تعتبر المخاطر السياسية أكبر ما يهدد رحلة صناديق الاستثمار فى البحث عن العائد، حيث تؤدى الصراعات إلى انهيارات كبيرة متسارعة وغير متوقعة غالباً فى قيم الأصول خصوصاً أسوق المال.
ولذلك يخفت نشاط صناديق الاستثمار فى الدول النامية حتى الغنى منها بالبترول نظراً إلى تاريخها الطويل المرتبط بالصراعات الجيوسياسية فى منطقة الشرق الاوسط وافريقيا السمراء رغم تحسن ذلك فى الآونة الأخيرة باستثناء دول الربيع العربي.
بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على بنوك روسية ورجال أعمال، مازال المستثمرون يترنحون من تلك الضربة القوية وبدأوا يتساءلون ما هى العواقب التى ستقع على الشركات الروسية على المدى الطويل جراء تصاعد الصراع الجيوسياسي.
وبخلاف المجموعة الأولى من العقوبات الأمريكية التى استهدفت المسئولين الروس، تتضمن المجموعة الثانية من العقوبات رجال أعمال ممن يملكون حصصا فى أكبر الأسهم الروسية.
وعلى الرغم من أن العقوبات تستهدف الأصول التى يسيطر عليها رجال الأعمال يدرس العديد من صناديق الاستثمار الان ما إذا كان بإمكانها تبرير حيازتها لتلك الأسهم التى يعد رجال الأعمال بالنسبة لها قلة من المساهمين.
ويقول مدير محفظة مالية فى إحدى مجموعات إدارة الأصول البريطانية، إن موقف الصندوق واضح بالنسبة لأى شركة تتعامل مع أى شخص مدرج فى قائمة العقوبات، وتضم تلك المجموعة شركة «نوفاتك» الروسية المنتجة للغاز، والمجموعة الإعلامية الروسية «سى تى سى»، وشركة «موستوتريست» لإنشاء الطرق.
وقد شهدت شركة «نوفاتك» تراجعاً فى أسهمها فى بورصة موسكو بنسبة تتجاوز %7، حيث اندرج اسم أحد مساهمى الشركة فى قائمة عقوبات البيت الأبيض، وتراجعت أسهم «سى تى سي» بنسبة %6، فى حين خسرت شركة «موستوتريست» ربع قيمتها منذ تصاعد أزمة أوكرانيا الشهر الماضي.
ويتوقع كريس ويفر، شريك فى شركة ماكرو ادفيسورى ومقرها موسكو، أن تتراجع الأسهم الروسية أكثر بنسبة %10 إذا ما قررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى فرض المزيد من العقوبات على الشركات الروسية بدلا من الأفراد.
وأضاف أن العديد من المستثمرين يترقبون ما إذا سيكون هناك المزيد من عدم الاستقرار مع روسيا بعد الانتخابات الرئاسية فى أوكرانيا نهاية مايو القادم. ومن الجدير بالذكر أنه فى أعقاب الحرب الروسية مع جورجيا التى استمرت خمسة أيام فى أغسطس عام 2008، خسر مؤشر بورصة موسكو ثلث قيمته، مع تفاقم المشكلات الجيوسياسية جراء انقضاض الأزمة العالمية. ولكن الاقتصاد العالمى هذه المرة أفضل حالا، كما أن المستثمرين الغربيين بدأوا فى بيع أسهمهم الروسية قبيل الصراع مع أوكرانيا بشهر تقريبا، أى بخلاف ما حدث عام 2008 عندما سجلت سوق الاوراق المالية الروسى وأسعار البترول مستويات قياسية.
وقال وايفر، إننا قد شهدنا على مدار الاثنى عشر شهراً الماضية صناديق المعاشات تقوم بتصفية استثماراتها فى روسيا حتى قبل أن تبدأ الأزمة.