من شارلي ديفرو وأيسلين ليانج
مدريد (رويترز) - كان ازدراء الطاهي ذائع الصيت خوسيه أندريس للعراقيل البيروقراطية أحد الأسباب التي جعلت مؤسسته الخيرية تضطلع بمهمة تنسيق الجهود الإنسانية في غزة، لكن المؤسسة وجدت نفسها مضطرة الآن لتعليق أنشطتها بعد أن فقدت سبعة من موظفيها في قصف إسرائيلي.
وسقط موظفو ورلد سنترال كيتشن قتلى حين تعرضت قافلة سياراتهم للقصف بعد وقت قصير من إشرافهم على تفريغ 100 طن من المواد الغذائية التي جاءت إلى غزة عن طريق البحر.
وبدأت مؤسسة ورلد سنترال كيتشن الشهر الماضي نقل مساعدات غذائية للأشخاص الذين يكابدون الجوع في شمال غزة عبر ممر بحري من قبرص، بالتعاون مع منظمة أوبن آرمز الخيرية الإسبانية.
وجاء قرار ورلد سنترال كيتشن بعد رفض إسرائيل السماح لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بتوصيل الغذاء إلى شمال غزة عقب مزاعم تفيد بضلوع بعض موظفي الوكالة في الهجوم الذي شنه مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول على جنوب إسرائيل.
وقال أوسكار كامبس، مدير منظمة أوبن آرمز في مقابلةأجرتها معه رويترز، إن الطريق البحري بين قبرص وغزة مفتوح منذ 20 ديسمبر كانون الأول لكن لم تستخدمه أي منظمة.
وأضاف أنهم أقاموا رصيفا مؤقتا من الأنقاض وأفرغوا المساعدات على بعد أمتار قليلة من مناطق القصف وسط تحذيرات من إسرائيل بأنها لا تستطيع ضمان أمنهم.
وقال أندريس، وهو إسباني أمريكي، على منصة إكس إنه قرر المشاركة في توصيل المساعدات القادمة عبر البحر بعد دعوة من الحكومة القبرصية على أمل أن يحذو مقدمو المساعدات الآخرون حذوه.
وقال في 26 مارس آذار إن 67 مطبخا من ورلد سنترال كيتشن تعمل في غزة وتطعم 350 ألف شخص يوميا. وتوقفت العمليات الآن بعد القصف الإسرائيلي على قافلة ورلد سنترال كيتشن.
في وقت سابق من الصراع، تعاونت ورلد سنترال كيتشن مع المطاعم والمستشفيات في إسرائيل لإطعام النازحين أو المصابين بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ثم تحولت في فبراير شباط إلى المساعدة في إنزال المساعدات جوا للفلسطينيين في غزة.
وقال أندريس يوم الثلاثاء إن قلبه انفطر حزنا على عائلات وأصدقاء الموظفين السبعة في المنظمة الخيرية الذين قتلهم القصف الإسرائيلي. وكان من بين القتلى مواطنون من أستراليا وبريطانيا وبولندا بالإضافة إلى فلسطينيين ومواطن يحمل جنسيتي الولايات المتحدة وكندا.
وتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن مع أندريس معزيا. وقالت كارين جان بيير المتحدثة باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحفي إن بايدن أبلغ أندريس أيضا بأنه سيوضح لإسرائيل أنه يتعين حماية العاملين في مجال الإغاثة.
* "التكيف"
أسس أندريس مؤسسة ورلد سنترال كيتشن في 2010 بعدما سافر إلى هايتي لتقديم المساعدة عقب زلزال أودى بحياة ما يزيد على 300 ألف شخص، وسرعان ما أصبحت المنظمة أحد أبرز مقدمي مساعدات الطوارئ في مواقع الكوارث الطبيعية أو الصراعات البشرية.
وتصف المؤسسة غير الحكومية نفسها بأنها "السباقة إلى الخطوط الأمامية" مستخدمة نهجا يتسم "بالريادة والتكيف يهدف إلى إطعام الأشخاص على وجه السرعة وليس طلب الإذن أو اتباع الأنظمة والبيروقراطية التي تفتقر إلى الاستعجال والمرونة".
وقال أندريس للنسخة التي تصدر باللغة الإسبانية من مجلة فانيتي فير في مقابلة أجريت معه في الآونة الأخيرة "حينما يكون الآخرون في مرحلة تقييم للوضع، نكون نحن قد قدمنا الطعام بالفعل، وخلال العملية نعلم ما الذي يجري، وليس العكس".
وتقول المؤسسة إنها دخلت أوكرانيا بعد خمسة أيام من الغزو الروسي في فبراير شباط 2022 وأقامت مطاعم في خمس مدن.
وُلد أندريس عام 1969 في بلدة تعمل في استخراج الفحم في منطقة أستورياس شمال إسبانيا، وعمل متدربا في مطعم (إل بولي) التجريبي المملوك لفيران أدريا قرب برشلونة ثم انتقل إلى الولايات المتحدة في 1991 حيث أنشأ مطعمه (جاليو) لتقديم وجبة التاباس الإسبانية.
وتملك شركته (ثينك فود جروب) أكثر من 20 مطعما منها مطعم حائز على نجمتي ميشلان.
وأقام أندريس علاقات مع بعض أكثر الشخصيات نفوذا في الولايات المتحدة، وتلقى تبرعات بقيمة 100 مليون دولار من جيف بيزوس مؤسس أمازون (NASDAQ:AMZN) في 2021 وكوّن صداقة مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
ومنحت حكومة أوباما في 2014 لقب "أبرز أمريكي بالاختيار" لأندريس، وهي جائزة تُمنح لمواطنين من دول أخرى حصلوا على الجنسية الأمريكية وحققوا إنجازات استثنائية، ثم منحته الحكومة في 2015 القلادة الوطنية للعلوم الإنسانية.
وكانت علاقة أندريس بدونالد ترامب الذي خلف أوباما في الرئاسة أقل وُدا.
وألغى أندريس خططا لإقامة مطعم في فندق مملوك لترامب في واشنطن بعد تعليقات للمرشح الرئاسي آنذاك عن المكسيكيين إذ وصفهم بأنهم "مغتصبون" و "قتلة". وأقام ترامب دعوى قضائية على أندريس لمخالفته بنود التعاقد لكنهما توصلا إلى تسوية في عام 2017.
(إعداد محمد حرفوش ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)