باتت العقوبات على نحو متزايد الأداة السياسية فى واشنطن لتشكيل سلوك الدول الأخرى فى الوقت الذى تتردد فيه السلطات الأمريكية فى اتخاذ أى إجراء عسكرى، ولكن مع تبنى سياسة العقوبات المالية، تواجه الولايات المتحدة خطر إثارة رد فعل عنيف ضد الدور الذى يلعبه الدولار الأمريكى فى الاقتصاد العالمى فى الوقت الذى يتقلد فيه منافسوه من الدول الناشئة، مثل الصين، دوراً أكبر فى النظام المالى الدولي.
وأطلقت السلطات الأمريكية عنان سلاح قوى لردع البنوك الدولية من محاولة انتهاك القوانين، مع فرض غرامة قياسية على بنك «بى إن بى باريبا» لانتهاكه العقوبات الأمريكية المفروضة على دول مثل كوبا والسودان وايران، ولكن هناك خطراً من أن يقوض الاستخدام المبالغ لهذا السلاح النظام المالى الأمريكي.
وسوف يدفع بنك «بى أن بى باريبا» 8.97 مليار دولار وفقا للتسوية التى أعلنت عنها وزارة العدل الأمريكية يوم الاثنين الماضى، وسيتم أيضا منع البنك من إجراء أى معاملات لتمويل صفقات وعقود دولية بالدولار الأمريكى لمدة عام، ويعتبر «بى إن بى باريبا» أول بنك دولى يواجه مثل هذه العقوبة لتهربه من العقوبات.
وقال مايكل سابين، وزير المالية الفرنسى، إن العقوبة المفروضة على بنك «بى إن بى باريبا» يجب أن تعطى أوروبا، مبرراً للقيام بالمزيد من المعاملات المالية باليورو.
وأوضحت صحيفة الفاينانشيال تايمز أن تفعيل الولايات المتحدة العنيف للعقوبات المالية جاء أيضا فى الوقت الذى تسعى فيه الصين لزيادة استخدام الرينيمبى فى الاستثمار والتجارة الدولية، ما يعد جزءا من خطة البلاد طويلة المدى من أجل منافسة الرينيمبى للدولار الأمريكى، كما دعت روسيا إلى زيادة استخدام العملات الأخرى بدلا من الدولار.
ويرى مسئولو الولايات المتحدة أن هناك خطراً فورياً ضئيلاً على الدولار الأمريكى من أى رد فعل عنيف على العقوبات. ويقول نيل ويلين، وزير الخزانة الأمريكى السابق، إن الولايات المتحدة هى المكان الذى لا يمكن الاستغناء عنه حيث يحتاجه المرء للقيام بأعماله التجارية.
وقد عزز عمق أسواق المال الأمريكية وحجم الاقتصاد الأمريكى ونظام العقود الآجله وسيادة القانون الدور المهيمن للدولار الأمريكي.
وأضاف ويلين أن السلطات الأمريكية يجب أن تظل يقظة بشأن الحفاظ على دور الدولار الأمريكى، ولكن الأسباب الرئيسية وراء كون الدولار العملة الاحتياطية الرئيسية لن تختفي.