطن تصنيف بكين متلاعبا بالعملة سيلحق "ضررا هائلا بالنظام المالي العالمي وسيسبب فوضى في الأسواق المالية".
وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، في أول رد فعل رسمي للصين على أحدث هجوم أمريكي في الحرب التجارية المتصاعدة على نحو سريع بين الجانبين، إن قرار واشنطن زيادة التوترات بشأن العملة أمس الاثنين سيعرقل أيضا "التعافي الاقتصادي والتجاري العالمي".
وأضاف البنك في بيان منشور على موقعه الإلكتروني أن الصين "لم تستخدم ولن تستخدم سعر الصرف كأداة للتعامل مع النزاعات التجارية".
واستكمل "تنصح الصين الولايات المتحدة بكبح جماح جوادها قبل أن يصل لشفا الهاوية وأن تعي أخطائها وأن تتراجع عن المسار الخاطئ".
جاء الاتهام الأمريكي بعد تراجع حاد لليوان يوم الاثنين وأدى إلى اتساع شقاق بين أكبر اقتصادين في العالم وسحق أي آمال مستمرة بالتوصل لحل سريع لحربهما التجارية الممتدة منذ عام.
واتسع نطاق النزاع بالفعل ليتجاوز الرسوم الجمركية ويصل إلى مجالات أخرى مثل التكنولوجيا، ويحذر محللون من إن الإجراءات الانتقامية المتبادلة قد تتسع في النطاق والشدة مما يضغط أكثر على ثقة الشركات والنمو الاقتصادي العالمي.
كانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت الاثنين أنها قررت لأول مرة منذ عام 1994 تصنيف الصين متلاعبا بالعملة لتنقل النزاع التجاري إلى ما يتجاوز الرسوم الجمركية.
وأشارت الوزارة إلى بيان للمركزي الصيني يوم الاثنين على أنه اعتراف صريح بأن "لديه خبرة واسعة في التلاعب بعملته والبقاء متأهبا للقيام ذلك على أساس مستمر".
*تنفيث عن الغضب
قالت صحيفة جلوبال تايمز الصينية واسعة الانتشار التي تنشرها صحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين إن قرار الولايات المتحدة له دافع سياسي صرف "لتنفث عن غضبها".
وقال هو شي جين رئيس تحرير الصحيفة على تويتر يوم الثلاثاء إن الصين "لم تعد تتوقع نية حسنة من الولايات المتحدة".
يأتي القرار الأمريكي بتصنيف الصين متلاعبا بالعملة بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إعلان صندوق النقد الدولي أن قيمة اليوان تتماشى مع العوامل الاقتصادية الأساسية للصين بينما يزيد الدولار الأمريكي عن قيمته الفعلية بنسبة بين ستة و12 بالمئة.
ويضع القانون الأمريكي ثلاثة معايير لتعريف التلاعب بالعملة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين: امتلاك فائض كبير في ميزان المعاملات الجارية العالمي ووجود فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة والتدخل المستمر من جانب واحد في أسواق الصرف الأجنبي.
وقال البنك المركزي الصيني إن معايير التصنيف لا تنطبق عليه.
وقال تشانغ آن يوان كبير خبراء الاقتصاد لدى تشاينا سيكيورتيز "لا مبرر لأن يخلص الجانب الأمريكي إلى أن هناك تلاعبا بسعر الصرف استنادا لتغير سعر صرف الرينمنبي (اليوان) خلال يوم واحد".
وأضاف أنه بعد التصنيف، من المحتمل أن تقوم واشنطن "بتطبيق إجراءات عقابية تتجاوز الفهم الحالي للوضع".
* خيارات الصين للرد
حذر الإعلام الصيني من أن بكين قد تستغل مكانتها المهيمنة كمُصدر للمعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة كنقطة قوة في النزاع التجاري. وتستخدم هذه المعادن في كل شيء تقريبا من المعدات العسكرية إلى الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية عالية التقنية.
ويقول محللون إن بكين يمكنها أيضا تكثيف الضغط على الشركات الأمريكية العاملة في الصين.
وفي مؤشر آخر على تدهور العلاقات، أعلنت وزارة التجارة الصينية أمس أن شركاتها توقفت عن شراء منتجات زراعية أمريكية ردا على أحدث تهديد من واشنطن بفرض رسوم جمركية.
وقال بنك الشعب الصيني "في النهاية، ستحصد الولايات المتحدة ثمار ما اقترفته يداها".
* تراجع اليوان
قال ثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشات لرويترز يوم الاثنين إن السلطات النقدية الصينية سمحت لليوان بالانخفاض عن مستوى سبعة يوانات مقابل الدولار الذي يحظى بمتابعة وثيقة كي تتمكن الأسواق أخيرا من أن تضع في الحسبان المخاوف المتعلقة بالحرب التجارية وضعف النمو الاقتصادي.
وهوى اليوان 2.7 بالمئة مقابل الدولار على مدى الأيام الثلاثة الفائتة إلى أدنى مستوى في 11 عاما بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ في الأسبوع الماضي بأنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة عشرة بالمئة على واردات صينية قيمتها 300 مليار دولار اعتبارا من الأول من سبتمبر أيلول.
لكنه استقر على ما يبدو يوم الثلاثاء وسط مؤشرات على أن البنك المركزي الصيني قد يكون يبحث وقف هذا التراجع الذي أشعل مخاوف من حرب عملة عالمية.
وتراجع اليوان في المعاملات الخارجية إلى مستوى متدن قياسي بلغ 7.1397 يوان مقابل الدولار يوم الثلاثاء قبل أن يوقف خسائره بعدما قال البنك المركزي الصيني إنه يبيع أذونا مقومة بالدولار في هونج كونج في خطوة يُنظر لها على أنها تهدف لكبح عميات بيع بنظام الاقتراض للعملة.
كما افتتح اليوان معاملاته في الداخل على انخفاض قبل أن يستقر. وعلى الرغم من أن البنك المركزي حدد سعر صرف قياسي صباحي أعلى من المتوقع بقليل فإن اليوان ظل عند أدنى مستوياته منذ مايو أيار عام 2008.
ويصر بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) على أن قيمة اليوان تحددها السوق على الرغم من أنه يواصل إحكام السيطرة ودعم العملة عندما اقتربت من مستويات حساسة في العام المنصرم.
وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إن الحكومة الأمريكية ستتشاور مع صندوق النقد الدولي للقضاء على المنافسة غير العادلة من بكين.
وقالت متحدثة باسم الصندوق إنه ليس لديه أي تعليق في الوقت الراهن.
وبعد تصنيف دولة على أنها متلاعبة بالعملة، يتعين على وزارة الخزانة المطالبة بإجراء محادثات خاصة تهدف لتصحيح أي عملة مقدرة بأقل من قيمتها الفعلية، مع فرض عقوبات مثل الاستبعاد من عقود مشتريات الحكومة الأمريكية.
(إعداد مروة سلام للنشرة العربية - تحرير معتز محمد)